الحمد لله الذى خلّص مصر من عصر الاستبداد وأطاح بحكام طغوا وأكثروا فى مصرنا الفساد ... واليوم يشعر بعض الناس بالقلق تجاه ما تحقق من مطالب ثورة 25 يناير وهل نحن نسير فى الطريق الصحيح أم أن هناك مؤمرات ... فى البداية لابد وأن نؤكد على وطنية المجلس العسكرى الذى لولا دعمه للثورة لكانت البلاد لاتزال ترزح تحت وطأة صراعات دموية لا يعرف مداها إلا الله وما يجرى الآن فى دول من حولنا يدل على ذلك . وأيضاً لا نشك فى حكومة الدكتور/عصام شرف لكونها جاءت برضى جماهيرى وهى تبذل جهوداً كبيرة بالرغم من ظروف البلاد الصعبة التى لا تخفى على أحد من المواطنين .. كما أننى لست مع المطالب الفئوية التى تعوق حركة الإنتاج والبناء وتصب فى صالح الثورة المضادة بالرغم من سلامة نوايا القائمين بهذه الإحتجاجات وصعوبة ظروفهم المعيشية التى يشاركهم فيها الكثير من فئات الشعب . إن الشعور بالبطء فى الإجراءات هو أمر يحسب للنظام وليس عليه ويصب فى الصالح العام وليس ضده .. لأن إقدام المجلس العسكرى على اتخاذ إجراءات إستثنائية ضد رموز النظام السابق سيفتح الطريق أمام اتخاذه لإجراءات أخرى إستثنائية ضد أبناء الوطن وهو مالم يقبله المجلس العسكرى أو حكومة الدكتور عصام شرف وآثر الجميع أن يتركوا الأمر للقضاء الطبيعى ليأخذ مجراه وهذه هى مهمة النائب العام فى سرعة التحقيق والإحالة دون الإخلال بحقوق المتهمين .. لأن العدالة هنا لا تتجزأ فكما كنا لا نرضى بالمحاكم الإستثنائية لأنفسنا لا نرضاه لغيرنا حتى لو كانوا خصوماً لنا . ومما لا يخفى على العاملين بالمؤسسات والحكومات أن تقويم أداء مؤسسة معينة لا يمكن أن يتم فى فترة ثلاثة أشهر خاصة أنها مدة قصيرة لا تكفى لإظهار نتائج ملموسة وبالرغم من ذلك فإن ما تحقق فى هذه الفترة هو فى تقديرى شئ كثير لا يمكن إغفاله فيكفينا أن شمس الحرية قد سطعت دون غيوم أو معوقات وأيضاً تمت إحالة الرئيس وأبنائه وزوجته ومعاونيه والمفسدين إلى التحقيق وبعضهم حكم عليه بالسجن والبقية تأتى من خلال المحاكمة العادلة أمام القاضى الطبيعى .. إننا اليوم بحاجة إلى التعاون ضد من يحاول الإلتفاف على الثورة بإثارة الفتن الطائفية وغيرها من وسائل عدم الاستقرار وبحاجة أيضاً إلى تهيئة المناخ أمام العمل المنظم الذى يبنى مصر ولايجرها إلى حالة من الفوضى والصراعات تجعل بعض الناس يترحمون على أيام مبارك !! إن الدعوات التى تحرك الشارع وتدعو إلى الثورة الثانية لابد وأن تعيد النظر فى تقدير الأولويات والموازنة بين المصالح الحقيقية فى الوضع القائم والمفاسد المترتبة على حالة الفوضى التى تنشأ من المظاهرات المليونية .. إن قادة الرأى وأصحاب الرؤى العميقة هم الذين يناط بهم تحريك الجماهير وليس لكل واحد تحركة مشاعر الحب لوطنه وغيرته عليه أن يدعو إلى مثل هذا القرار وهو لا يملك من الأدوات سوى العاطفة الجياشة . إن إدارة شئون البلاد ليست بالأمر السهل فى الظروف العادية فما بالكم بالظروف الصعبة التى يتولى فيها أصحاب السلطة زمام الأمور وسط ضغوط هائلة لم يكونوا سبباً فيها بل كان السبب نظام سابق فاسد أضر بنا جميعاً . ولهذا فإننى أرى الصبر وعدم تصعيد المواقف ويكفى الحث والتوضيح والمطالبة المتعقلة والنصيحة الهادفة للمسئولين حتى لا نعطى الفرصة للمتربصين باستغلال المواقف للإيقاع بين الشعب وجيشه وحكومته وهو الأمر الذى لا نريده ولا نتمنى حدوثه . حفظ الله مصرنا الغالية ووفق المسئولين إلى اتخاذ الخطوات الجادة التى تعطى الأمل لكل مصرى فى عودة الأمور إلى نصابها وتحقيق آمال المواطنين وطموحات الشعب الذى ضحى من أجلها فى 25/ يناير