الدكتور حافظ سلماوي: نقدم خدمة سيئة للمصريين لأنهم يدفعون أقل الأسعار العالمية قطاع الكهرباء يخسر ومحطات الإنتاج كفاءتها تقل.. والنتيجة المواطن يعيش فى ظلام - قطاع الكهرباء فشل فى توفير المصروفات اللازمة لصيانة وعمرات محطات الكهرباء.. والمستثمر الأجنبى والقطاع الخاص يخشيان من المقامرة بأموالهما فى الكهرباء - قطاع الكهرباء فقد السيطرة على الشبكة جعل المواطن لا يحصل على خدمة حقيقية.. وعجز الوقود يؤثر على كفاءة محطات الإنتاج - المواطن المصرى يحصل على خدمة سيئة لأنه يدفع أقل الأسعار العالمية.. والكهرباء تحصل على دعم وقود يصل إلى 24 مليار جنيه
أكد الدكتور حافظ سلماوي، رئيس جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك، أن الموطن المصرى يعيش فى ظلام لأن قطاع الكهرباء يخسر وأن محطات الإنتاج تقل كفاءتها، مبينًا أن قطاع الكهرباء فشل فى توفير المصروفات اللازمة لصيانة وعمرات محطات الكهرباء.
وقال سلماوى فى حواره مع "المصريون"، إن قطاع الكهرباء فقد السيطرة على الشبكة وبشكل جعل المواطن لا يحصل على خدمة حقيقية، وأن عجز الوقود يؤثر على كفاءة محطات الانتاج، مشيرًا إلى أن المواطن المصرى يحصل على خدمة سيئة لأنه يدفع أقل الأسعار العالمية، رغم أن الكهرباء تحصل على دعم وقود يصل إلى 24 مليار جنيه.
** فى البداية.. البعض يتساءل عن قطاع الكهرباء وحقوق المستهلك، فلماذا يدفع المواطن الفاتورة والكهرباء تقطع فى أماكن كثيرة خاصة أن الغرفة لا تلتزم بخريطة الظلام فى الصعيد والمناطق الفقيرة؟ أدفع لماذا لأن الكهرباء تدفع ما تستهلكه وليس ما لا تستهلكه فالعداد يقرأ الاستهلاك أى أن الفاتورة تصدر بناء على ما تم استهلاكه بالفعل من الكهرباء، وهذه الكهرباء لها تكلفة يجب أن أدفع ثمنها، الجزء الخاص بجودة الخدمة فأنا أطلب خدمة وقد لا تؤدى بالجودة المطلوبة وبالتالى يحتج المستهلك على جودة هذه الخدمة ولكن بالتأكيد هذا الاحتجاج لا يصل إلى عدم السداد، وعلينا ان نعترف بأن هناك عوامل تؤثر على جودة الخدمة خارج سيطرة قطاع الكهرباء.
** مثل ماذا؟ توافر الوقود جزء من الأشياء التى تؤثر على جودة الخدمة فيتم فصل الطاقة نتيجة عدم وجود وقود كاف لتشغيل المحطات وهذا خارج نطاق سيطرة قطاع الطاقة لأنه مرتبط بتوافر تمويلات نتجت عنها وجود مديونية مرتفعة لشركاء أجانب، وضعف الاستثمارات فى تنمية الحقول القائمة، وبالتالى قلة البحث عن حقول جديدة لعدم وجود التمويل.
** البعض يحمل المستهلك المسئولية؟ حتى المستهلك شريك فيما يحدث من أزمة، فالمستهلك المصرى يدفع أقل من تكلفة السلعة التى يستخدمها وبالتالى هذا لم يكن ليستمر، ومن هنا نعود إلى السؤال الأهم، وهو كيف يرفعوا الأسعار والخدمة سيئة؟ والخدمة سيئة بسبب أن ما يتم سداده أقل من تكلفتها بما يعادل النصف تقريبًا هذا بالنسبة للكهرباء ويسير أيضًا على باقى أنواع الوقود ولكن على الأقل فى الكهرباء متوسط إنتاج الكهرباء حتى بأسعار الوقود المقدمة بالتسعيرة الحكومى بتكلفة ما يتم تصديره "كاش" وليس بقيمة المورد نفسه فى حدود 40 قرشًا بينما متوسط ما يسدده المستهلك 22 قرشًا، هذا العجز تنامى من عام إلى آخر، وخلق مشاكل خاصة بالقدرة على الاستثمار بالقطاع وجاذبيته، سواء كان استثمارًا حكوميًا أو حتى خاصًا، فكيف يكون هناك استثمار فى قطاع يخسر، قطاع لم يستطع توفير المصروفات الكافية لإجراء عمليات الصيانة، بالتأكيد هناك إمكانية لرفع الكفاءة بالقطاع فلا يقول أحد أن القطاع يعمل بأقصى كفاءة.
