استنكر عبود الزمر، القيادي الإسلامي البارز، الحكم الذي أصدرته المحكمة الإدارية العليا أمس بحل حزب "الحرية والعدالة"، الذراع السياسي لجماعة "الإخوان المسلمين"، والتفكير في حل أحزاب أخرى، محذرًا من خطورة ذلك على أمن الوطن. وانتقد الزمر في مقاله المنشور ب "المصريون" اليوم، سعي السلطة الحالية لإقصاء الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية، التي حصلت على ترخيص بممارسة العمل السياسي في أعقاب ثورة 25يناير 2011 التي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق حسني مبارك. وقال، إن "حذف قطاع كبير من خارطة العمل السياسي المشروع معناه أنك تقول لهم كونوا خصومًا دائمين للنظام الذي قرر رفض وجودكم ومشاركتكم"، واصفًا الأمر بأنه "مأساة بكل المقاييس تتكرر في كل حكومة لا تدرك البعد الاستراتيجي عند اتخاذها للقرارات, بل تأخذ قرارها بشكل انفعالي لا علاقة له بمستقبل الوطن وما يؤول إليه الأمر من مفاسد". وذكّر القيادي الإسلامي الذي أمضى أكثر من 30 عامًا بالسجن على خلفية دوره في اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات بالممارسات "الإقصائية" للأنظمة التي تعاقبت على حكم مصر، بدءًا من الرئيس الأسبق جمال عبدالناصر، وانتهاء بالرئيس المخلوع حسني مبارك، تجاه المعارضة السياسية. وتابع قائلاً: "لقد فرح بعضهم (المعارضون) عند هزيمة عبد الناصر في سنة 67 بالرغم من أنها كانت مصيبة جلل أصابت الوطن كله, ولقد فرح معظم الوطن العربي في مقتل السادات, وفرحت مصر كلها عند إزاحة المخلوع مبارك, وفرح أيضًا قطاع شعبي كبير عندما عزل الدكتور محمد مرسي لكونه لم يستجب لمطالبهم، فضلاً عن كراهيتهم لحكم الإخوان سواء أحسنوا أم أساءوا". وأكد أن "كل هذا وقع بسبب تجاهل مطالب المعارضة وعدم التعامل معها بالقدر الذي يحفظ تواجدها في منظومة العمل السياسي رعاية لأمن الوطن". وفيما يلي نص المقال: المعارضة السياسية صمام أمان للوطن بقلم/ عبود الزمر المعارضة في الحقيقة هى جزء من النظام السياسي للدولة , فالدستور والقانون يعطيانها الحق في مزاولة نشاطها بالرغم من أنها تحمل رؤية أخرى على خلاف ما يكون عليه النظام الحاكم , ولكننا نضيق ذرعاً بمعارضينا !! , هكذا شاهدنا على طول امتداد الحقبة الماضية , فلم تكن المعارضة السياسية مقبولة أبداً من النظم الحاكمة , بل كانت في وضع اتهام دائم بالعمالة والخيانة ومهددة بالنفي والسجن والإقصاء !! والحقيقة أن دور المعارضة يكمن في ترشيد فكر الدولة وسياساتها وذلك أمر حيوي لمن أراد أن يسعى إلى الأفضل , ويرتقي بمجتمعه دون النظر إلى الرأي المعمول به هل هو رأي الحكومة أم أنه كان رأياً معارضاً عادت إليه الحكومة لرجاحته ؟! ولقد حث الإسلام على الشورى وجعلها من صفات المؤمنين فقال رب العزة ( وأمرهم شورى بينهم ) وهذا معناه أن اتخاذ القرار يتم بعد مشاورة قد تتباين فيها الرؤى وتختلف , ولكنهم في النهاية يصدرون عن رأي واحد معتمد يعملون به , والناظر إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يقول ( رحم الله امرأً أهدى إليّ عيوبي ) يدرك أن الخليفة الراشد يشجع معارضية على أن يبينوا له أخطاءه ليصححها وذلك بالدعاء لهم بالرحمة , فهل نحن اليوم ندعوا لمعارضينا إذا رأوا فينا عيباً فأخطرونا به ؟! أم أننا نضمر لهم الشر ونعتبرهم من جملة الأعداء فنتربص بهم الدوائر ؟! ودعني أيها القارئ الكريم