تعيين الدكتور محمد عدوي نائبًا لرئيس جامعة أسيوط لشئون خدمة المجتمع    أخبار كفر الشيخ اليوم.. الأمن ينجح في فك لغز الحرائق بقرية عقلة القبلية بسيدي سالم    القومي لعلوم البحار يشارك في COP30 للمرة الرابعة على التوالي    أمريكا تفرض عقوبات جديدة مرتبطة بإيران تشمل 32 شخصًا وكيانًا    مفوضية الانتخابات العراقية: نسبة المشاركة فى الانتخابات بلغت أكثر من 57%    يعاني من شد عضلي.. موقف تريزيجيه من مباراة الأهلي وشبيبة القبائل    أسطورة الدوري الإنجليزي: ليفربول فقد المنافسة على اللقب ومحمد صلاح لديه حقد    قبل مواجهة أوكرانيا.. ماذا يحتاج منتخب فرنسا للتأهل إلى كأس العالم 2026؟    الأرصاد تُحذر.. مصر على موعد مع حالة عدم استقرار جوية وأمطار    حسين فهمي وزوجته يصلان افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي    محمد رمضان يقدم واجب العزاء فى إسماعيل الليثى.. صور    هل يجوز قصر صلاة الظهر مع الفجر أثناء السفر؟.. أمين الفتوى يجيب    مجدي بدران: خذوا لقاح الإنفلونزا مبكرًا لحماية أنفسكم    وزيرالتعليم: شراكات دولية جديدة مع إيطاليا وسنغافورة لإنشاء مدارس تكنولوجية متخصصة    الداخلية تكشف تفاصيل استهداف عناصر جنائية خطرة    وزير العدل الأوكراني يقدم استقالته على خلفية فضيحة فساد    كندا تفرض عقوبات إضافية على روسيا    جارديان: برشلونة يستهدف هاري كين    رئيس الإدارة المركزية لمنطقة شمال سيناء يتفقد مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن الكريم بالعريش    طلاب كلية العلاج الطبيعي بجامعة كفر الشيخ في زيارة علمية وثقافية للمتحف المصري الكبير    من انقاص الوزن إلى بشرة صحية.. فوائد لشرب الماء بالليمون في الصباح    سعر كرتونه البيض الأحمر والأبيض للمستهلك اليوم الأربعاء 12نوفمبر2025 فى المنيا    المتحف المصري الكبير ينظم الدخول ويخصص حصة للسائحين لضمان تجربة زيارة متكاملة    أسماء جلال ترد بطريقتها الخاصة على شائعات ارتباطها بعمرو دياب    كرة يد - بعثة سموحة تصل الإمارات مكتملة تحضيرا لمواجهة الأهلي في السوبر    ضبط مصنع حلويات بدون ترخيص في بني سويف    انطلاق اختبارات «مدرسة التلاوة المصرية» بالأزهر لاكتشاف جيل جديد من قراء القرآن    ما عدد التأشيرات المخصصة لحج الجمعيات الأهلية هذا العام؟.. وزارة التضامن تجيب    رسميًا.. ستاندرد بنك يفتتح مكتبًا في مصر لتعزيز الاستثمارات بين إفريقيا والشرق الأوسط    طريقة عمل فتة الشاورما، أحلى وأوفر من الجاهزة    البابا تواضروس الثاني يستقبل سفيرة المجر    بعد افتتاح المتحف المصري الكبير.. آثارنا تتلألأ على الشاشة بعبق التاريخ    محمد صبحي يطمئن جمهوره ومحبيه: «أنا بخير وأجري فحوصات للاطمئنان»    جنوب سيناء.. تخصيص 186 فدانا لزيادة مساحة الغابة الشجرية في مدينة دهب    بحماية الجيش.. المستوطنون يحرقون أرزاق الفلسطينيين في نابلس    نجم مانشستر يونايتد يقترب من الرحيل    الرئيس السيسي يصدق على قانون الإجراءات الجنائية الجديد    حجز محاكمة متهمة بخلية