ثمة شائعة.. أو ربما تكون حقيقة ليس ثمة ما يؤكد ذلك تقول إن وثيقة قدمها برنارد لويس ونوقشت سرًا في الكونجرس عام 1981.. رسمت خطة لتقسيم 18 دولة عربية على أسس مذهبية وعرقية. انتشر هذا الادعاء على نطاق واسع بعد الربيع العربي، ودلفت إلى أدبيات قوى الثورة المضادة، بعد احتجاجات 30 يونيو والإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي.. وتجلياتها التحريضية ضد ثورة 25 يناير، واعتبارها مؤامرة أمريكية في سياق خططها الرامية إلى إنجاز توصية برنارد لويس لتقسيم مصر!! ذات الكلام روجت له ميكنة الإعلام البعثي في سوريا، لتقديم الثورة السورية في صورة المؤامرة لتفكيك الجيش وتقسيم سوريا إلى دويلات على أسس طائفية.. وأن بشار الأسد يذبح شعبه من أجل وحدة سوريا ضد مخططات برنارد لويس. اللافت أن كل من تصدى لشرح وثيقة التقسيم المنسوبة إلى لويس يتحدث عن سريتها.. وأنها نوقشت سرًا في الكونجرس.. ولم يعلن عنها رسميًا!! فإذا كانت سرية إلى هذا الحد، فكيف اطّلع عليها الباحثون وعوام الناس.. وكل من أسس عليها نظرية تقسيم العالم العربي؟! سؤال مشروع.. ولكن بعيدًا عن تحقيق صحة الوثيقة، فإن الخطاب الرسمي العربي يعتبر "داعش" أداة أمريكية لإنجاز مشروع التقسيم، وبالتصور الذي قدمه برنارد لويس.. ما يطرح سؤالاً آخر.. إذا كانت واشنطن صنعت "داعش" لتقسيم العراقوسوريا.. فلم قررت الآن محاربته وتوحيد العالم لتوجيه ضربة عسكرية تنهي وجوده خلال الأسابيع القليلة القادمة؟!.. وبمعنى آخر، الإدارة الأمريكية مع تقسيم المنطقة.. أم ضد تقسيمها، وتريد الحفاظ على الحدود السياسية للعراق وسوريا على ذات الخطوط التي أقرتها اتفاقية سايكس بيكو؟! الحشد العسكري ضد "داعش" الذي أسس دولة جديدة على أراض شاسعة من العراقوسوريا.. ليضيف دولة سنية غرب الفرات، بالتوازي مع كردستان بالشمال ودولة شيعستان في الجنوب.. يعني أن واشنطن ضد التقسيم، وضد إنهاء الحدود السياسية التي ورثها العالم العربي من الحرب العالمية الأولى.. وإلا تركت "داعش" ليعمل آلياته التي يبدو أنها تنجز مخطط برنارد لويس المزعوم بنجاح مذهل! ولم يُعدْ طرح السؤال بشكل مختلف: من الذي قسم سوريا.. بشار أم برنارد لويس؟!.. ومن الذي قسم العراق.. المالكي أم داعش؟! ومن قسم ليبيا.. القذافي أم الجماعات المسلحة؟! أعتقد أن فزاعة برنارد لويس تستخدم لإعادة غسيل سمعة الطغاة والديكتاتوريات الدموية الفاسدة في العالم العربي.. للإيحاء بأن وجودهم كان مهمًا للحفاظ على وحدة البلاد.. فيما هم المجرمون الحقيقيون الذين قسموها وأضاعوها وسفكوا دماء شعوبها وهتكوا أعراض نسائها وقتلوا أطفالها بالأسلحة الكيميائية وبالبراميل المتفجرة. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.