أعرب مؤتمر الحوار الوطني في ختام اجتماعاته أمس التي استمرت ثلاثة أيام برئاسة الدكتور عبد العزيز حجازي عن رفضه ل "الانفرادية" في إقرار القانون مباشرة الحقوق السياسية وقانون الأحزاب من جانب المجلس الأعلى للقوات المسلحة، في ظل عدم إجراء مشاورات وحوار مجتمعي حقيقي حولهما، وهو الأمر الذي يجب أن يدركه جيدا المجلس العسكري ومجلس الوزراء، حسب توصيات المؤتمر. وقال الدكتور عمرو حمزاوي عضو اللجنة الاستشارية للمؤتمر الذي تلا توصيات المؤتمر، إنه لم يكن هناك "خط أحمر" كما كان يعتقد البعض في مناقشات اللجنة الاستشارية لقضايا المرحلة القادمة، مؤكدًا أنه تم مناقشة جميع الأمور خلال جلسات الحوار الوطني، والتعبير عن رفض ما أسماها ب "الانفرادية" التي بدت واضحة في المشهد السياسي المصري خلال الشهور الماضية، مشيرًا إلى إقرار قانون مباشرة الحقوق السياسية وقانون الأحزاب دون إجراء مناقشات حولهما. وشدد على عدم دعوة من يثبت تورطه في استبداد النظام السابق، أو في قضايا التعذيب والتحريض على المتظاهرين، وتأكيد الحفاظ على حقوق المصريين بالخارجيين وحقوقهم في المواطنة وتوصيات في الانتخابات والمشاركة في الحياة السياسة، ومناقشة قضايا المهمشين على رأسهم أهالي الصعيد والنوبة وذوي الاحتياجات الخاصة، وحقهم في الممارسة السياسية وضرورة تعميق اللامركزية وإيجاد علاقة حقيقة بين المحافظة والمركز. وتضمنت التوصيات ضرورة استقلال السلطة القضائية وضمان فعاليتها في السيطرة على السلطة التنفيذية، واستعادة السلطة التشريعية لصلاحيتها الرقابية وإعادة النظر في مجلس الشورى ووضع برنامج واضح لدور القضاء في الإشراف على الانتخابات عن طريق تشكيل لجنة عليا واحدة لها أمر البث في الانتخابات البرلمانية والرئاسية والاستفتاءات العامة لضمان الرقابة على جميع مراحل العملية الانتخابية. وأكد حمزاوي أن جدلا بين الحضور ساد حول موعد الانتخابات، إذ كان هناك مطالبات بتأجيل الانتخابات البرلمانية وإجراء الانتخابات الرئاسية أولا، مقابل تمسك البعض بضرورة إجراء الانتخابات البرلمانية أولا قبل الرئاسية، ورأى البعض الآخر ضرورة تأجيل إجراء أي انتخابات في الوقت الحالي، نظرا للانفلات الأمني بينما طالب آخرون بتنفيذ الجدول الزمني المحدد لعملية نقل السلطة. وأوضح حمزاوي، أن هناك توافقا بين جميع المشاركين في المؤتمر على ضرورة حل المجالس المحلية، لأنها تمثل مصانع صغيرة للفساد والاستبداد، وضرورة مراجعة القوانين المصرية وملاءمتها مع المواثيق الدولية في حقوق الإنسان ومحاربة الفساد فيما يعرف باسم العدالة الناجزة. من جانبه، أكد الدكتور عبد العزيز حجازي رئيس لجنة الحوار الوطني، أن الحوار لم يفشل مشيرا إلى أن الذين تحدثوا عن المؤتمر بوصفه "مكلمة" يمثلون أعدادا قليلة لا تؤثر على الحوار الوطني، وأن الأسباب التي ادعوا انسحابهم من أجلها وهي وجود عدد من أعضاء الحزب "الوطني" ليست مقنعة حيث أنه لا يستطيع أن يطرد أي شخص من الحوار الوطني لأنه في النهاية حوار ديموقراطي. وأشار حجازي إلى أن هناك أخلاقيات عامة للحوار يجب أن يتم مراعاتها دون إقصاء على رأسها احترام الرأي والرأي الأخر، لافتا إلى أن المواطن هو صاحب التقييم الحقيقي لهذا الحوار، ومدى جديته. من جهته، طالب أحمد أبو بركة القيادي بحزب "الحرية والعدالة"، الذراع السياسية ل "الإخوان المسلمين" بإعادة هيكلة السلطة القضائية وإخضاع جميع الأجهزة الرقابية لرقابة مجلس الشعب، وانتخاب منصب النائب العام، وتقييد سلطاته بالإضافة إلى إقامة الانتخابات البرلمانية قبل الرئاسية. وأكد الدكتور أحمد كمال أبو