يبدو أن تمسك جماعة "الإخوان المسلمين" بعودة الرئيس المعزول محمد مرسى سيقف حجر عثرة أمام "المجلس الوطني الديمقراطي" الذى تبنى تدشينه عدد من الشخصيات والقوى السياسية المعارضة، ليكون بمثابة الآلية لتنفيذ المبادئ العشرة ل "وثيقة بروكسل"، التى تستهدف استرداد ثورة 25 يناير وكسر الانقلاب؛ من بينهم السفير إبراهيم يسري، رئيس "جبهة الضمير"، والدكتور سيف عبدالفتاح، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، والشاعر عبدالرحمن يوسف، ومصطفى النجار، البرلمانى السابق، وغيرهم من الذين كانوا فى يوم ما ضمن الجبهة المعارضة ل "الإخوان"، لكنهم في الوقت ذاته اعتبروا أن ما حدث في الثالث من يوليو "انقلاب" على ثورة 25 يناير. وتعترض جماعة "الإخوان" على فكرة التخلى عن عودة الرئيس المعزول محمد مرسي، على الرغم من أن بعض قياداتها، ومن بينهم جمال حشمت، عضو مجلس شورى الجماعة أبدى موافقته المبدئية على "الوثيقة"، إلا أن الجماعة لم تعلن موافقتها الرسمية حتى الآن عبر بيان يؤكد ذلك. إذ قالت الجماعة فى بيان لها إنها تثمن وثيقة المبادئ العشرة التى تم إعلانها فى بروكسل، مثمّنة فى الوقت ذاته استمرار التحالف الداعم لها فى أداء دوره، ولكنها أشارت إلى ضرورة تضمين مطلب عودة الدكتور محمد مرسى. من جانبه، قال الدكتور جمال حشمت، إن المبادئ العشرة، التى تم الإعلان عنها فى بروكسيل، لا تعارض بينها وبين مطالب "التحالف الوطني لدعم الشرعية"، والتي اعتبرها تمثل إطارًا جامعًا وأوسعَ من إطار "تحالف الشرعية"، يطمئن "القلقين" على مرحلة ما بعد إسقاط "الانقلاب". وأضاف، أن توقيع الإخوان على "المبادئ العشرة" يأتى حرصًا منهم على توحيد الصف الثورى ضد "الانقلاب"، مشيرًا إلى توافق ذلك مع ما قاله منذ شهرين من أن الجماعة على استعداد للتراجع خطوة أو خطوتين للوراء، فيما يتصل بتوحيد القوى الثورية. وفي الوقت الذي اعتبر فيه أن "المبادئ العشرة" ومطالب التحالف هى عودة المسار الديمقراطي، إلا أنه قال إنه "لا معنى لها بدون عودة الرئيس". وهو الأمر الذى أكده قيادى بارز بالتحالف، فضل عدم ذكر اسمه، مؤكدًا أن سبب البطء فى تنفيذ آليات "وثيقة بروكسيل" هى جماعة الإخوان المسلمين للأسباب السالف ذكرها. وقال إبراهيم يسري، رئيس "جبهة الضمير"، إنه سيتولى الاتصالات ب"المجلس الوطنى" الذى أسس كآلية لتحقيق أهداف الثورة والمبادئ العشرة ل"وثيقة بروكسيل"، موضحًا أنه سيجرى اتصالات بعدد من القوى السياسية والحركات الثورية وليست الأحزاب الإسلامية فقط. وأضاف يسرى ل"المصريون"، أنه سيعلن خلال الفترة القليلة القادمة عن الكيانات والشخصيات الموقعة على وثيقة المجلس، عبر مؤتمر صحفي، بعد الانتهاء من المشاورات مع القوى السياسية حول هذا الأمر. وقال الدكتور مجدى قرقر، القيادى البارز ب "التحالف الوطنى لدعم الشرعية"، إن التحالف يبارك الوثيقة وكل المجهودات التى تدعو لخروج مصر من أزمتها، مشددًا على ضرورة اجتماع قيادات وثيقة بروكسيل ووضع الخطوط العريضة لتنفيذ المبادئ العشرة للوثيقة. وأضاف، أن التحالف ليس جزءًا من "جبهة استرداد ثورة 25 يناير"، ولكن يدعم كل مجهوداتها للوصول بمصر إلى بر الأمان. من جانبها، كشفت الدكتورة جيهان رجب، عضو الهيئة العليا لحزب الوسط والقيادية ب "التحالف الوطنى لدعم الشرعية"، عن ملامح "المجلس