التعليم العالي تحدد قواعد قبول طلاب الثانوية العامة والأزهرية بالجامعات    الذكاء الاصطناعي في صدارة أعمال المؤتمر الدولي التاسع لعلوم البيئة بجامعة قناة السويس    محافظ الفيوم يعتمد درجات القبول بالثانوي العام والفني (صور)    حزب الوعي يرحب بالجدول الزمني لانتخابات الشيوخ    "إعلام المنوفية" تفوز في مسابقة الإبداع الاعلامي وتناقش مشاريع تخرج الدفعة 2025/2024    وزير المالية: التحول نحو الاقتصاد الأخضر والرقمي يتطلب آليات تمويلية مرنة ومستدامة    البنك المركزي المصري يوضح آلية تقديم الشكاوى المصرفية لتعزيز حماية حقوق العملاء    وزير الزراعة يستقبل المستشار الزراعي الهولندي لبحث سبل تعزيز التعاون المشترك    "الزراعة" تستعرض تقريرا حول الجهود البحثية والخدمية والميدانية ل"بحوث الصحراء" خلال يونيو    توقع حدوث عواصف وأعاصير وسيول أعنف، خبير يكشف سر هطول الأمطار في يوليو    وزير الأوقاف يبحث مع نظيره الفلبيني إصدار شهادات الحلال وتدريب الدعاة    الرياضية: يصعب لحاق ميتروفيتش بمباراة الهلال وفلومينينسي    وداع مؤثر للفنان الشعبي أحمد عامر في جنازة مهيبة بالغربية (صور)    تعرف على حالة الطقس في الكويت اليوم الأربعاء 2 يوليو    محافظ الشرقية يتابع أعمال سحب تجمعات مياه الأمطار من شوارع الزقازيق    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج على القانون    مكتبة الإسكندرية تستعد لإطلاق معرضها الدولي للكتاب في دورته العشرين    من مدينة الإنتاج الإعلامي، فعاليات اليوم الثاني من برنامج "صُنّاع التأثير" بمعهد إعداد القادة    نائب وزير الصحة تشارك في الاجتماع الإقليمي للسكان بمحافظة الدقهلية    مصدر ليلا كورة: الزمالك يتسلم استغناء أحمد شريف من فاركو واللاعب يوقع ل5 مواسم    جمال عبدالحميد يهاجم إمام عاشور ويُعلق على رحيل زيزو    تفاصيل لقاء حزب الوعي وفدَ سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في القاهرة    البورصة تواصل الصعود في منتصف تعاملات اليوم    ترامب يهدد زهران ممداني بالاعتقال ويشكك في جنسيته.. والأخير يرد: هذا ترهيب سياسي    كوريا الجنوبية والصين تبحثان التعاون قبل قمة أبيك    «التعليم» تصدر تعليمات تنظيمية بشأن تحويلات طلاب المرحلة الثانوية للعام الدراسي    كواليس موت "دنيا" في سوهاج.. خلاف بين شقيقتين ينتهي بجريمة قتل على يد الأم    مصرع سيدة إفريقية صدمتها سيارة بالتجمع الأول    الجيش الإسرائيلي: القبض على خلية "إرهابية" تديرها إيران في جنوب سوريا    المصرية للاتصالات تنتهي من عمليات الإنزال ومسارات العبور الخاصة بالكابل البحري SEA-ME-WE-6 في مصر    تامر حسني: "في عمر وسلمى 4 ليلى زاهر أمي وملك زاهر خالتي"    وزير الإسكان يعقد اجتماعاً لمتابعة الموقف التنفيذي لمشروع حدائق تلال الفسطاط    الإفتاء توضح حكم صيام يوم عاشوراء منفردًا.. مكروه أم جائز؟    