أنقل لك من سيرة سيدنا عمر بن عبدالعزيز في التعامل مع معارضيه إذ خرج عليه رجل يدعى ( شوذب ) فانظر معي إلى كيفية إدارة المشهد , إذ أرسل إليه يقول : إني أعلم أن الذي أخرجك هو غضبك لله , فدعني أناظرك فإن كان الحق معنا دخلت فيه , وإن كان معك نظرنا أمرنا , فلم يتهمه بالخيانة والعمالة بل أحسن به الظن رغم خروجه عليه , ثم دعاه إلى المناقشة والمحاورة وصولاً إلى الحق , ولم يستنكف أن يبدي استعداده لتعديل موقفه إن ثبت خطؤه !!. فهل نحن على استعداد لأن نتعامل هكذا مع من يختلف معنا ؟! والإجابة أن الحاصل إنما هو الإقصاء للمعارضين وعدم الاستماع إلى رأيهم وملاحقتهم قضائياً , إذ أن هناك من يطرح على القضاء حل حزب سياسي له ترخيص معتمد , لمجرد أن الحزب وقع في العديد من الأخطاء وهي أمور ينبغي أن تكون المحاسبة عليها جنائياً وبشكل شخصي , أما أن يزاح حزب سياسي من الوجود له أنصار يحملون فكره , فهو تجاوز في حق الشعب الذي تتنوع إرادته , ولكنها في النهاية تتوحد من أجل خدمة الوطن . إن ما جرى مؤخراً من حل حزب الحرية والعدالة والتفكير في حل أحزاب آخرى هو أمر خطير جداً على أمن الوطن , إذ أن حذف قطاع كبير من خارطة العمل السياسي المشروع معناه أنك تقول لهم كونوا خصوماً دائمين للنظام الذي قرر رفض وجودكم ومشاركتكم , إنها مأساة بكل المقاييس تتكرر في كل حكومة لا تدرك البعد الاستراتيجي عند اتخاذها للقرارات , بل تأخذ قرارها بشكل انفعالي لا علاقة له بمستقبل الوطن وما يؤول إليه الأمر من مفاسد , أتذكرون ياسادة ماذا كان من شأن المعارضة عند إقصائها وعدم مراعاتها في العهود السابقة , لقد فرح بعضهم عند هزيمة عبد الناصر في سنة 67 بالرغم من أنها كانت مصيبة جلل أصابت الوطن كله , ولقد فرح معظم الوطن العربي في مقتل السادات , وفرحت مصر كلها عند إزاحة المخلوع مبارك , وفرح أيضاً قطاع شعبي كبير عندما عزل الدكتور محمد مرسي لكونه لم يستجب لمطالبهم فضلاً عن كراهيتهم لحكم الإخوان سواء أحسنوا أم أساءوا . كل هذا وقع بسبب تجاهل مطالب المعارضة وعدم التعامل معها بالقدر الذي يحفظ تواجدها في منظومة العمل السياسي رعاية لأمن الوطن . صحيح أنني أعلم أن التيار الإسلامي بما فيه حزب الحرية والعدالة هو تجمع سلمي ينظر إلى مصلحة الوطن العليا وإن ظهرت فيه بعض الأخطاء فلا تعدوا كونها تصرفات فردية وليس توجهاً فكرياً وأيدلوجياً جماعياً , وهو ما يجعلني مطمئناً على حسن تصرف قادة التيار , ولكن يبقى السؤال إذا كانت الدولة قد اعتبرت جماعة الإخوان جماعة إرهابية فكيف يتسنى للحكومة التسليم بذلك دون أن يكون لها دور في احتواء الأزمة وتقديم ما فيه الخير من أجل الوطن , وليس بتكريس حالة العداء التي نشهدها في الشحن الإعلامي الذي أثر بشكل مباشر على مكونات المجتمع وأصابه بالشروخ العميقة التي تملؤها الكراهية والحقد وتمني الفشل المتبادل , والفرح والسعادة عند الكبوات والإخفاقات !!. فهل هذا وطن يريد أن ينهض ؟! وهل هذه دولة تريد أن تحلق في آفاق النجاح ؟! . إننا بهذه الطريقة نندفع إلى الطريق المغلق , ولا ننظر إلى مآلات استمرار الصراع الذي أخاف منه على مستقبل هذا الوطن الكبير , فلابد من قيام فريق المصالحة الوطنية الذي يتشاور مع جميع الأطراف ليضع الحلول المنطقية والعملية التي يقبلها الجميع , وهي محاولة واجبة لرأب الصدع ولم الشمل وإنقاذ الوطن . وصلى الله وسلم على سيدنا محمد