فى خضم الحرب الإعلامية الضروس الدائرة ضد الاسلاميين بكافة فصائلهم والتى يتبارى فيها العلمانيون من خلال سيطرتهم على معظم وسائل الاعلام فى استعراض عضلاتهم على الاسلاميين ويتصيدون لهم بفجاجة كل شاردة وواردة تتكشف لنا يوما بعد يوم وجوه جديدة وكثيرة للعلمانيين فى مصر. فهناك وجه الإستعلاء على الشعب المصرى والتهوين من شأنه ومن عقليته فمن قائل أن الشعب قد تم خداعه وساقه الاسلاميون تحت راية دخول الجنة كى يصوت ب (نعم) فى الاستفتاء و آخر يجزم أنه يمكن شراء الاصوات فى الانتخابات القادمة وأن هذا الشعب لايزال حديث عهد بالديمقراطية ولا يؤتمن على اختيار ممثليه فى البرلمان وأن الالتزام بنتائج الاستفتاء ليس بضرورة فالشرعية تستمد من بضع آلاف فى التحرير ولا تستمد من 14مليون مواطن وافقوا على التعديلات الدستورية الا ان وجه الاستعلاء النخبوى الزائف على الشعب صاحب الثورة وصانعها الحقيقى والتسفيه من شأنه ظهر بفجاجة فى تصريحات القاضية الناصرية (تهانى الجبالى) فيما أسموه (مؤتمر مصر الأول) حينما دعت لان يكون صوت الأمى يمثل نصف صوت المتعلم ! وهو أمر لم يفكر الصهاينة فى فعله مع عرب 1948 ونحمد الله انها لم تطالب بنزع الجنسية عن الأميين المصريين . وهناك وجه الحط من شأن الدين والهوية الاسلامية لمصر فللمثال لا الحصر صرح د.عمرو حمزاوى فى برنامج (تحت المجهر) فى (الجزيرة) انه لا يجوز ان يقال أن دين الدولة هو الاسلام فالدولة لا دين لها ( وهو عكس ما قاله فى مناظراته مع صبحى صالح وعصام سلطان ) وكان قد صرح بأنه فى الدولة المدنية التى ينشدها لا مانع من زواج المسلمة من مسيحى (القاهرة اليوم) ويقول د. عماد جاد (مركز الاهرام للدراسات) إن الغاء المادة الثانية قادم لا محالة لانها متعارضة مع المواطنة ولكن لا يجب اظهار هذا التوجه الآن (مقابلة مع احدى القنوات المسيحية) ثم ظهر المثال البين لموقف كثير منهم من الاسلام حينما قال د.خالد منتصر (العدو الأول للاعجاز العلمى فى القران والسنة ) فى حلقة العاشرة مساء 29مايو (ما دخل الله بالسياسة) وهو اصدق تعبير عن رغبتهم فى اقصاء الاسلام من التشريع بل واقصاءه من حياة الناس ان أمكن لهم ذلك. وظهر لنا ايضا وجه التضليل الاعلامى المتعمد فرغم ان العلمانية بطبعها براجماتية نفعية وبالتالى فشعار العلمانيين المفضل (الغاية تبرر الوسيلة) الا أن الجرأة على الكذب لدى علمانيينا تفوق نظرائهم فى باقى دول العالم فنجد الكثير منهم يدعى انه كان معارضاً لمبارك لا يشق له غبار وجلهم كانوا حلفاء النظام المستبد وترى معظمهم ينكر دور الاسلاميين فى نجاح ثورة الشعب المصرى ويدعون انهم نزلوا الشارع بعد اندحار الأمن يوم 29 يناير بينما يعلم المتابعون ان الاسلاميين كانوا وقود جمعة الغضب 28 يناير والا فلماذا اعتقل 34 من قادة الاخوان المسلمين مساء الخميس 27 يناير ولم يعتقل غيرهم؟ كما اتهموا الاسلاميين انهم أفتوا بان (نعم) فى الاستفتاء واجب شرعى ولم يأتوا بتسجيل واحد لأى داعية يقول بذلك ولم يجدوا ضالتهم الا فى لافتة تم تعليقها بالاسكندرية ولم يتم تعليق غيرها فى كافة انحاء مصر واتخذوها ذريعة للاتهام الذى تم نفيه كثيرا ورغم ذلك مازالوا يكررونه حتى اليوم. وقد رأينا اخيراً إثر جمعة 27 مايو كيف أدعوا ان 5 ملايين متظاهر نزلوا فى كافة انحاء مصر للمطالبة بالدستور اولا وان التحرير وحده كان به مليون متظاهر بينما اكدت كل التقارير المحايدة (الجزيرة – العربية – صحيفة الحياة اللدنية) أن العدد فى التحرير لم يزد عن المائة ألف وانه لم يتم الاتفاق على المطالبة بانشاء الدستور قبل الانتخابات كمطلب اساسى للتظاهرة وقد اتخذوا من ذلك التدليس حجة لتصوير ان الشرعية الثورية تخطت نتائج الاستفتاء ولا بد من تأسيس الدستور أولاً وتأجيل الانتخابات البرلمانية بل وطالبوا المجلس العسكرى بتخطى نتائج الاستفتاء الشعبى الحر استجابة لتلك التظاهرة! ويستمر التضليل فى الادعاء عبر الكثير من وسائل الاعلام بوجود صفقة بين المجلس العسكرى والاسلاميين لأن الطرفين يحترمان الارادة الشعبية التى اعتمدت مسار نقل السلطة الواضح فى الاستفتاء وهم يستدلون على ذلك باختيار فرد واحد من الاخوان المسلمين (ا.صبحى صالح) عضوا فى لجنة تعديل الدستور ويتناسون أنه لم يوجد اى اسلامى لا فى التشكيل الوزارى لا فى تشكيلات المحافظين ولا رؤساء الجامعات ولا فى السلك الدبلوماسى ولا فى رؤساء تحرير المجلات والصحف ولا فى مجلس امناء الاذاعة والتليفزيون بل ان تشكيل المجلس القومى لحقوق الانسان (25 فرد) خلا من اى حقوقى او مفكر اسلامى وامتلأ بمثقفى حظيرة فاروق حسنى رغم ان الاسلاميين اصحاب نصيب الأسد من البطش واهدار كرامة الانسان فى عهد المخلوع . والحقيقة انهم منزعجون أن المجلس العسكرى لا يحارب الاسلاميين ولا يقصيهم ولا يسلط الاعلام الرسمى للدولة عليهم ويسمح لهم بالحركة فى المجتمع كغيرهم من الفصائل السياسية (وهى نفس التهمة التى لم يسامحوا السادات عليها حتى الآن) وتلك عندهم كبيرة فالأصل هو البطش بالاتجاه الاسلامى ومحاربته بكل السبل فذلك هو الجو الذى ترعرع فيه هؤلاء وصاروا (موالاة أومعارضة كارتونية) نخبة مصنوعة على عين النظام وأمن دولته البائد . أما الوجه الصادم فهو وجه البلطجة والحمق فى آن واحد فقد صرح (كمال خليل) أحد مؤسسى حزب العمال الاشتراكى فى افتتاح مؤتمر "أيام اشتراكية" الخامس بنقابة الصحفيين (أن الاشتراكيين سيدافعون عن قيام الدولة المدنية حتى ولو اضطروا إلى حمل السلاح فلكل ثورة أعداء يجب أن نتصدى لهم، وفى مقدمتهم كل التيارات الإسلامية من إخوان وجماعات سلفية وجماعات إسلامية، والذين يدعون تأييدهم للدولة المدنية إلا أنهم فى الأصل لن يؤيدوا إلا الدولة الدينية التى إذا قامت ستكون أكبر هزيمة للثورة الشعبية) أى انهم مستعدون لاشعال حرب أهلية فى مصر للحفاظ على علمانية الدولة المزعومة فهل هناك حمق أكثر من هذا ؟ والأدهى ان الذين صدعونا فى الفضائيات والصحف الخاصة بغزوة الصناديق السلفية الافتراضية لم يفتح الله عليهم ببنت شفة فى نقد وتفنيد الدعوة الاشتراكية للحرب الأهلية فقد أصابهم ازاءها العمى والصمم الدائم رغم أن التصريح علنى ونقلته صحفهم وفضائياتهم. ونختم بوجه الاستغفال فهم يتصورون الشعب ابلهاً قابلا للخداع فالساسة والاعلاميين منهم قادرون فى نفس الجلسة على قول الشىء ونقيضه فمثلا تراهم يجمعون على الدعوة لتأجيل الانتخابات لاتاحة الفرصة للشباب والقوى العلمانية للانتشار فى المجتمع خوفا من سيطرة الاخوان وفلول الوطنى وفى ذات الوقت يصرحون أن نتيجة الاستفتاء لا تعنى مطلقا ميل الشعب للتيار الاسلامى وأنه فى أى انتخابات قادمة لن تزيد نسبة الاسلاميين فى البرلمان على 20% (دويتو ضياء رشوان – منى الشاذلى حلقة 20 مارس2011) والرأيان فى نفس الحلقة فأيهما نصدق؟ ويتكرر الأمر بعد جمعة27 مايو فيصرحون ان الشعب خرج بمليونية استجابة لهم فالشارع ملكا لهم إذن و(طز فى الاسلاميين)(نصاً من مقال محمد امين – المصرى اليوم 29 مايو) وفى ذات الوقت يصرون على ابتزاز المجلس العسكرى لتأجيل الانتخابات كى لا يسيطر عليها التيار الاسلامى ! ورأينا كل الاعلاميين المشهورين (الشاذلى – فودة – ريم ماجد – أديب وغيرهم) قد أصيبوا بعسر الفهم لعدة أيام قبل الاستفتاء فراحوا يؤكدون أن التعديلات الدستورية لا تلزم البرلمان بتأسيس دستور جديد فكانوا يقرأون المادة 189 ويستغفلون المشاهدين فلا يقرأون 189 مكرر التى تنص صراحة (يجتمع الاعضاء غير المعينين لأول مجلسى شعب وشورى تاليين لاعلان نتيجة الاستفتاء على تعديل الدستور لاختيار الجمعية التأسيسية المنوط بها اعداد مشروع الدستور الجديد خلال سته أشهر من انتخابهم) ورغم توضيح المستشار البشرى وباقى اعضاء اللجنة مرارا وتكرارا ان المادة ملزمة وانه لا يجب انتخاب رئيس يضع الدستور قبل البرلمان كى لا نصنع فرعونا جديدا ظل اولئك يرددون ليلة بعد أخرى نفس الفرية بالتزامن مع حملة (لا لبقاء دستور 71) بل قالتها ( منى الشاذلى) وكررها (يسرى فودة) صراحة أنهم غير قادربن على الفهم! إلا أن ثلاثة الأثافى فى منهج الاستغفال العلمانى أن يخرج علينا ابراهيم عيسى مساء2 يونيو ليثير الأمر من جديد فيزعم أن المادة60 من الاعلان الدستورى قد خالفت نتيجة الاستفتاء لانها تدعو لتشكيل لجنة المائة من اعضاء البرلمان المنتخبين دون وجود رئيس للجمهورية طبقا للمادة 189وبالتالى فقد خالف الاعلان نتائج الاستفتاء فلماذا لا نشكل الدستور وننتخب الرئيس أولاً وننسى الاستفتاء؟ وهذا يعد قمة فى الاستغفال للجمهور فقد تجاهل المادة 189 مكرر وتناسى أن المجلس العسكرى يمثل صلاحيات رئيس الجمهورية وتعامى عن كل ذاك الجدل حول تلك المواد قبل الاستفتاء و أن القاصى والدانى يعرف أن قبول التعديلات كان يعنى البرلمان والدستور اولاً قبل انتخابات الرئاسة ونحن نريد أن نسأل المناضل ابراهيم عيسى ألا تعرف نص المادة 189 مكرر ومعناها فاذا كنت تعرف فتلك مصيبة أن تستغبى وتستغفل مشاهديك وان كنت لا تعرف فالمصيبة أنكى وأعظم ولله فى خلقه شئون.