مصدر ليلا كورة: عمر الساعي ينتقل إلى المصري على سبيل الإعارة    "السبكي": تشغيل 97 منشأة صحية بأسوان حتى الآن ضمن "التأمين الشامل"    في 13 أسبوع عرض.. إيرادات سيكو سيكو تصل ل188 مليونا و423 ألف جنيه    تكريم خاص من الزمالك.. عقد شيكابالا يُصرف بالكامل في حال الاعتزال    كامل الوزير يلتقي نائب رئيس "ألستوم" لمتابعة مشروعات النقل وتوطين الصناعات    خطاب 3 يوليو لحظة مفصلية في استعادة الوطن وتثبيت مؤسسات الدولة    بعد رحيله رسميًا.. شيكابالا يودع طبيب الزمالك بكلمات مؤثرة    الخميس.. حفل تأبين الناقد الراحل محمد السيد إسماعيل بالقليوبية    إعلام الاحتلال عن مصدر: المقترح الجديد لا يتضمن تعهدا واضحا بإنهاء الحرب    تعرف على مكافآت لاعبى الهلال بعد التأهل التاريخى فى مونديال الأندية    عالم سعودي يكشف عن 4 مراتب لصيام عاشوراء: المرتبة الأولى الأفضل    تمويل العلوم: فتح باب التقدم لبرامج التعاون العلمي بين مصر واليابان في مجالات البحث والابتكار    ضوابط منح الترخيص المؤقت للحضانات    تحتوي على مواد قابلة للاشتعال.. إزالة مخازن مخالفة تشكل خطراً على المواطنين بالجيزة    قرارات حاجة لمحافظ الدقهلية في مفاجئة لمستشفى بلقاس..صور    رئيس جامعة المنيا يفاجئ مستشفيات الجامعة بعد منتصف الليل للاطمئنان على انتظام العمل    رويترز: الجيش الإيراني أجرى استعدادات لزرع ألغام في مضيق هرمز    آخر ما كتبه المطرب أحمد عامر قبل وفاته بساعتين    وزارة البترول: تفعيل خطة الطوارئ فور انقلاب بارج بحري بخليج السويس    "بوليتيكو": الولايات المتحدة توقف بعض شحنات الصواريخ والذخائر إلى أوكرانيا    التشكيل الرسمي لمباراة بوروسيا دورتموند ومونتيري في مونديال الأندية    رأسية جارسيا تقود ريال مدريد للفوز على يوفنتوس والتأهل لربع نهائي كأس العالم للأندية    من دعاء النبي.. الدعاء المستحب بعد الوضوء    أمين «البحوث الإسلامية»: الهجرة النبويَّة تأسيسٌ لمجتمع قيمي ينهض على الوعي    هل يحق للزوجة طلب مسكن مستقل لضمان استقرار؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طابع شرطة!!!
نشر في المصريون يوم 25 - 05 - 2011

في العهد البائد إبان تحالف الفساد والاستبداد عندما كان الشعب في خدمة الشرطة؛ عرف المصريون جميعا إتاوة غير مسبوقة لدى غيرهم من الدول تجبى منهم عنوة تحت اسم "طابع شرطة" هذه الدمغة الغريبة والإجبارية التي يطالب بها كل مراجع لدائرة حكومية لإنجاز أي عمل روتيني كاستخراج جواز سفر أو تجديد رخصة قيادة؛ وكم تأجل إنجاز مهام في دائرة حكومية لأن طوابع الشرطة الموجودة لدى الموظف المختص قد نفدت؛ ثم يوجهك الناصحون إذا كنت راغبًا في شراء وقتك وإنجاز مهمتك باللجوء للفراشين والسعاة للحصول على طابع الشرطة بأضعاف ثمنه؛ هامسين في أذنك بأن هذا الموظف المختص يسرب نصف الكمية المسلمة إليه لهؤلاء السعاة ليقتسموا الفارق سويًا.
في البداية كنت أستغرب من هذا المسمى (طابع شرطة)؛ وفي دلالة هذه الإتاوة التي تتنوع فئاتها؛ كنت أسأل نفسي أليست الشرطة جهازًا قوميًا يمثل السيادة الوطنية؟ أليس لها اعتمادات مناسبة في ميزانية الدولة التي تمولها الضرائب والموارد الاقتصادية للدولة؟؛ هل يليق أن تتقاضى دولة معاصرة أجرة من الشعب نظير قيامها بحماية مجتمعه وحراسة ممتلكاته؟؛ ولكنني كنت بدافع الوطنية أردع هذه التساؤلات مستعدًا لبذل الغالي والرخيص لتمويل جهاز الشرطة الذي هو صنو جيش بلادي فكلاهما مكلف بحمايتها.
