إن هناك تخوفا في إدارة تل أبيب من تنامي دور مصر وظهور قوتها السياسية والعسكرية والاقتصادية، خاصة بعد ثورة 25 يناير وأنها على مشارف ديمقراطية حقيقية، ولكن ليس الخوف يأتي من إسرائيل وحدها بل أيضا من قبل أمريكا، وذلك بعد أن طرح في الكونجرس الأمريكي في 13 أبريل من الشهر المنصرم دراسة من "معهد واشنطن لدراسات الشرق الادني"*- الذراع البحثية لمنظمات إيباك، كبرى منظمات اللوبي الصهيوني في أمريكا- تحذر أعضائه من صعود الحركات الإسلامية المختلفة في مصر بعد ثورة 25 يناير، ووصفتهم بانهم يهددون مصالح وسياسات أمريكا في المنطقة والغرب أيضًا، ودعت إلى تقزيم مصر في حالة صعود أي قوة إسلامية سياسية على سدة الحكم تناهض سياسة أمريكا وإسرائيل في المنطقة، وذلك باستخدام كافة الطرق والسبل، أما في حالة أن هذه القوة الإسلامية اذا سنحت لها الفرصة فلابد أن تتوائم مع سياسة تل أبيب والمصالح الأمريكية في المنطقة. وكما تريد تل أبيب من الإدارة الأمريكية ايضاح موقف واشنطن من أي قوي سياسية في مصر تصل إلى سدة الحكم بأن تكون من مواصفاتها تحقيق الالتزامات الدولية بما في ذلك حرية الملاحة في قناة السويس، والسلام مع إسرائيل، والتوافق معها في بعض القضايا مثل: بيع الغاز لإسرائيل والمناطق التجارية الحرة مع إسرائيل وسياسة مصر تجاه غزة، وتوسيع السلام في المنطقة ليشمل دولا أخرى. ومن هنا جاءت تحركات إسرائيل على عدة محاور :. المحور الاقتصادي والأمنى: 1- وهو زيادة قوتها الاقتصادية في أفريقيا، وضغوطها على دول حوض النيل، وخاصة إثيوبيا في زيادة مشاريعها الاقتصادية وبناء السدود، بل قامت بتكثيف كافة تواجدها داخل نطاق حوض النيل بعد زيارات الوفود المصرية الأخيرة، حتى تمارس ضغط سياسي على مصر عبر الأمن المائى. 2- الدعوة إلى مساعدة مصر اقتصادية ودعمها ماليًا والتنازل عن الديون من خلال استجابات البنك الدولى وصندوق النقد الدولي، وكذلك الإدارة الأمريكية والشركات الأمريكية الصهيونية المالية حتى تخرج مصر من هذه الكبوة الاقتصادية وتحقق توافق مالى واقتصادي في ظل هذه الظروف الصعبة، ولكن لأن يتحقق ذلك بدون توافق القوي السياسية الجديدة في سدة حكم مصر مع المصالح الإسرائيلية والأمريكية في المنطقة. المحور الإعلامي : 1- إن يمارس اللوبي الصهيونى حملاته الإعلامية للتشويه على كافة الجماعات الإسلامية في مصر بما فيهم جماعة الأخوان المسلمين، وبأن مصر على مشارف دولة ثيوقراطية دينية، وسوف تطضهد فيها الأقليات الدينية الأخري وكذلك العلمانيين، وأن مصر ستكون إيران أخري، وسيضخ اللوبي أبواقه الإعلامية في أمريكا، وخاصة عند الجالية المصرية بأثارة الإشاعات والبلبة حول ما يقترفوه الإسلاميون من جرائم ، وتستدل على ذلك بالنظر إلى تاريخ الاخوان المسلمين والسلفين في مصر دورهم في زعزعة استقرار البلاد وامنها من عمليات ارهابية وقتل وتخريب وكذلك الهجوم على المسيحيين والاجانب، وتزعم بأن المصريين يتباكوا على حكم الرئيس "مبارك" السابق المخلوع. المحور السياسي: 1- وقد أوصى "ساتلوف" مدير معهد واشنطن في أطروحته على أعضاء الكونجرس بأنه "يجب على الإدارة الأمريكية ان تنخرط بشكل سري في حث المجلس العسكري المصري للاعراب عن مخاوفها من اتخاذ المجلس العسكري قرارات فنية في صياغة عملية انتخابية قادمة قد تمهد دون قصد لاهداف جماعة الاخوان المسلمين السياسية"، كما طالب واشنطن بالضغط السياسي على المجلس العسكري المصري لتحريضه على تحجيم الحركات الإسلامية قبيل الانتخابات القادمة، وكذلك امداده بأى معلومات استخباراتية عن تمويل خارجي لهذه الحركات الاسلامية بما فيها جماعة الاخوان المسلمين ، بأنها تههد أمن مصر الداخلي. وفي النهاية أن إسرائيل تخشي من تنامي قوة الإسلام والاسلاميين في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة أن في تلك الفترة تصاعد قوة الإسلاميين في اغلب الحكومات الإسلامية، وهذا يمثل تهديد صريح على المصالح الإسرائيلية والأمريكية، لأنهما في سابق الحكومات العربية أو الإسلامية السابقة كانت سياستهم تتوائم مع مصالح الحكام على حساب مصالح الشعوب، وبالتالي كان على هذه الشعوب أن تعيش في تبعية اقتصادية وتخلف حضاري وعلمي وثقافي ، اما غذا الحكومات جاءت عن طرق شعوبها سواء علمانية ليبرالية او غير ذلك فلابد من هذه الحومات ات تحقق مصلحة شعبها في القام الأول لأنه اصبح صاحب السلطات هو الذي يولي ويعزل، وبالتالي هذا ما تخشاه إسرائيل من ديمقراطية العالم العربي. * - يذكر ان معهد واشنطن لدراسات الشرق الادنى يرتبط بقوة ب"مركز جافي للدراسات الإستراتيجية في جامعة تل أبيب" من خلال فريق العمل المتشابك والتبادلات بين المركزين. وقد رأس هذا المركز لفترة طويلة الجنرال "أهارون ياريف" الذي شغل سابقا منصب وزير في الحكومة الإسرائيلية، كما عمل رئيسًا للاستخبارات الإسرائيلية، وتوفي عام 1994، والذي قام بقتل بعض الأسري المصريين في حرب 1967