لا ندري حتى الآن الملابسات التي مُنع بسببها من الظهور الإعلامي الأشهر والأبرز والأكثر موهبة في مصر.. الساخر الجميل باسم يوسف! لم يسأل عنه أحد.. ولم يهتم بمنعه إعلامي واحد، من إعلامي الصوبات المنتشرين مثل البكتريا على فضائيات باتت تشبه علب الليل التي تصدر للمجتمع البغاء والإيدز وبتراخيص من الأجهزة الأمنية. باسم يوسف فهم الحدود التي عندها لن يتسامح معه من يدير البلد بالتليفون.. ولكن بذكائه اكتشف أن المشكلة ليست فيمن يحمل الريموت المناط به جمع "مضحكي" السلطان وشحنهم إلى بيت الطاعة.. ولكن المشكلة في أذرعته الإعلامية.. فتصيدها باسم يوسف الواحد تلو الآخر.. وأحالها إلى "مسخرة" وإلى مادة للترويح عن المصريين ليلة كل أسبوع. اكتشف الباب العالي، أن باسم يوسف رجل خطير بذكائه وبقدرته على تحديد هدفه بدقة، وبراعته في إيلام السلطة..ليس بحصار قصر الاتحادية وقذفه ب"المنجنيق" كما كان يحدث أيام الرئيس المعزول محمد مرسي.. ولكن باصطياد "عصافيره" المنتشرين على الفضائيات.. والتريقة عليهم.. وإخراج "الأراجوز" المتخفي داخلهم خلف البدل والكارفيتات الباريسية الأنيقة.. وإماطة اللثام عن "الرتب" فوق أكتاف بعض الإعلاميين.. واكتشاف "المخبر" داخل كل إعلامي "واصل" و"موصول" بحامل الشيكات في بيوت السلطة. باسم يوسف .. هذا العبقري عرف من "أول نظرة" بأن المعارضة ممنوعة.. والرأي المخالف "جريمة".. ودخول المعتقل.. بات أيسر بكثير من دخول سوبر ماركت على ناصية الشارع الذي يسكن فيه.. اكتشف بأن المشكلة ليست في السلطة القمعية، لأن "القمع" يجري لفه في ورق سوليفان على فضائيات رجال الأعمال الفاسدين، وإعادة تدويره، وتقديمه بوصفه عملا مهما لاستكمال صورة الزعيم "الدكر" الذي يشتاق إليه المصريون .. وأن قتل المتظاهرين في الشوارع بالرصاص الرسمي، ليس جريمة، وإنما عمل إنساني للتخلص من "أورام" تؤلم المجتمع.. وقد يستضيف الإعلامي شيخا يفتي بأنهم "خوارج" يجوز قتلهم وقطع أرجلهم وأيديهم من خلاف وصلبهم على جزوع النخل بالشهور عبرة لكل "خارج" على رضا السلطة. باسم يوسف بعد عدد من الحلقات التي قدمها على ام بي سي مصر، بدأ حواة الإعلاميين في جمع ثعابينهم وقرودهم وباتوا أكثر خوفا من أن يتصيدهم يوسف ويتسلى عليهم طوال الليل. غاب باسم يوسف.. فعاد الحواة إلى لعبة الشعوذة والدجل والضحك على الذقون.. وتحولوا إلى شكاير رمل لحماية السلطة من أي نقد جاد ورصين.. او لصرف الرأي العام عن قضايا الخبز والدم والكرامة.. غاب باسم يوسف فظهر ثعبان إبراهيم عيسى الأقرع.. ليصول ويجول براحته. ولم تعد تقطيع أجساد أطفال غزة إربا أهم من الثعبان الأقرع.. الذي أطلقه ابراهيم عيسى .. وتلقاه الأزهر والسلفيون والمشايخ.. ليجعلوا منه قضية أمن قومي.. ومشروعا قوميا يوحد المصريين الذين مزقتهم السياسة.. ولسه ياما ها نشوف.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.