حتى اكتشفت ذات يوم أن الريع الهائل لهذه الإتاوة لا يخصص لتمويل جهاز الشرطة بل لتمويل أندية ضباط الشرطة، وهذه الأندية يا سادتي هي منتجعات راقية مهيأة بكل وسائل الترفيه والرفاهية ومخصصة لضباط الشرطة وأسرهم، أذهلتني المعلومة وفهمت منها أن السيد ضابط الشرطة الذي يقضي أسبوعه في قهرنا وسب أمهاتنا وصفع أقفيتنا وركل مؤخراتنا والبصق على وجوهنا؛ يحتاج في نهاية الأسبوع لراحة من هذا العناء في جو رومنسي يهيئ له تناول وجبة من اللازنيا والسكالوب والجمبري بالمايونيز، بينما تستمتع زوجته بالبيسين والبيوتي سنتر ويلهو أولاده بالكريزي ووتر، ولكن من يدفع له ثمن ذلك كله؛ هم هؤلاء الذين تفضل سعادته بسب أمهاتهم وصفع أقفيتهم وركل مؤخراتهم، وهذه منتهى العدالة المنطقية، أفليس هؤلاء هم من تسببوا في إرهاق سعادته على مدار الأسبوع؟.
هناك ما هو أخطر من ذلك فهذه الدولة التي تعيش منذ ثلاثة عقود تحت قانون طوارئ بغيض يستبيح كل شيء في حياة ومقدرات كل مواطن مصري، ويستتبع هذا القانون القبض على الناس بالشبهات وبدون سند قانوني واحتجازهم لفترات طويلة غير مبررة والأقسى من ذلك منهج التعذيب الجسدي الذي أصبح سياسة تدمغ تعامل الشرطة مع المواطن، مما حول زنازين السجون والمعتقلات وأقسام الشرطة إلى سلخانات بشرية تمارس فيها جميع انتهاكات حقوق الإنسان؛ بشكل منظم أدرج مصر على رأس الدول التي تنتهك هذه الحقوق بانتظام.
وقد ترتب على ذلك أن عشرات الألوف ممن تعرضوا للتعذيب والإيذاء رفعوا قضايا على الدولة أثبت القضاء في معظمها حقهم في الحصول على تعويض مناسب بعد أن قدمت تقارير الطب الشرعي (الرسمية) لمنصات القضاء أدلة دامغة فاضحة لا يمكن دحضها، فلم يكن بوسع هذا القضاء إلا الحكم بتعويض هؤلاء الضحايا بمبالغ وصلت في مجموعها إلى عشرات الملايين، وكانت هذه الأحكام تقتصر بالطبع على الحكم بتعويض الضحية تعويضًا ماليًا دون إدانة الجاني أو حتى تحديده.
فمن الذي كان يدفع للضحايا هذا القدر الهائل من التعويضات؟، كانت تُدفع من خزانة الدولة، أي من الضرائب التي تجبى مني ومنك لبناء مدارس لأبنائنا ومستشفيات لزوجاتنا ومشاريع إسكان لشبابنا، كل تلك المطالب من حقوق الشعب كانت تؤجل لأن مخصصاتها تذهب لتعويض ضحايا أبرياء تم سحلهم على يد زبانية الشرطة؛ دون أن يتحمل هؤلاء الزبانية أية مسئولية قانونية أو مادية أو معنوية؛ لذا فقد استمروا بلا هدنة ولا تردد ولا هوادة في ممارسة أقسى أنواع التعذيب بغير رادع؛ لأن من يدفع ثمن جرائمهم البشعة هم أنا وأنت.