الهرم لجسة 13 يناير للحكم    أثناء عمله.. مصرع عامل نظافة أسفل عجلات مقطورة بمركز الشهداء بالمنوفية    رئيس الوزراء يتفقد أحدث الابتكارات الصحية بمعرض التحول الرقمي    بتروجت يواجه النجوم وديا استعدادا لحرس الحدود    «المغرب بالإسكندرية 5:03».. جدول مواقيت الصلاة في مدن الجمهورية غدًا الخميس 13 نوفمبر 2025    عاجل- محمود عباس: زيارتي لفرنسا ترسخ الاعتراف بدولة فلسطين وتفتح آفاقًا جديدة لسلام عادل    الرقابة المالية تتيح لشركات التأمين الاستثمار في الذهب لأول مرة في مصر    «عندهم حسن نية دايما».. ما الأبراج الطيبة «نقية القلب»؟    عاجل- رئيس الوزراء يشهد توقيع مذكرة تفاهم بين مصر ولاتفيا لتعزيز التعاون فى مجالات الرعاية الصحية    موعد مباراة مصر وأوزبكستان الودية.. والقنوات الناقلة    وزير دفاع إسرائيل يغلق محطة راديو عسكرية عمرها 75 عاما.. ومجلس الصحافة يهاجمه    إطلاق قافلة زاد العزة ال71 بحمولة 8 آلاف طن مساعدات غذائية إلى غزة    القليوبية تشن حملات تموينية وتضبط 131 مخالفة وسلع فاسدة    «العمل»: التفتيش على 257 منشأة في القاهرة والجيزة خلال يوم    استعدادًا للموسم الشتوي.. حملات ميدانية لمتابعة صرف الأسمدة بالجمعيات الزراعية في الشرقية    «لو الطلاق بائن».. «من حقك تعرف» هل يحق للرجل إرث زوجته حال وفاتها في فترة العدة؟    وزير الخارجية يعلن انعقاد المنتدى الاقتصادي المصري – التركي خلال 2026    في ذكرى رحيله.. محمود عبد العزيز «ساحر السينما المصرية» جمع بين الموهبة والهيبة    «وزير التنعليم»: بناء نحو 150 ألف فصل خلال السنوات ال10 الماضية    رئيس هيئة الرقابة المالية يبحث مع الأكاديمية الوطنية للتدريب تطوير كفاءات القطاع غير المصرفي    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقاومة العدوان ضوابط ومعايير.. حماس نموذجاً .. عصام عبد العزيز
نشر في المصريون يوم 10 - 03 - 2006

لا شك أن فوز حماس بالأغلبية في الانتخابات التشريعية الفلسطينية وتصدرها لتشكيل الحكومة الفلسطينية أثار وما زال العديد من ردود الأفعال على المستوى الوطني والإقليمي والدولي خلاصتها إما تأييد بشروط أو رفض للأمر جملة وتفصيلاً ولا عجب في ذلك ولكن العجيب حقاً هو ما ذكره الأستاذ فهمي هويدي في مقال له أن بعض الكتاب العرب لم ير في فوز حماس بالأغلبية في الانتخابات التشريعية الفلسطينية " إلا أنه بداية ترويع المجتمع الفلسطيني، وإفقار وتغييب القضية عبر دمجها في الشأن الديني الغيبي، وانتحار جماعي للفلسطينيين أشبه بتجربة النازيين في ألمانيا، إلى غير ذلك من النتائج الكارثية، التي لم ير فيها أي إيجابية أو بارقة أمل في الحاضر أو المستقبل. بذات النظرة السوداوية رأى آخرون من دعاة ثقافة الاستسلام المشهد، وتعددت تعبيراتهم عن هجاء ما جرى التنديد به، ومنهم من لطم الخدود وشق الجيوب في ثنايا الولولة على أوسلو وخريطة الطريق، ومنهم من لم ينشغل إلا بالإلحاح على الاعتراف بإسرائيل ونزع سلاح المقاومة، وكأن المشكلة هي فقط في كيفية توفير ضمانات الأمن