الوطني"، موضحة أن أبرز قياداتها في مصر هم: الدكتور سيف عبد الفتاح، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، والشاعر عبد الرحمن يوسف نجل الداعية يوسف القرضاوي، ومصطفى النجار، البرلمانى السابق، وشخصيات أخرى كانوا ضمن الصفوف الأولى في مظاهرات 30 يونيو. وأكدت رجب، أنه سيتم تفعيل الوثيقة على الرغم من اعتراض بعض أحزاب التحالف عليها، مشيرة إلى أن الجبهة لا تعتمد على أشخاص أو أحزاب وإنما تسير وفق استراتيجية وضعتها عدد من القوى والشخصيات المدنية. فى السياق ذاته، أبدى المهندس إيهاب شيحة، رئيس حزب الأصالة، والقيادى ب "التحالف الوطنى لدعم الشرعية"، تحفظه على الوثيقة، قائلًا: "إن هناك كيانات هرولت خلف الوثيقة دون ترو ودون إدراك لطبيعة الصراع ومطالب الثورة"، واصفًا ذلك بأنه "يعد نوعًا من المراهقة السياسية والثورية وحيدة عن الشرعية الثورية"، بحسب قوله. وأضاف، أن حزب الأصالة يتحفظ على "وثيقة المبادئ العشرة" ولاسيما على البند الأول رغم تثمينه لكل المبادرات قائلًا: "نرفض كل التسريبات التى تم تسريبها عن شكل كيان أو التجهيز له". وعلق شيحة، على إنشاء "المجلس الوطنى الديمقراطى" لتنفيذ وثيقة "المبادئ العشرة" قائلًا: "الحديث عن تشكيل أى كيانات لن يكون قبل إعلان التحالف موقفه من الوثيقة، لأن بعض الكيانات بالتحالف لها تحفظات ولاسيما "حزب الأصالة". بدوره، قال المهندس صلاح عبدالمعبود، عضو الهيئة العليا لحزب "النور"، إن الحزب يؤيد المبادئ العشرة ل "وثيقة بروكسل"، لكنه ينتظر دعوة رسمية من قبل مدشنيها للدولة، لفتح حوار مجتمعى وللخروج من الأزمة الراهنة، فى ظل عدم مطالبة الكيان الجديد بعودة مرسى أو المؤسسات التى تم حلها كالبرلمان والشورى، وعدم تعطيل الدستور الجديد والعودة لدستور 2012. وقال عبدالمعبود، إن الوثيقة لو صارت فى إطارها الجدى فى ظل اعتراف الإخوان بها وتبنيها فإن "النور" يؤيدها ويرحب بها للمّ الشمل. لكنه شدد على أن الحزب لا يستطيع أن يولى اهتمامًا خاصًا بالوثيقة فى ظل عدم ارتباطها بكيان الإخوان الذى يمثل رأس حربة فى معارضة النظام الحالي، وأن تخرج من أسماء معروفة وتتواصل مع مؤسسات الدولة. وفيما اعتبر أن المبادرات طريقها رسمى ومعروف وليس مواقع الإنترنت، على حد تعبيره، تساءل عبدالمعبود: ما هى الصفة التى يتحدث بها الدكتور كل من محمد محسوب، القيادى بحزب الوسط، والدكتور أيمن نور، زعيم حزب الغد، والمهندس حاتم عزام، نائب رئيس حزب الوسط، والسفير إبراهيم يسري، مؤسس جبهة الضمير، حتى يتبنوا مبادرة كهذه؟! لكنه في الوقت ذاته ثمن موقف الوثيقة بالتخلي عن عودة مرسى والمؤسسات المنتخبة، قائلًا: "هذا ما كنا نطالب به فى حزب النور لا عودة لمرسى لا عودة للبرلمان لا للتراجع عن تطبيق الدستور الجديد"، وبأنه يتمنى أن يكون التراجع نابعًا عن رغبة حقيقية. وأوضح أن وثيقة بروكسل لو عرضت على حزب النور من خلال دعوة رسمية وليس عبر مواقع التواصل الاجتماعى سيقبلها وسيؤيدها، لكن القائمين على الوثيقة يعتبرون النور منشقًا عنهم وقام بخيانتهم. واعتبر عبدالمعبود، المشير عبدالفتاح السيسي، المرشح الرئاسي، الذى تضع الوثيقة إسقاطه ضمن مبادئها الرئيسية، مواطن يحق له الترشح للرئاسة فى ظل وجود قاعدة شعبية كبيرة تؤيده، وأى حديث غير ذلك يسير فى إطار الأمر غير الواقعي، حسب قوله.