التعميم في كل القضايا جريمة.. بل هو جريمة لا تغتفر.. ومقولة أن المساواة في الظلم عدل.. هي أبعد ما تكون عن الشرع والعرف والمنطق.. ولا يمكن تحمل تبعاتها .. هذه حقيقة.. ومن قال بغير ذلك ففي قلبه مرض.. وفى عقله جهل وافتئات على الواقع.. فضباط الشرطة ككل الشرائح الأخرى منهم الصالح والطالح منهم من ظلم نفسه ومنهم البريء براءة الذئب من دم ابن يعقوب.. وفى كل الأحوال هم كغيرهم ليسوا على وتيرة واحدة .. ولا يمكن رميهم جميعاً بالظلم .. ففيهم ومنهم من كان يؤدى عمله طبقاً للقانون دون شطط أو إفراط أو تفريط.. ومنهم من غاب ضميره وذهب عقله فراح يكيل الاتهامات جزافاً إلى عباد الله الذين لا حول لهم ولا قوة.. والأمر بطبيعة الحال يمتد إلى كل الفئات الأخرى .. فمنهم من كان يبارك ويصفق لتخرصات النظام السابق والمنزوى.. وآخرون كانوا عند عهدهم ووعدهم فأدوا رسالتهم بعدالة .. وكان دافعهم إلى ذلك أن العدل أساس الملك.. وبالتالي نحن جميعاً أحوج إلى نشر ثقافة المصالحة مع هؤلاء الذين عُرفوا بالحيادية والنزاهة والعمل في صمت.. ولم يتكسبوا من كراسيهم التي قبعوا عليها.. أما من تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء قولاً أو فعلاً ومن امتلأت بطونهم بالحرام فلا مصافحة ولا مصالحة معهم وأمرهم موكول إلى الله.. ولا يقولن قائل أنهم جميعاً عاشوا وتربوا في كنف النظام السابق بظلماته التي تعددت.. وما جلبة لنا من خراب ودمار .. فقد تربى كليم الله موسى في بيت فرعون ومع ذلك كان هو دون غيرة من قاد سفينة التغيير وأطاح به وبنظامه الفاسد والطاغي.. ليس هو وحدة وإنما معه امرأة فرعون العابدة التقية التي احتضنته وكانت له بمنزلة الأم في حنانها وعطفها ورعايتها.. فالتعميم جريمة والمصالحة هي الحل.. إذا كنا فعلا نبحث عن الاستقرار والاستمرار والهدوء.. المسئولية نتحملها جميعاً وعلى رأسنا من شاركوا في ثورة الحق.. التي قال عنها الإمام الراحل الشيخ / محمد متولي الشعراوي.. ( أن الثائر الحق هو الذي يثور ليهدم الفساد ثم يهدأ ليبنى الأمجاد ) فهل نحن فاعلون.