وراحة البال لإسرائيل، من دون أدنى إشارة إلى أية حقوق أو ضمانات للشعب الفلسطيني، وكأن الفلسطينيين هم المحتلون والغاصبون والمفترون، بينما الإسرائيليون هم الضحايا المغلوبون على أمرهم" !! ولا أدري إلى أي أمة ينتمي هؤلاء !! أظن كما ظن الأستاذ فهمي هويدي أن هذا الأمر سيذكر في التاريخ تحت عنوان "صدق أو لا تصدق" أليس هذا هو الخيار الديمقراطي الذي يتشدق به هؤلاء !! ألا يعلم هؤلاء أن الشعب الفلسطيني حينما صوت لحماس فإنه صوت لخيارات حماس الدينية و السياسية والاجتماعية وقبل ذلك للمقاومة المسلحة يدفعه إلى ذلك نتائج واقعه المعاش وحصاد أكثر من نصف قرن من التجارب ما بين المقاومة السلمية والمقاومة المسلحة أثبتت نتائجها المادية بيقين لا يتطرق إليه شك أنه لا خلاص من هذا العدو بالذات إلا بالمقاومة المسلحة !! وأن طريق المقاومة السلمية والمفاوضات كطريق وحيد لاسترداد الحقوق مسدود تماما وأن دورها ينحصر في توثيق ما تنجزه المقاومة المسلحة على الأرض وذلك بسبب طبيعة المشروع الصهيوني القائم على استئصال الآخر ومحوه من الوجود وعدم الاعتراف به، وما يلقاه من دعم أمريكي بصفة خاصة ودولي بصفة عامة . هذا الشعب حينما صوت لخيار المقاومة المسلحة استحضر في وعيه التجارب الحديثة والمعاصرة للشعوب من حوله في التحرر من الاحتلال فمنذ نهاية القرن التاسع عشر وحتى الستينيات من القرن الماضي جمعت معظم شعوب العالم بين المقاومة المسلحة والعمل السلمي والدبلوماسي، حدث ذلك في مصر وليبيا وجزائر المليون شهيد واستخدم الفيتناميون نفس السلاح ضد الاحتلال الأمريكي، ولجأ الصينيون إلى حرب العصابات المسلحة، وكذلك الثورة الأمريكية في حرب الاستقلال عن بريطانيا و في جنوب أفريقيا ظلت المقاومة المسلحة دون توقف في الوقت الذي كانت المفوضات مستمرة بين الجانبين .... إضافة إلى ما سبق وقبله أن من ثوابت ديننا الحنيف مقاومة الغزاة والمحتلين أياً كان فرض عين أوجبه الله على أمة الإسلام حكاماً ومحكومين رجالاً ونساءً. وهذا متفق عليه بين الفقهاء قديماً وحديثاً، وهو ما يعرف في الفقه بجهاد الدفع. وأن وسائل وصور هذا الجهاد يحددها الواقع والقدرة وطبيعة العدو وهذه مسألة اجتهادية، ومن هذا المنطلق فكل ما هو مطلوب من حماس أو غيرها من حركات التحرر المقاومة للعدوان من حين إلى آخر أن تنظر فيما بين يديها وما خلفها من أجل تقويم الموقف، وتحديد حسابات الربح والخسارة، مع المراجعة المستمرة والتمييز بين ما هو ثابت فلا يتعين الانحراف عنه أو الانخداع بغيرة وما هو متغير بتغير الزمان والمكان حتى لا يتحول جهادها إلى حرث على الماء أو طحن في الهواء !! وتأسيساً على ما تقدم ومن واقع ما نشره المفكرون والمحللون لتجارب شعوب العالم التحررية في الماضي نجد أن التجارب الناجحة كان لها في الغالب الأعم عدداً من الضوابط والقواعد تضبط حركتها مع الأخذ في الاعتبار خصوصية كل تجربة نذكر هنا بعضها ومدى إدراك والتزام حماس بها؟ 