** وكم يحتاج القطاع للخروج من تلك الأزمة؟ قطعًا لا يمكن تحديد التكلفة هكذا، فهذا يحتاج إلى دراسة مستفيضة، ولكن بالتأكيد علينا نغيير بعض المفاهيم السابقة وإعادة نظر شاملة للقطاع، فلابد من تبنى سياسات جديدة للطاقة بطريقة تضمن استدامتها وتوافرها وقت الاحتياج لها وأفضل أسعار ممكنة ولكن بالتأكيد كلمة أسعار لا تعنى أن تكون مدعومة بدرجة غير آمنة، ثانيًا لا بد من وجود إطار مناسب يشجع على تحفيز الاستثمار فى القطاع، وهذا لن يحدث إلا إذا تمت إعادة هيكلة للقطاع لرفع كفاءة الأداء، بالإضافة إلى وجود سياسات مشجعة لاستخدام الطاقات المتجددة وإنتاجها، والحقيقة أن الخمسة أهداف مرتبطة ببعض فكل واحد منها يؤثر على الآخر بدون إعادة النظر فى سياسة التسعير لا تتوقع أن يكون هناك استثمار أو أن يكون هناك توجه للطاقات المتجددة الهيكلة أيضًا مرتبط بالتسعير. ** عندما نتحدث عن الدعم الذى وصل إلى 16 مليارًا..؟ مقاطعًا.. 16 مليارًا هو دعم الوقود للكهرباء فقط، وسيرتفع هذا العام 40%، لأننا ندفع مازوت أكثر، إنما إجمالى على الوقود كان 17 مليارًا وسوف يرتفع هذا العام إذا سرنا بنفس المعدلات التى نسير عليها الآن بنسب المازوت المرتفعة، الحكومة تريد ألا يزيد على 19 مليارًا إنما بالمعدلات الحالية سيدخل فى 24 مليارًا.
** وماذا عن سفينة تسييل الوقود القادمة فى أغسطس؟ هذا دعم إضافى
** إذًا نتحدث عن القادم 24 مليارًا بالإضافة إلى دعم التحويل؟ بالضبط.. هذا دعم للوقود بالإضافة إلى 11 مليارًا أخرى لتحويل الوقود إلى كهرباء وهذه العملية خسرانة.
** أى أننا نتحدث عن 35 مليارًا؟ كانوا 27 مليارًا سيصلون إلى 35 مليارًا إذا لم يحدث أى إجراءات تصحيحية وعاجلة.
** أى إجراءات تقصد هل إعادة هيكلة أو الشرائح الأعلى استهلاكًا تحاسب بالنسب المطلوبة؟ لكى نكون صرحاء مع أنفسنا يجب أن نعلم أن الشرائح الأعلى استهلاكًا لن تؤثر تأثيرًا كبيرًا، نسبة المستهلكين الأعلى استهلاكًا عددهم لا يزيد على واحد فى المئة من الاستهلاكات المنزلية والشريحة التى تليهم لا تزيد على 2% فلا تتخيل أن 3% يمكن أن تحقق شيئًا لما يقرب من 97%. ** إذًا ما إجراءات إعادة الهيكلة؟ ليست هيكلة بالمعنى المتعارف عليه، ولكنها خطة شاملة ومستمرة، ففى سنة 92 وصلنا إلى المستوى الاقتصادى فى تسعير الطاقة ثم توقفنا لسبب غير معلوم فتراكمت المشكلة، وترك المشكلة لفترة أطول يعقد المشكلة ويجعل العلاج أكثر ألمًا كلما طالت المشكلة وتأخرنا فى المواجهة، كما أن الوضع دائمًا يتطلب أن يكون فيه آليات مستدامة للتعامل مع هذا الوضع وفكرة تحرير السوق وفى نفس الوقت ندرك جيدًا مدى احتياج بعض الفئات إلى نوع من الرعاية أو الدعم لكن لابد أن تكون هذه الرعاية الموجهة لهذه الفئة من الذكاء بحيث تصل إلى الفئة التى تحتاجها بالفعل وأن تكون مرتبطة بخطط تنمية حتى لا تظل هذه الفئات تحتاج إلى الدعم والرعاية طوال الوقت، فالدعم هو سياسة المورد وهو مطلوب ولكن الدعم الفاشل هو الدعم الذى يستمر من المهد إلى اللحد.
