اصدر الاديب العراقي الدكتور محمد باقر علوان ترجمة عربية جيدة وجميلة لقصائد الشاعر الامريكي الزنجي لانكستون ( لانجستون) هيوز مع مقدمة كتبها لها. وكان علوان قد ترجم قصائد للانكستون هيوز ونشرها عام 1972 ولكنه الان اعاد نشر تلك القصائد منقحة ومزيدة مع مقدمة لها. وقال علوان تحت عنوان "تمهيد" ان الطبعة الاولى من هذه القصائد "ظهرت في بغداد سنة 1972 وكنت قد اخترت على الاقل قصيدة واحدة من كل مجموعة من مجموعات لانكستون هيوز." اضاف يقول "وقد رايت الان اعادة طبعها بعد مراجعتها وتصحيح اخطائها المطبعية واضافة جملة من القصائد الاخرى اليها." المقدمة التي كتبها المترجم لمجموعة القصائد المختارة هذه تحدثت عن الشاعر وشعره وخصائص هذا الشعر. وقال ان هيوز ولد سنة 1902 في جوبلن بولاية ميزوري لكنه لم يلبث ان غادرها الى غيرها من المدن الامريكية التي استوطنتها عائلته "التي كانت قد اكثرت من الانتقال من محل الى اخر ولم يكن الابن والاب على احسن وفاق. "وقد ادى الخلاف الذي وقع بينهما الى مقت شديد. وهكذا ترك الشاعر اباه ووضع حياته تحت حماية امه الحنون وجدته الطيبة القلب." بعد انهاء هيوز دراسته الثانوية سافر الى المكسيك للعمل ثم عاد الى جامعة كولومبيا في نيويورك لكن الضائقة المالية التي مر بها ارغمته على مغادرة الجامعة "ليتقلب اثر ذلك لانكستون هيوز الشاب المرهف في مختلف الاعمال داخل الولاياتالمتحدة وخارجها." كما انه امضى اوقاتا في كل من السنغال وفرنسا وايطاليا وكوبا وكوريا واليابان والصين والاتحاد السوفيتي والمكسيك واسبانيا ونيجيريا. في سنة 1925 حاز هيوز على الجائزة الاولى في الشعر من مجلة ( فرصة) وعاد بفضلها الى دراسته الجامعية فتخرج من جامعة لنكولن في بنسلفانيا. الدكتور علوان ولد في بغداد وتلقى دراسته العليا في انجلترا وامريكا. وكتابه الذي ورد في 209 صفحات متوسطة القطع صدر عن المؤسسة العربية للدراسات و النشر. وقال المترجم في المقدمة "لقد عاصر تكوين هيوز كأديب له قيمته الفنية والتاريخية ما يسمى "النهضة الزنجية" او "الحركة الزنجية الجديدة" التي كان مركز انبثاقها هارلم في عشرينات القرن العشرين وكان هيوز عاملا فعالا في هذه الحركة كما انه تأثر بها تأثر شديدا." وقد كتب في مجلة (الازمة) سنة 1926 شارحا موقف هذه الحركة فقال "نحن الفنانين الزنوج الشبان الذين يعملون الان نحاول التعبير عن انفسنا بجلدنا الغامق اللون دونما خوف ولا خجل. فاذا احب عملنا الرجل الابيض فنحن سعداء واذا لم يحبه فذلك لا يضرنا شيئا ابدا... نحن ندرك اننا جميلون وقبيحون ايضا... نحن نبني معابدنا للغد على اقوى ما نعرف ونحن نقف على قمة الجبل احرارا في قعر نفوسنا." وقد تأثر هيوز "كما كنا نتوقع بالشعر الزنجي الامريكي وخاصة بشعر بول لورنس دنبار ولكنه في الوقت نفسه تأثر بشعراء اخرين سواء كانوا امواتا اومعاصرين له امثال لونجفالو ووالت ويتمان وكارل ساندبرج وايمي لويل." اما شعر هيوز فيمتاز "من الناحية التكنيكية بقصر جمله وقوتها وشعره دائما مليء بالخيال الانساني ويهمس بصورة جميلة تارة وبشعة تارة اخرى لكنه يؤديها بشيء من الفهم والمجاوبة وحتى العطف. وهو يغلف كل ذلك بموسيقى ساحرة ومن ذا الذي يعرف الانفعال بالموسيقى كما عرفه هيوز.. اننا نكاد نحسّ بانه كان يعتقد اعتقادا جازما بشعار "الموسيقى قبل كل شيء" "مما يدل على ذلك كتابته لعدة قطع شعرية قصيرة للاطفال الذين هم اكثر الناس تأثرا بالهارمونية العفوية والايقاع الرتيب... شعره في الاساس يعتمد على البساطة في الاداء والبساطة في الموضوع ... وشعره... تنطبق عليه صفة السهل الممتنع. "هيوز من اوائل الذين قرأوا الشعر مع الجاز واحكموا اداءه ففي شعره تتاصر الكلمة والموسيقى والصوت والدراماتيكية لتخلق جوا مؤثرا ينبض بالرقة والحب والايمان بعدالة الانسان النهائية وبالاحتجاج والغضب والثورة." من القصائد الاولى من مجموعة "احزان متعبة" سنة 1926 قصيدة بعنوان "افتتاح" يقول فيها "انا زنجي../ اسود اسود كالليل/ اسود كأعماق افريقياي/ كنت عبدا../ وقد امرني قيصر ان اكنس عتبات الابواب/ فمسحت احذية واشنطن.../ كنت عاملا فارتفعت الاهرام على ساعدي/ ومزجت الاسمنت لبناية وولورث.../ "كنت مغنيا/ طوال الطريق من افريقيا الى جورجيا/ احمل اغاني الحزينة/ واقيم المهرجانات/ انا شهيد/ قطع البلجيكيون يدي في الكونجو/ والان يضربونني حتى الموت في تكساس/ انا زنجي../ اسود اسود كالليل/ اسود كاعماق افريقياي." ومن مجموعة "ايها الموت العزيز البديع" عام 1931 نقرأ قصيدة بعنوان "الطبل" وفيها يقول "اعتقد/ الموت طبل/ يدق الى الابد/ حتى تأتي اخر دورة/ مجيبة له الدعوة/ حتى تهبط اخر نجمة/ حتى تكون اخر ذرة/ لا ذرة/ حتى يضيع الزمن (ويتبدد الهواء) ويكون الفضاء/ لا شيء/ الموت طبل/ طبل يدوي/ داعيا كل الاحياء/ لكي تأتي تأتي/ تأتي".