1) إستراتيجية النفس الطويل قبل العدد والعدة أنه على الرغم من التفوق في العدد والعدة للدول الغازية مما يستحيل معه المقارنة بينها وبين إمكانات الشعوب المحتلة إلا أنه وأمام ضربات المقاومة واستمراريتها وتنوعها واعتمادها سياسة النفس الطويل وقبل ذلك عدالة مطالبها؛ لن تجد هذه القوى أماها سوى الرحيل!! لا لأنها هزمت عسكرياً...!! ولكن لأنها وجدت أن أهدافها السياسية والاجتماعية والاقتصادية أهدافاً غير متحققة أمام استمرار المقاومة مما يجعل من استمرارها ووجودها كما يقول أستاذنا الكبير البشري "عبئاً اقتصادياً وبشرياً وقتالياً لا يحتمل على المدى الطويل شديد التكلفة بما يتعين معه النظر في جدوى بقائهم الذي يكبدهم الخسائر دون فائدة مقابلة!!" وهذا إن دل على شيء إنما يدل على أن اشتراط التفوق في العدد والعدة على القوى الغازية كشرط أساسي لمقاومتها والتغلب عليها كما يدعي المنهزمون شرط فاسد جانبه الكثير من الصواب، فحقائق التاريخ وتجارب الشعوب قديماً وحديثاً تثبت غير ذلك، والأمثلة على ذلك كثيرة، ولعل خير شاهد على ذلك في واقعنا المعاصر هو هروب شارون وجيشه المسلح بكل أنواع أسلحة التدمير الشامل من قطاع غزة تحت ضربات المقاومة وصواريخ القسام وهاهو أولمرت من بعده يتأهب للانسحاب من الضفة !! ألا يدل ذلك على أن الحلم الصهيوني بدء في الانهيار وأن صعوده ما هو إلا صعوداً للهاوية !!! ولئن كان الجيش العراقي انهزم أمام الأمريكان إلا أن المقاومة العراقية الناهضة تكبد بوش وعصابته الكثير من الخسائر المادية والبشرية أكثر مما فقده أثناء الحرب النظامية!! يقول الأستاذ محمد العبدة بمقاله المنشور بموقع الإسلام اليوم "هل تتحول أحداث العراق إلى مثل أحداث الانتفاضة، نشاهدها كل يوم وكأنها تحولت إلى شيء روتيني معتاد، وليست عملاً يجب أن يُدعم ويؤيد؟! هل من طباع العربي قصر النفس، وليس عنده جلد على الاستمرار؟ مع أن في هدي الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يحب العمل الدائم ولو كان قليلاً، ويفضله على الكثير المنقطع، كما وصف في حديث عائشة رضي الله عنها تقول: ( كان عمله ديمة)". 2) المقاومة المسلحة والعمل السياسي وجهان لعملة واحدة والنجاح والفشل في إدارة الصراع يتوقف على الجمع بينهما انطلاقاً من مرجعية واحدة حاكمة واضحة المعالم مع قيادة لديها من الفطنة والذكاء ما يجعلها توازن بين المقاومة والمفاوضات السياسية على نحو يسمح بتوظيف الأولى في خدمة الثانية، أما أن يتولى المقاومة المسلحة فريق والعمل السياسي فريق آخر بلا مرجعية حاكمة مرشدة يحتكم إليها الجميع فهنا مكمن الخطر؛ فواقع الحال في منطقتنا العربية والإسلامية!!! خير دليل على أهمية المرجعية الحاكمة في الصراع فالعدو أخذ بالسياسة من زعماء ما يسمى بالتيار الوطني ما لم يأخذه بالحرب ومن شر البلية أن بعض هؤلاء فعل بالأمة ما لم يفعله الغزاة... فهذا الأمر من الأهمية بمكان أن تفرد له دراسة تحليله بل دراسات!! على العموم نجد أن جمع حماس بين العمل المسلح والعمل السياسي والمواءمة بينهما أحد أهم أسرار نجاحها في مقاومة الصهاينة بشكل لا يسمح للسياسة أن تخذل السلاح، من هذا المنطلق كان قرار حماس الاستراتيجي بالدخول في الانتخابات البلدية والتشريعية في هذا التوقيت بالذات والحرص على الفوز بالأغلبية لتتمكن من تشكيل الحكومة رغم معرفتها بضخامة التحديات التي ستقابلها على المستوى الداخلي والإقليمي والعالمي!! لماذا؟ لأن حصاد المقاومة قاب قوسين أو هو أدنى وأن الفائز من يدرك دوره الآن في هذا السياق نفهم تصريح الأستاذ "خالد مشعل" في مقابلة مع تلفزيون «الجزيرة» بعد استشهاد شيخ المجاهدين الشيخ أحمد ياسين يعلن موقفا جديدا ومتميزا ، وبكلمات صارمة وحازمة، وقال: "إننا نحذر الذين يفكرون بالسيطرة على الوضع في غزة مستقوين بعلاقات لهم مع جهات إسرائيلية وغير إسرائيلية، بأن الحركة ستكون لهم بالمرصاد، ولن تسمح لهم بتحقيق ما يفكرون به، بل إن الحركة تعتبر هذا الأمر خطا أحمر". وأكد خالد مشعل على هذا الموقف مرة أخرى حينما أعلن في الخطاب الذي ألقاه في مهرجان التأبين الذي أقامه حزب الله اللبناني في بيروت للشيخ الشهيد أحمد ياسين، وقال فيه: "إن حركة حماس لن تسمح بعد الآن «لمن لا يستحق» أن ينفرد بعقد اتفاقات من وراء ظهر الشعب الفلسطيني يتم فيها التنازل عن هذا الحق أو ذاك". وقد علق الأستاذ بلال الحسن على هذين الموقفين بقوله: "هذان الموقفان، حسب قراءتي، موقفان جديدان لحركة حماس، يضعانها في موقف سياسي «عملي» جديد، موقف يبادر ولا يراقب، موقف يقرر ولا يكتفي بتحديد الموقف مما يقرره الآخرون. إنه موقف يدفع بحركة حماس نحو موقعها الطبيعي، موقع الإسهام في قيادة الشعب الفلسطيني وتحديد مسار حركته النضالية والسياسية". وأجمل ما نختم به هذه النقطة هو ما قاله الدكتور رفيق حبيب هنا في صحيفة المصريون"السياسة هي فن تحقيق الممكن، وفن إدارة الصراع، ولم يقل أحد أنها فن التنازل. ومن خلال وعي وإدراك حركة حماس للحقوق الفلسطينية الثابتة، تستطيع تحقيق الممكن الآن، دون التنازل عن ما قد يكون ممكنا غدا، ودون التنازل عن ما يبدو مستحيلا حتى في المستقبل المنظور، لأنه حق للأجيال القادمة" 3) لا تنقل الصراع إلى خارج أرض المعركة .. قلل أعدائك كذلك من الملاحظ أن جميع حركات المقاومة الناجحة في الغالب الأعم لم تنقل معركتها خارج أرض المعركة و كما يقول أستاذنا البشري " أن العنف المشروع لا يستخدم إلا ضد الأجنبي المعتدي على الوطن، ولا يستخدم إلا في الإطار الجغرافي للأرض المحتلة، ولا يستخدم إلا مع أطراف الصراع ، أي من هم مشتبكون اشتباكاً مباشراً في علاقة الصراع القائمة" لما يمثله ذلك من مخاطر عديدة أهمها زيادة عدد الأعداء فضلاً عن فقدانها للمشروعية مثال ذلك ما قامت به فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في فترة سابقة من خطف للطائرات وإشاعة الرعب بين من ليس لهم علاقة بالصراع والدخول في حلبة الصراع بين الأنظمة العربية ، واستباحة للدماء المعصومة لمصلحة هذا الطرف أو ذاك كل هذا استعدى عليها القريب قبل الغريب !! فماذا كانت النتيجة؟ لا شئ سوى الاستسلام الذي نراه اليوم ، على العكس من ذلك نجد حماس مثالاً حياً للالتزام بهذه القاعدة فلم تنقل معركتها خارج حدود الوطن ولم تصوب أسلحتها لغير الصهاينة، إضافة إلى ذلك أنها لم تنشغل بالصراعات الظاهرة والباطنة بين الأنظمة العربية من ناحية ولا بين هذه الأنظمة وبعض الاتجاهات التي تتفق مع حماس في الرؤية.. فحظيت باحترام الجميع ، والأهم من ذلك استقلال قرارها ورؤيتها . 4) الأمة والمقاومة في خندق واحد لم تنجح في الغالب الأعم حركة تحرر وطني في دحر الاحتلال إلا إذا نجحت أولا في جمهرة الأمة بجميع مكوناتها الوطنية ودفعها دون إكراه إلى تبني خياراتها السياسية والاجتماعية والعسكرية وهذا الأمر يتطلب أولاً نشاطاً اجتماعياً تكافلياً واسعاً لكسب القلوب والعقول لدعم صمود الشعب وصبره في معركته الطويلة للصبر والصمود ، ثانياً سد كل أبواب الفتن المؤدية إلى الاقتتال الداخلي مهما كانت الأسباب فسياسة الغاصب قديماً وحديثاً هي فرق تسد وإشعال الفتن بين أبناء الوطن الواحد هذا الأمر صمام أمان وخط أحمر لا يمكن تجاوزه لأي حركة تحرر تريد الاستقلال لوطنها لذا لم يكن من المستغرب على حماس أن تعلن أن الدم الفلسطيني خط أحمر وأن سلاحها لن يتجه إلا إلى الصهاينة ومما لا يحتاج إلى دليل أن الممارسة الفعلية على الأرض أثبتت صدق حماس فلم توجه أسلحتها إلى المختلفين معها في الرؤية على الرغم معرفتها معرفة يقينية أن بعض الأجنحة في السلطة الفلسطينية تعمل لصالح الصهاينة وساعدت في تصفية العديد من أبناءها وزعماءها !! إلا أنها صبرت واحتسبت ولم تنجر إلى حرب أهلية تأكل الأخضر واليابس، بل على العكس من ذلك سعت إلى جمهرة الأمة كلها بفصائلها المتعددة إلى تبنى خياراتها العسكرية وأطروحتها السياسية، كان من ثمرته تلك العمليات الاستشهادية المشتركة بين الفصائل الفلسطينية.إضافة إلى ذلك قيام حماس برعايتها آلاف الأسر الفقيرة وأسر الأسرى والشهداء. بينما
تخلت السلطة عن معظم دورها في حماية المجتمع من وطأة الحصار والدمار والموت على العكس من ذلك أن المجاهدين الأفغان (سابقاً) انتصروا على السوفيت، لكنه وللأسف كان النصر الذي قاد إلى هزيمة محققة فذهب السوفيت وجاء الأمريكان!! نختم بما ذكره الأستاذ الجليل المستشار طارق البشري في كتابه القيم الذي استفدنا منه في صياغة هذا المقال " العرب في مواجهة العدوان" أنه "في منتصف الستينيات، عندما كانت حرب فيتنام مشتعلة ضد الاحتلال الأمريكي عليها، حضر إلى مصر (شو إن لاي) رئيس وزراء الصين وقتها، وسئل في حديث صحفي عن هذه الحرب وآثارها، فقال ما معناه: (إن اللحم الأمريكي) قد صار (قريباً من أفواهنا) وأنه آن لنا أن (نعض عليه بأسناننا) وأن هذه فرصة شعوب شرق أسيا ليذيقوا المعتدي الوجيعة التي تصيبهم من عدوانه عليهم.... ويعقب الأستاذ بارك الله لنا في عمره بمثل هذا المنطق يتعين علينا أن ننظر إلى الانتفاضة الفلسطينية وإلى العدوان الإسرائيلي الصهيوني على العرب والفلسطينيين ...أفلا ينبغي علينا أن نطلب العلم ونأخذ الحكمة ولو في الصين ؟ نحن بهذا لا نخوض معركة تاريخية وتحريرية فقط ولكننا نعيش فرصة تاريخية ، يكون من الإثم أن نضيعها"!!

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.