اذا كانت عين الظالم تنام فالمظلوم منتبه يبث شكواه لمن لا يغفل ولا ينام ، فعين الله لاتنام .. وعدل الله دائم بين الانام وإن أمهل الله يوماً ظالماً .فانه لا يهمله بل ان اخذه فأخذه اليم شديد ذي انتقام ..!! وما يحدث في الأمة من موبقات وازمات إنما هي لعنات تمتد إلي أصحاب الأيدي ألاثمة ، والقلوب المظلمة ، والعقول المجرمة .!! لماذا ؟ أموال تغتصب ، وإعراض تنتهك ، وحريات تصادر ، وإرادات تزور، وفتن تمرر. ولاحول ولا قوة الا بالله العلي العظيم و الدعاء علي الظالم من مصادر التعبد لله تعالي في الخلوات والجلوات ، في الصدقات والصلوات ، في الحركات والسكنات ، في الجلسات والسفريات ، و معظم اصحاب العلم من انبياء وعلماء ، وعاظ وحفاظ ينبذون الظلم بكل انواعه ويمقتون الظالم وانصاره.!الظالمون يحبون إشاعة الفاحشة في الذين امنوا ، يخططون لذلك ويعاونهم إبليس ويناصرهم كل خسيس !! لذلك دعوات المظلومين تتجلي في القران الكريم !! كيف ؟ التاريخ مليء بصفحات أمم سادت ثم تلاشت، وما أطاح بعروشها إلا دعوات المظلومين والمعذبين، هذا فرعون تمادى في طغيانه، وتجبّر في ملكه، وذبح في شعبه ، فرعون اذاق بني إسرائيل صنوف العذاب، قتّل أبناءهم واستحيى نساءهم، فما كان من موسى - عليه السلام - إلا أن أوضح لقومه سبيل النصر على العدو، فقال لهم " اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ" (الأعراف: 128)، فأمرهم باللجوء إلى الله تبارك وتعالى، ولم يكتف بالقول، بل أتبعه بالفعل كي يقتدي به قومه، فرفع أكف الضراعة إلى الله تعالى، واجتهد في الدعاء على فرعون وأعوانه، كما قال تعالى" وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ" (يونس: 88)، فأجاب الله دعوته ، فما كان جزاء فرعون؟ أغرقه الله هو وجنوده في اليم، وما نفعه ملكه ولا جبروته، هذا جزاؤه في الدنيا، أما في الآخرة فليس له إلا النار، قال تعالى " النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَاب "ِ(غافر: 46). وهذا مثلاً آخر، فقد اشتهر أهل مدين بتطفيف الكيل، وبخس الناس أشياءهم، وبالرغم من ذلك فإنهم يستوفون حقهم كاملاً إذا اكتالوا، فحذّرهم شعيب - عليه السلام - من هذا الفعل الدنيء فقال لهم " وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِالقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً " الشعراء: 181-183)، فسخروا منه واستهزؤوا، و هددوا وتوعدوا، فاستنصر ربّه عليهم، ودعا قائلاً " رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ" (الأعراف: 89)، فاستجاب الله دعاءه، فأرسل عليهم حراً شديداً لا يرويه ظمأ، ولا يخففه ظل، ثم بعث عليهم سحابةً عظيمة فيها شرر ولهب ووهج عظيم، ثم جاءتهم صيحة من السماء ورجفة شديدة من أسفلهم، فلم يغن عنهم سلطانهم ولا ملكهم " لَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مَّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ" هود: 94)، هذه الأمثلة وغيرها تبيّن عظم هذه الصرخة والاستغاثة (دعوة المظلوم) وشأنها عند الله تعالى. والنبي محمد صلي الله عليه وسلم : ظل يدعو علي قتلة المحفظين والعلماء من الصحابة- حادثة بئر معونة - أكثر من شهر وقيل عزم علي الانتقام منهم فنزل قول الله تعالى" وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ" النحل : 126ولئن صبرتم) عن الانتقام (لهو خير للصابرين) فكف وكفر عن يمينه...رواه البزار..!! ولما كسرت رباعيته وشج وجهه يوم أحد وقال: "كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم بالدم" نزلت " لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذَّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ" آل عمران: 128) بل الأمر لله فاصبر (أو) بمعنى إلى أن (يتوب عليهم) بالإسلام (أو يعذبهم فإنهم ظالمون) .في تفسير الجلابين وفي السيرة عن سعيد بن زيد عن عمرو بن نفيلٍ أنَّ أروى خاصمته في بعض داره، فقال: "دَعُوهَا وَإِياهَا؛ فَإِني سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: "مَنْ أَخَذَ شِبْرًا مِنَ الأَرْضِ بِغَيْرِ حَقهِ، طُوِّقَهُ فِي سَبْعِ أَرضِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ". "اللَّهُم إِنْ كَانَتْ كَاذِبَةً فَأَعْمِ بَصَرَهَا، وَاجْعَلْ قَبْرَهَا فِي دَارِهَا". قال: فرأيتها عمياء تلتمس الجدر، تقول: أصابتني دعوة سعيد بن زيد. فبينما هي تمشي في الدار مرت على بئرٍ في الدار، فوقعت فيها، فكانت قبرها.
كل ظالم خسيس وكل جائر خرسيس يجب ان تلاحقه دعوات المظلومين وتطارده لعنات الله والملائكة والناس أجمعين حتي يعلم ان قلوب الخلق تعزله ، ونفوس البشر تمقته ، والحجر والشجر لا يقبله هذا في الدنيا أما عند نفوقه فلا يتسع له قبر ولا تبش له ارض ولا تبكي عليه سماء ولا يسر له ملك !! " ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم " ( الأنعام : 93 ) أي : باسطو أيديهم بالضرب فيهم ، يأمرونهم إذا استصعبت أنفسهم وامتنعت من الخروج من الأجساد أن تخرج قهرا ، وذلك إذ بشروهم بالعذاب والغضب من الله ، كما في حديث البراء : إن ملك الموت - إذا جاء الكافر عند احتضاره في تلك الصورة المنكرة - يقول : اخرجي أيتها النفس الخبيثة إلى سموم وحميم ، وظل من يحموم ، فتتفرق في بدنه ، فيستخرجونها من جسده ، كما يخرج السفود من الصوف المبلول فتخرج معها العروق والعصب ؛ ولهذا أخبر تعالى أن الملائكة تقول لهم : ( وذوقوا عذاب الحريق ) ألا يتذكر الظالم الموت وسكرته ، والقبر وظلمته ، والميزان ودقته، والصراط وزلته، والحساب وسرعته . ألا يتذكر الظالم والحشر وأحواله، والنشر وأهواله ، والعرض واسراره والعرق واطواره ...!! الاتتذكر يا كل ظالم إذا نزل بك ملك الموت ليقبض روحك، وإذا أنزلت في القبر مع عملك وحدك ، هناك يتخلي عنك البعيد والقريب والعدو والصديق والطبيب والحبيب ، وهناك ينادي المنادي " جاءوا بك وتركوك وفي التراب وضعوك ولو ظلوا معك ما نفعوك ولا ينفعك الا انا وانا الحي الذي لا اموت .. !! ثم تدعي للحساب في يوم يطول فيه وقوفك. ومن ثم استغاثاتك...!! " إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقاً "(الكهف:29) نعوذ بالله من الظلم والظالمين ونسأل الله العفو والعدل والاحسان .... عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.