لقد حول النظام الفاسد المستبد في عهد مبارك الشعب المصري إلى مصدر تمويل ثابت لأعضاء جهاز الشرطة من الديدان إلى الثعابين؛ ومن منا ليست لديه عشرات القصص عن ابتزاز الأمناء (الخونة) والمخبرين للمواطنين في كل المواطن؛ ولم يقتصر ذلك على قاطني مصر بمختلف فئاتهم؛ بل أن المغتربين المصريين وما أكثرهم يتم تذكيرهم بمجرد وصولهم بأنهم عادوا إلى أرض الوطن، فيتم ملاحقتهم في كل خطوة بعبارات مثل: "حمد الله على السلامة يا باشا"؛ و"كل سنة وانت طيب يا حاج"؛ ومن أبرز صور الابتزاز التي يتعرض لها هؤلاء الأتاوات التي تفرض على من يحضر إلى البلاد بسيارته، فيجبر فور وصوله على شراء طفاية حريق لسيارته "صناعة مصرية" بسعر يتراوح بين 150 إلى 200 جنيه لا يعفيه من ذلك حمله لأي طفاية مهما كانت جودتها وصلاحيتها؛ لأن هذه الطفاية التي يجبر على شرائها من تصنيع مصنع مملوك لابن الرئيس، ثم يُجبر هذا المغترب على توقيع طلب مطبوع مقدم إلى مدير أمن الميناء يرجوه فيه حراسة سيارته مقابل 70 جنيهًا! مع أن هذا المغترب ملاصق لسيارته وتجلس أسرته بداخلها لحين إنهاء الإجراءات، ثم يتم تكبيده مبلغ 80 جنيهًا مقابل الكشف على سيارته بجهاز كشف المفرقعات!؛ ويتبع ذلك سلسلة سخيفة عقيمة من الإجراءات المذلة المهينة لا هدف منها سوى ابتزاز هذا المغترب الذي يعلمون أنه عاد لتوه محملا بمصاريف الأجازة؛ فلا يخرج من الميناء إلا وقد دفع ما يتراوح بين 1.000 إلى 1.500 جنيه (بين رسمي وودي ومبهم)؛ بهدف تهيئته نفسيًا لمواصلة مسيرة دفع الإتاوات الإجبارية للشرطيين طوال رحلته وحتى عودته.
لأن كل ما سبق ذكره كان تجارب شخصية عايشتها كما عايشها أكثر مني الملايين فقد آن الأوان بعد ثورة شباب مصر الذين أحسنوا باختيار تاريخ 25 يناير موعدًا لها ليبدلوا الذكرى السوداء في أذهاننا لهذا التاريخ "عيد الشرطة" البغيض ويجعلوه على النقيض "عيد العدالة والكرامة"، أقول لقد آن الأوان ليس فقط لتصحيح هذه الأوضاع الجائرة؛ بل ولمحاسبة كل من فرض هذه الألوان من الذل والقهر والقمع على شعب مصر، نعم المحاسبة وليس الانتقام فالعدل أساس الملك؛ وتسامحنا عن المحاسبة يعني سماحنا بنقل ملكيتنا إلى زبانية جدد؛ ربما يكونون أكثر جوعا وشرهًا لدمائنا.
أطالب البرلمان الجديد الذي لن يكون مزورًا بإذن الله وأطالب الحكومة وكل القوى السياسية بمصر بالسعي للإلغاء الفوري للإتاوة التي تجبى من الشعب باسم طابع الشرطة، ثم يتم فورًا حصر كل المنشآت الترفيهية التي أنشأت من حصيلة هذه الجباية وسحبها من هيئة الشرطة وتسليمها لجهة استثمارية متخصصة تديرها بصورة تجارية ويخصص ريعها لبرامج تنموية اجتماعية تخدم أبناء الشوارع أو أطفال العشوائيات؛ كما أطالب بحصر كل ما قامت الدولة بدفعه من تعويضات لضحايًا القتل والتعذيب التي مارسها منسوبو الداخلية، ثم العودة بها على هؤلاء المجرمين واستردادها من ثرواتهم الشخصية وثروات زوجاتهم وأبنائهم، على أن تخصص هذه الأموال لإنشاء صندوق يدعم المنظمات الحقوقية التي تتولي التقاضي عن ضحايا الشرطة الذين لا يملكون نفقات التقاضي؛ وقبل هذا وذاك لا بد من محاكمة كل من ارتكبوا جرائم التعذيب وانتهاك الكرامة الإنسانية؛ وهي جرائم لا تسقط بالتقادم في كل القوانين والمواثيق الدولية، أطالب بحصر ومراجعة كل الإجراءات البيروقراطية البغيضة والمتعفنة في دوائرنا الحكومية التي ظاهرها التنظيم الروتيني وباطنها الابتزاز المنظم للشعب، وهذه المطالب هي مجرد بنود على قائمة طويلة أناشد كل من يطلع على مقالتي بإكمالها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.