** الدعم اقترب من 35 مليارًا ولدينا 45% من المستهلك منازل و3% الأعلى شرائح ألا ترى أن هذه الهيكلة تمثل ظلمًا بينًا لبعض الفئات؟ وما وجه الظلم.
** وجه الظلم أنك ذكرت أن المتوسط العام للشرائح 22 قرشًا هل مواطن بسيط يستخدم ثلاثة مصابيح وثلاجة ومروحة يستخدم 22 قرشًا مثل ..؟ مقطعًا.. فى النهاية إنتاج الكيلو الذى يستهلكه الغنى والفقير واحد، وما قصدته هو ضرورة فك الارتباط بين الدعم والتسعيرة فى نشاط الكهرباء باعتبار أنه نشاط اقتصادى محترف، من خلال تحويل الوقود إلى كهرباء وتوصيلها إلى المستهلكين، نشاط لابد أن يسدد ثمنه، استعمال شبكة الكهرباء كشبكة ضمان اجتماعى أساء إلى الضمان الاجتماعى وإلى شبكة الكهرباء لأن الحكومة لم يكن لديها آليات جيدة لتوصيل الدعم إلى الناس فاستخدمت شبكة الكهرباء لأن تكون شبكة لتوصيل الضمان الاقتصادي، وفى النهاية ما هو الدعم؟ الدعم هو أننا نوصل مبالغ من المال للناس لتخفف عليهم الأعباء بما يتيح لهم أن ينموا من مستواهم الاجتماعى لكن نتيجة استخدام شبكة الكهرباء كشبكة ضمان اجتماعى تسبب ذلك فى سوء استخدام الكهرباء، لأن الناس وجدت أن توفير الكهرباء لا يعنى أن التوفير سيحصلون بدلا منه على مال، وبالتالى لماذا يوفر فى الكهرباء، بالعكس الاستهلاك الأكبر يعنى حصولى على دعم أكبر، وبالتالى ربط تسعير السلعة بعملية الدعم، سياسة فاشلة.
** للدعم أشكال كثيرة جدًا فى العالم هناك من يمنحه نقدى وهناك من يمنحه جزئى طبقًا للحالة الاجتماعية للأسرة التى تستهلك هل درستم نماذج مختلفة لتطبيقها فى مصر؟ وما أقرب النماذج التى يمكن تطبيقها لفك ربط التسعير بالدعم؟ يوجد معيار أساسى لتقديم الدعم وهو ما يسموه قدرة المستهلك على السداد، أيضا فى أى نشاط اقتصادى طالما نتوجه للمستهلكين فيجب أن يكون المستهلكون قادرين على شراء السلعة التى نبيعها لهم، لكن الفكرة أن ربط الدعم على قدرة المستهلك على السداد لهذه التكلفة هذا شيء من الجنون، فى مصر توجد دراسة يقوم بها الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء عن الدخل والإنفاق ويرى ما هو توزيع الإنفاق الخاص بالمستهلكين على المجالات المختلفة للاستهلاك، وتتحول إلى نسب مئوية من الإنفاق على الكهرباء وعلى الغذاء وعلى الصحة وهكذا، وحاليًا الكهرباء 1.7% فى الريف و1.89% فى الحضر إنفاق وهذه نسبة منخفضة بالنسبة لدول كثيرة. ** مصر عرفت الكهرباء منذ 121 سنة فأول محطة كهرباء بنيت فى كرموز سنة 1893 ثم دخلت محطة طاقة شمسية فى المعادى سنة 1914 والعالم كله كتب أن مصر انطلاقة للطاقة الجديدة والمتجددة ثم أخذت مصر فى الانخفاض...؟ مقاطعًا.. مصر لم تنخفض فى الطاقة ولكن ما حدث أن معدلات النمو فى الطاقة الكهربائية لم تواكب معدلات الزيادة فى الاستخدام، فمصر يوجد بها رقم يضعها من ضمن الدول الأولى فى العالم لأننا لدينا نسبة ارتباط بشبكة تتجاوز 99% وهذا رقم بالنسبة للدول الأولى غير محقق.
