الأستاذ المحترم/ محمود سلطان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أتابع منذ أيام الحملة التي تديرونها في جريدتكم الموقرة للدفاع عن نتيجة الاستفتاء ورفض المطالبات بإعداد الدستور أولا والهجوم الضاري على التيارات والشخصيات الداعية لذلك، وإشارة إلى مقال اليوم "قلة أدب.. وقلة ضمير! " أريد أن أسأل سيادتكم سؤالا واحدا بكل هدوء وأناقشه مع سيادتكم بموضوعية: ما هي نتيجة استفتاء 19 مارس؟ أو بمعنى آخر ما هي الإجراءات التي كان من المفترض أن تترتب على هذا الاستفتاء؟ وهل تحققت هذه النتائج فعلا أم لا؟ ما أعلن عنه منذ اليوم الأول أن هناك "تعديلات دستورية"، وأن الدستور قد تم تجميده وليس إلغاؤه، والمواد التي تم تعديلها وتم الاستفتاء عليها هي مواد في الدستور القديم وقد رقمت بنفس أرقامها في الاستمارة التي استفتي عليها الشعب وتصدر هذه الاستمارة عنوان "استفتاء على تعديل بعض مواد الدستور" أي أن إقرار التعديلات كان من المفترض أن يتم بعده إعادة العمل بدستور 1971 مع تعديل المواد التي تم الاستفتاء عليها. ولكن هل هذا هو ماتم؟ بالطبع لا، ما حدث هو إصدار إعلان دستوري من بضع وستين مادة لم يستفت الشعب إلا على 11 مادة منها والباقي خليط من مواد تم أخذها من الدستور القديم كما هي ومواد جديدة تم وضعها بالكامل بواسطة المجلس العسكري ولم يستفت الشعب عليها. المذهل أن مادتين من التي تم الاستفتاء عليها تم تعديلهما في الاعلان الدستوري دون الرجوع إلى رأي الشعب! هل تم الاستفتاء على شرعية المجلس العسكري كما يزعم البعض؟ هل تم الاستفتاء على المادة الثانية وعلى هوية الدولة كما يتوهم آخرون؟ لماذا إذا كان الاستفتاء ما دام المجلس كان يملك أن يصدر إعلان دستوري من البداية؟ ولماذا لم يتم اعداد الاعلان الدستوري ثم الاستفتاء عليه؟ إذا فالتشبث بفكرة أن المطالبة بالدستور أولا يعتبر انقلابا على إرادة الشعب هو إدعاء في غير محله وإلا كان المجلس العسكري هو من انقلب على هذه الإرادة. ثانيا: الزعم بأن كل من ينادي بالدستور أولا هو علماني من جهة، وأنه "قليل الأدب وقليل الضمير" من جهة أخرى بحسب وصفك في مقال اليوم هو أيضا زعم غير موضوعي.. فمطلب الدستور أولا طالب به العديد من النخب والسياسيين منهم الدكتور عصام شرف نفسه واثنين من وزراءه. ثالثا: لماذا لا يتم النظر بموضوعية لوجاهة المطلب بدلا من الهجوم الضاري عليه، وأعني بوجاهة المطلب بعض النقاط مثل: - الدستور أولا مطلب منطقي حيث انه من الطبيعي أن يتم تحديد شكل الدولة ونظام الحكم فيها (رئاسي أم برلماني أم مختلط) واختصاصات كل سلطة من السلطات الثلاثة وطبيعة العلاقات بينها قبل البدء في انتخاب البرلمان ورئيس الدولة - الدستور وثيقة تحكم كافة أطياف الشعب فلا ينبغي أن تستأثر الأغلبية البرلمانية بتشكيل اللجنة التي ستضع الدستور - الدستور وثيقة تنظم العلاقات بين السلطات في الدولة فلا يعقل أن تستأثر أحدى هذه السلطات (السلطة التشريعية - البرلمان) بوضع الدستور، بل يجب أن تكون هناك لجنة تأسيسية مستقلة عن السلطات الثلاث هي التي تقوم بوضع هذا الدستور ويمكن عن طريق حوار مجتمعي جاد الوصول إلى صيغة مناسبة لاختيار أو انتخاب هذه اللجنة بحيث تكون معبرة عن مختلف طوائف الشعب - إجراء الانتخابات البرلمانية قبل الدستور سيضعنا في مأزق يتمثل في احتمالية إعادة الانتخابات البرلمانية والرئاسية في حالة إذا ما أقر الدستور الجديد تعديلات جوهرية على اختصاصات وشروط الترشيح للبرلمان وكذلك اختصاص رئيس الجمهورية وبالتالي فالرأي الذي يقول أن الانتخابات أولا ستؤدي إلى الاستقرار رأي غير صحيح فأي استقرار في إجراء 6 انتخابات واستفتاءات متتالية أو أكثر وحل المجالس التشريعية بعد انتخابها بشهور قليلة؟ يبقي أن نقول أن اجراء الانتخابات أولا له ميزة واحدة من وجهة نظري هي تقصير فترة حكم المجلس العسكري، بيد أن الأمر يحتاج إلى نقاش سياسي وقانوني ومجتمعي جاد وشامل بين مختلف التيارات الفكرية والسياسية ودراسة متوازنة للمصالح والمفاسد في كل حل للوصول إلى حل يرضي معظم الأطراف ويحقق أكبر مصلحة للبلاد. وفي النهاية أرجو أن نتوقف عن لهجة التخوين والوصف بالعمالة و"قلة الأدب والضمير" وما إلى ذلك من الشعارات وأن نحاول البحث عن المشتركات وانهاء حالة الاستقطاب الحادة الموجودة حاليا. أرجو أن يتسع صدرك ووقتك للرد على رسالتي حتى ولو برد مختصر وجزاكم الله كل خير ووفق الله الجميع لما فيه الخير لمصرنا الحبيبة مصطفى سعد مهندس ميكانيكا الاسكندرية – مصر انتهت الرسالة والرد غدا إن شاء الله تعالى