مهرولا ما بين ساحات المحاكم مرتديا روب العدالة مترافعا عن الغلابة والمظلومين ، و بين جنبات السجون و زنازين المعتقلات قضى اعوامه ال63 ، تعرفه كل أروقة المحاكم و تفتقده سلالمها ، وتذكره قضبان اقفاصها التى لطالما وقف وحده مدافعا عن جدعان تراصوا خلفها محاولا وحده دفع بطش الانظمة الاستبدادية عنهم ، يحفظ القضاه وجه جيدا و سيحكى عنه كل من تعرض يوما للتعذيب قصصا عن جهوده ليحفظ له حقه ، انه أحمد سيف الاسلام عبد الفتاح حمد محامى المظلومين والمقهورين والمعذبين ووالد ثلاثة من أشهر النشطاء السياسيين علاء عبد الفتاح و منى وسناء سيف . تقول عنه ابنته منى " طول عمره قلبه جارر جسمه " فلطالما شال هم الوطن و احزانه والقى على عاتقه مسئولية كل مظلوم و مقهور واليوم قلبه العجوز لم يعد يتحمل اوجاع الوطن و قهرته على فقدان ابناه بعد ان حكم على علاء بالسجن لمدة 15 عاما ظلما بقضية تظاهرة مجلس الشورى ، و اعتقلت الصغيرة سناء حينما طالبت فى مسيرة الاتحادية بالافراج عن شقيقها و كل المعتقلين فتكالبت عليه الاحزان حتى ادخلته المستشفى ليجرى عملية جراحية لقلبه الموجوع ، ليتوقف قلبته لعدة دقائق حيث قالت منى " امبارح الظهر بابا تعب و قلبه توقف لمدة دقايق ، عملوله انعاش و قلبه رجع اشتغل لكن من ساعتها بابا فاقد للوعي و ما نعرفش في الدقايق اللي اتحرم منها المخ من الاكسجين ايه كم الضرر اللي حصله " داعية الله " بحق كل حاجة كويسة و خير عملها ، بحق كل الوجع اللي تحمله ، بحق بهدلة السنين ، بحق قلبه اللي شال و استحمل كتير ، كفاية با رب ، دوب الوجع و داوي القلوب و ادينا فرصة نجمع الأحباب يا رب " . وتاريخ سيف الاسلام معروف لكل من عمل بمجال حقوق الانسان والحياة السياسية فقد شارك فى الحركة الطلابية بالسبعينات و تخرج من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية عام 1977 ، والذى لطالما تم اعتقاله من قبل عدة مرات ، مرتان خلال حكم الرئيس الراحل محمد أنور السادات ، ومرتان فى عهد المخلوع حسنى مبارك ، كانت الاطول من بينهم عام 1983 حينما قضى 5 سنوات في سجن القلعة، الذي وصفه بانه ابشع من سجن طرة فى التعذيب وذلك بتهمة الانتماء إلى تنظيم يساري ، ليتعرض خلالها للضرب والتعذيب بالكهرباء والعصي وكسرت قدمه و ذراعه، وتقدم وقتها ببلاغ للتحقيق في تلك الواقعة ولكن لم يحقق أحد فيه، و حرم من ان يكون بجوار زوجته الدكتورة ليلى سويف الحقوقية اثناء ولادتها لابنته الثانية منى ، إلا انه وبصبر قرر ان يستغل تلك الفترة الطويلة ليحصل على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة. و تعتبر حادثة تعذيب سيف الاسلام علامة فارقة فى حياته فقد كانت سببا فى ان يكرس حياته بعد ذلك للدفاع عن حقوق الانسان والمظلومين والمحاربة من اجل رفع الظلم عن الجميع ، لا يهمه الى أى تيار تنتمى ولا يهمه أى الجرائم إرتكبت أو لم ترتكب ، ولا يعنيه كيف تراه او ان كنت ستقف بجانبه اذا تبدلت الاوضاع فهو دائما سيكون بجوارك اذا تعرضت للظلم او عذبك احد رجال الامن وراء قضبان باردة هكذا كان دائما و ابدا محامى المظلومين . فقد كان أحد المحامين المدافعين عن ال13 متهم بتفجيرات طابا عام 2004 المنتمين لكتائب عبدالله عزام ، والصادر ضدهم أحكام بإعدام 3 منهم والسجن المؤبد لآخرين ، كما كان عضوًا في فريق المحامين المدافع عن 49 شخصا تمت محاكمتهم عام 2008 أمام محكمة أمن الدولة العليا طوارئ في طنطا ، وذلك بتهمة الاشتراك في الاحتجاجات الشعبية ب 6 غبريل 2008 ، معلنا تضامنه مع التحرك العمالي الذى نظمه عمال النسيج في مدينة المحلة وشهد الكثير من اعمال العنف . لم يحمل احمد سيف الاسلام هم الوطن وحده بل حملت معه اسرته الصغيرة و دفعت ثمنا غاليا لمحاولتها تحويل الوطن المنكوب الى وطن يحترم حقوق الانسان ويقدر شعبه فابنه علاء عبد الفتاح طاردته كافة الانظمة كأبوه فقد حيث اعتقل عام 2007 اثناء مشاركته فى وقفة احتجاجية سلمية من أجل استقلال القضاء المصري ،ثم تقرر النيابة العسكرية فى عام 2011 بعد اندلاع ثورة 25 يناير خلال فترة حكم المجلس العسكرى حبسه على ذمة التحقيق لمدة 15 يوماً، على خلفية اتهامه بالتحريض والاشتراك في التعدي على أفراد القوات المسلحة وإتلاف معدات تخص القوات المسلحة والتظاهر والتجمهر وتكدير الأمن والسلم العام في أحداث ماسبيرو، وبعد أن رفض الاعتراف بشرعية المحاكمة العسكرية له كمدني ، ورفض الإجابة على أسئلة النيابة العسكرية له تم تحويله إلى نيابة أمن الدولة العليا ، ليولد ابنه الأول "خالد" أثناء استمرار سجنه على ذمة التحقيق ، وتتكرر مأساة والده سيف ويولد خالد دون والده كما ولدت عمته منى فى غياب والدها وذلك بعد أن رفضت نيابة أمن الدولة التماسه بالإفراج عنه لحضور ولادة ابنه ، و اليوم يحكم على علاء بالسجن لمدة 15 عاما بسبب مشاركته فى تظاهرة مجلس الشورى الرافضة لمادة المحاكمات العسكرية للمدنيين بالدستور ، ليعتذر الاب المكلوم لابنه فى احد المؤتمرات قائلا " أنا آسف إنى ورثتك الزنازين اللى أنا دخلته، لم أنجح في توريثك مجتمعا، يحافظ على كرامة الإنسان، وأتمنى أن تورث خالد حفيدى مجتمعا أفضل مما ورثتك إياه" . وكعادته تحمل سيف الاسلام وجع فراق ابنه واغرق قلبه فى مشاكل وهموم غيره من المظلومين والمقهورين على يد النظام الجديد ، تجده يتضامن مع ابناء غيره من الشباب المظلومين فى السجون والمضربين عن الطعام و المعتقلين دون تهم باسم الحبس الاحتياطى لا يكل ولا يمل ولا يبخل على احد من جهده مهما كان انتمائه السياسى واختلافه مع افكاره وذلك من خلال مركز شام مبارك للقانون الذى ساهم فى تأسيسه والذى يعتبر من أوائل المراكز القانونية الحقوقية فى مصر . ويستمر النظام فى توجيه ضرباته الى الاب العجوز فيتم اعتقال ابنته الصغرى سناء خلال مشاركتها فى مسيرة الاتحادية المطالبة بالافراج عن المعتقلين واسقاط قانون التظاهر ، ولكن قلبه لم يعد يتحمل الوجع والألم ، لم يعد قادرا على رؤية حلم الثورة ينهار امامه ويحرم من ابنائه وتضيع ايامهم امامه فيسقط مريضا بقلبه الذى لطالما وهب الحب لكل من حوله . وكعادة الانظمة الاستبدادية لم يفوت النظام فرصة كتلك ليستغل مرضه فى الدعاية لنفسه حيث استجاب بشكل مريب لطلب أسرة سيف لخروج علاء وسناء لزيارة والدهم بالمستشفى ، لتكتشف بعد ذلك اسرته السبب الخفى وراء ذلك وهو تصوير الزيارة خلسة بكاميرا مخفية دون إذن منهم بالرغم من تأكيدهم على رفض ذلك وتنشر وسائل الاعلام املوالية للنظام مقاطع الفيديو التى صورت لمحامى المظلومين وأب المكلومين وهو راقدا غائبا عن الوعى بين يد الله للتدليل على رقة قلب النظام وكرمه على ابنائه بالسماح لهم بزيارة والدهم ، فتؤكد منى على انها لن تسامح كل من شارك فى تلك الفعلة وستقاضى من تسبب بها وكافة وسائل الاعلام التى شاركت فيها . اما علاء فبعد ان رأى والده راقدا مريضا لم يعد يتحمل فاعلن عن الدخول فى اضراب عن الطعام لحين الافراج عنه رافضا الاستسلام لمصير رسه له نظاما ظالما. اما الاب المريض فقد ارتفعت أيدى المظلومين والمقهورين و ابنائه و تلامذته واصدقائه فى العمل العام والسياسى إلى الله داعين له ان يتم شفائه ، راجين الله ان يبقى على القلب الذى لطالما خفف عن الغلابة اوجاعهم وحمل عنهم احزانهم .