المجد، نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان سابقا، أن هناك قواس مشتركة بين الأديان كفيلة باستمرار الحوار الوطني بين الشعب المصري، مطالبا بإحداث ثورتين، الأولى في الجانب الديني، والثانية ثورة ثقافية ناعمة، وحتى تعود لغة احترام الرأي والرأي الآخر بين جميع المصريين. ودافع أبو المجد القيادي السابق بالحزب "الوطني" عن حضور عد من رموز الحزب الذي صدر قرار بحله جلسات المؤتمر، قائلا إنه لا توجد تهمة ثابتة موجهة إلى أي منهم وهؤلاء أعدادهم بالملايين ومن الصعب فصلهم عن الحياة السياسية. وحذر من إجهاض الثورة وخروج الناس عنها مشيرا إلى أن الأمر وارد وغير مستبعد أن يتم إجهاض الثورة بأيدينا نحن. فيما أكد الدكتور عمرو حمزاوي أن هناك من يحاول ترويع المواطنين وإثارة الفزع تحت اسم عودة الأمن والاستقرار الاقتصادي، مشيرا إلى أن هدفهم هو إبطاء عملية التحول الديموقراطي، مضيفا أنه على الرغم من أن الأمن القومي والاستقرار في منتهى الأهمية إلا أنه لا يجب استخدامه كسلاح لتحقيق أغراض معينة لبعض الأشخاص وتصديره للرأي العام باعتباره قضية كبرى. وكان المؤتمر شهد أمس نشبت مشاجرتين الأولى بين الشباب المشاركين من خلال شكوك متبادلة بالانتماء للثورة وبإثارة الفوضى عقب دعوات من قبل البعض بتشكيل مجلس رئاسي لإدارة شئون البلاد بدلا من المجلس الأعلى للقوات المسلحة. إذ اتهم أحمد علام بعض الشباب بأنهم تابعين للحزب "الوطني"، لكن أحبطت المشاجرة من قبل المنظمين بعد هتافهم" إيد واحدة إيد واحدة". كما اندلعت مشاجرة ثانية بين شباب الثورة الذين لم ينسحبوا ورئيس المؤتمر، حيث رددوا هتافات ضد النظام السابق رافعين شعار "إيد واحدة" مرة أخرى، ورد حجازي متوجها إلى الشباب بقوله: "يا شباب الثورة نحن سنستمع إليكم ولكن لا بد من الابتعاد عن الفوضى واستكمال الحوارات". وقال إن هناك آداب للحوار لا بد أن تحترم، لافتًًا إلى أن الحوار لم ينته وليس المؤتمر هو الأول والأخير، ودعا الشباب بألا يسمحوا للصحافة والإعلام بأن تصور الاجتماع على أنه تخلله الصراع، وقال إن احترامهم للاجتماع هو احترام للنفس. من جهته، أكد الدكتور صفوت حجازي أنه تم الاتفاق بين حضور المؤتمر على تقديم توصية للمجلس العسكري بتشكيل لجنة من الإعلاميين لمراقبة العمل الإعلامي، وإلغاء التمييز. وقال الدكتور عبد العزيز حجازي في ختام المؤتمر إن التوصيات التي تم طرحها ليست النهائية وإنها هي مجر د عينات، حيث أن الحوار ما زال مستمرا في المحافظات وهناك أوراق ومقترحات تم تقديمها من الأحزاب سيعاد النظر فيها. وأعلن عن إعداد حوار خاص للشباب يكونون هم المسئولون عنه بالكامل، بشرط أن لا يكون "مكلمة" حيث لابد أن يخرج بورقة تتضمن أهم القضايا التي تم مناقشتها، ولا بد أن يكون متضمنا ممثلين من الحركات التحررية وكل الأحزاب والقوى الأخرى، حيث يخرجوا بأجندة تمثل برامجهم وأفكارهم خلال المرحلة المقبلة . وأوضح حجازي أن مؤتمر الشباب الذي سيتم إعداده يأتي لتلافي أي سوء تفاهم قد نشب في جلسات الحوار الوطني. وطالب بإعادة هيكلة الحكومة والنظر في شركات القطاع الخاص ومحاولة استرجاع بعض شركات القطاع العام وفتح ملف الخصخصة من جديد. وكشف حجازي في نهاية المؤتمر عن حصوله علي موافقة من المجلس العسكري ومجلس الوزراء علي إنشاء صندوق للتكافل الوطني لإعانة أهالي الذين قتلوا خلال أحداث الثورة وكذلك الذين أصيبوا وتم فتح باب تلقي التبرعات به وكانت البداية بمليون جنيه. وأضاف أنه سيقدم الكثير من الملايين للصندوق خلال الأيام القليلة المقبلة وسيتم الإعلان عن أرقام حساب الصندوق اليوم.