** إذا كان 99% من الناس مرتبطين بشبكة الكهرباء وكل يوم تنفصل الكهرباء أربع ساعات إذًا هذا الرقم كاذب؟ ليس كاذبًا لأنه توجد دول أخرى الكهرباء توجد ساعتين وليس تقطع أربع ساعات فقط.
** بالتأكيد تقصد مجاهل إفريقيا؟ ليس مجاهل إفريقيا بل توجد فى لبنان، فأحد الإعلانات التى تجدها على الطريق "هذه الشقة تتوافر فيها الكهرباء 24 ساعة"، ففى لبنان داخل بيروت تقطع الكهرباء من أربع إلى ست ساعات، خارج بيروت توجد الكهرباء من أربع إلى ست ساعات يوميًا، فنحن فى مصر لدينا قرابة 28 مليون مشترك منزلي، وهناك 19 مليون أسرة، وهذا معناه أنك لديك نسبة تغطية تتجاوز نسبة الاستهلاك؟
** العشوائيات لا يوجد فيها كهرباء؟ جميعهم يسرقون الكهرباء، وهم لم يسرقوها غاية فى السرقة، وإنما لأنه يوجد سوء ترتيبات فى قطاعات أخرى أدت الى هذا، من روتين وبيروقراطية وقرار تائه بين المحليات وكافة القطاعات الأخري، فما اقصد أن نسبة التغطية حقيقية، وبالتالى فإن قطاع الكهرباء من القطاعات التى أدت إلى توصيل الخدمة إلى أعلى مستوى لأننا لدينا عدد كبير جدًا من الناس لديهم هذه الخدمة متواصلة، وبما لا يتناسب مع وضعنا الاقتصادى وتطورنا العام كدولة هذا مؤشر من مؤشرات الأعلى لدينا بباقى مؤشرات كثيرة جدًا كالتعليم على سبيل المثال، فعندما يكون لدى 99% هذا معناه أن أبسط زيادة فى استهلاكهم يمثل كمية كبيرة جدًا وبالتالى يتطلب الأمر استثمارات وإطارًا تشريعيًا وقانونيًا لتنظم عمل القطاع، وآليات التسعير كل هذا لابد أن يتطور بالتوازى مع هذا التطور فى الاحتياج.
** عندما نقارن مصر التى بدأت منذ 120 سنة فى الطاقة الكهربائية ب94 مليونًا تنتج 24 ألف ميجا فى المتوسط؟ لقد وصلنا إلى 27 ألف ميجا فى العام الماضى إنما القدرة المركبة 31 ألف ميجا وستصل إلى 34 ألفًا.
** دولة مثل إيران 56 ألفًا وعددها أقل وباكستان وصلت إلى 62 ألفًا...؟ مقاطعًا.. باكستان عدد سكانها أعلى من سكاننا، ولكن الشبكة المصرية والقدرات المصرية ترتيبها 28 على العالم، وترتيبنا الاقتصادى بعد الخمسين، وهذا يعبر عن الموقف العام، إذا كنت تقول إنه يوجد تراجع لموقف مصر فى بعض الأشياء التنموية فبالتأكيد ليس تراجع الكهرباء هو المؤثر فى هذا التراجع العام، فالتراجع فى الكهرباء هو انعكاس للتراجع فى قطاعات أخرى، ومصر المركز الثانى على إفريقيا بعد جنوب إفريقيا، والمركز الثانى من ناحية القدرات على المستوى العربى بعد المملكة العربية السعودية، والخامس فى دول حوض البحر المتوسط من ناحية الشبكات بعد فرنسا وإيطاليا وإسبانيا وتركيا، وتحتل فى أوروبا المركز التاسع أو العاشر بعد ألمانيا وغيرها لأنها دول صغيرة فهنا الحجم جاء نتيجة حجم الدولة وليس للجودة، ولكن كبر الحجم معناه أنك تدير منظومة ليست صغيرة.
** كم يحتاج قطاع الكهرباء من حجم استثمارى؟ الاستثمارات المطلوبة للتوسع فى الانتاج التقليدى تقدر بثلاثة مليارات دولار فى السنة، الاستثمارات المطلوبة لشبكة النقل على الأقل 800 مليون دولار فى السنة، أى حوالى 4 مليارات دولار فى السنة ما بين إنتاج وشبكات وتوزيع، إذا أضفت شبكات الطاقة المتجددة وأردت أن تحقق الأهداف يجب أن تضيف اثنين مليار دولار، أى فى حاجة إلى 6 مليارات دولار فى السنة أى 50 مليار جنيه سنويًا.