يصادف اليوم ذكرى رحيل الأديب الكبير نجيب محفوظ، الذي رحل عن عالمنا في 30 أغسطس من عام 2006 أي منذ ثمان سنوات، تعرضت فيها سيرته خلالها إلى كثير من اللغط، ومحاولات للتشويه، ومحفوظ هو أول عربي حائز على جائزة نوبل في الأدب، وقد كتب نجيب محفوظ منذ بداية الأربعينيات واستمر حتى 2004. وتدور أحداث جميع رواياته في مصر، وتعد الحارة هي المحور المهم فيها. وُلد نجيب محفوظ عبد العزيز إبراهيم أحمد الباشا في حي الجمالية بالقاهرة، والده الذي كان موظفاً لم يقرأ كتاباً في حياته بعد القرآن غير حديث عيسى بن هشام لأن كاتبه المويلحي كان صديقاً له،وفاطمة مصطفى قشيشة، ابنة الشيخ مصطفى قشيشة من علماء الأزهر،وكان نجيب محفوظ أصغر إخوته، ولأن الفرق بينه وبين أقرب إخوته سناً إليه كان عشر سنواتٍ فقد عومل كأنه طفلٌ وحيد، كان عمره 7 أعوامٍ حين قامت ثورة 1919 التي أثرت فيه وتذكرها فيما بعد في بين القصرين أول أجزاء ثلاثيته، و التحق محفوظ بجامعة القاهرة في 1930 وحصل على ليسانس الفلسفة، شرع بعدها في إعداد رسالة الماجستير عن الجمال في الفلسفة الإسلامية ثم غير رأيه وقرر التركيز على الأدب. ومن أشهر أعماله الثلاثية وأولاد حارتنا التي مُنعت من النشر في مصر منذ صدورها وحتى وقتٍ قريب، كما أنها كانت السبب المباشر في التحريض على محاولة اغتياله، واتهامه بالكفر والإلحاد من قبل بعض رموز الأزهر، ويعد محفوظ أكثر أديبٍ عربي حولت أعماله إلى السينما والتليفزيون. بدأ نجيب محفوظ الكتابة في منتصف الثلاثينيات، وكان ينشر قصصه القصيرة في مجلة الرسالة في 1939، نشر روايته الأولى عبث الأقدار التي تقدم مفهومه عن الواقعية التاريخية، ثم نشر كفاح طيبة ورادوبيس منهياً ثلاثية تاريخية في زمن الفراعنة، وبدءاً من 1945 بدأ نجيب محفوظ خطه الروائي الواقعي الذي حافظ عليه في معظم مسيرته الأدبية برواية القاهرة الجديدة، ثم خان الخليلي وزقاق المدق، جرب نجيب محفوظ الواقعية النفسية في رواية السراب، ثم عاد إلى الواقعية الاجتماعية مع بداية ونهاية وثلاثية القاهرة. وعرفت كتابات محفوظ طريقها إلى الترجمة العالمية مع "زقاق المدق" التى ترجمت إلى أكثر من لغة عام 1970 ، ثم توالت ترجمات أعماله بعد ذلك إلى العديد من اللغات باعتباره روائى متفرد راصد للمجتمع المصرى، حيث بلغت أعماله أكثر من خمسين رواية ومجموعة وهذه الترجمات كانت السبيل لحصوله على جائزة نوبل عام 1988. وبالحديث عن نوبل، فمن المعروف أن نجيب محفوظ نفسه لم يكن يصدق أن سيفوز بتلك الدورة في عام 1988 من الجائزة، ذلك وإن كان قد تكرر اسمه مرات عديدة في لائحتها القصيرة، حيث كان يعتبر تلك الخطوة عندما تحدث– تضمن القائمة القصيرة لاسمه- ليست مكافأة أو تكريمًا له عن أعماله الأدبية، وهو ما جعله يسخر من زوجته عندما أيقظته من نومه في عصر الخميس 13 أكتوبر 1988، لتخبره أنهم اتصلوا به لينبئوه عن فوزه بالجائزة، حيث لم يكن يعرف أنه مرشحًا في تلك الدورة أصلاً، ويقول: "جائزة نوبل لم تكن متوقعة، وقد ظللت أقول لزوجتي التي أخبرتني بنبأها أن تكف عن المزاح، وفجأة رن الهاتف وكان المتحدث هو محمد باشا مدير تحرير الأهرام، الذي بادرني بالتهنئة: مبروك عليك الجائزة، جلست ما بين مصدق ومكذب، فهل فزت حقًا بجائزة نوبل؟ وقبل أن ألتقط أنفاسي رن جرس الباب" بحسب ما ذكرت وكالة "أونا". تُوفي نجيب محفوظ في بداية 30 أغسطس 2006 إثر قرحة نازفة بعد عشرين يوماً من دخوله مستشفى الشرطة في حي العجوزة في محافظة الجيزة لإصابته بمشكلات صحية في الرئة والكليتين. وكان قبلها قد دخل المستشفى في يوليو من العام ذاته لإصابته بجرح غائر في الرأس إثر سقوطه في الشارع. رحم الله، أديبنا العاشق، المحب الذي كان رغم قانونه الحياتي الصارم، مخاويًا للعفاريت، التي تسوقه بين الحين والأخر إلى ضحكة أو لذة عابرة أو أصيلة، كانت هي الأساس التي تطلق أعماله التي عرفها قراؤه جميعهم.