يقال فى الأثر "تحدث حتى أراك"، هكذا وضعها أرسطو ناصحًا بني البشر، ولكن ماذا إذا لم تكن شخصًا عاديًا وسط قرنائك من الناس، كأن تكون مثلاً مرشحًا لرئاسة جمهورية، هنا لا يكون الكلام مهمًا للتعرف عليك، ولكنه ضرورة وملحة لتقنع به أناسًا أنت تطمع فى أصواتهم. هكذا القاعدة التى تسير بها كل الانتخابات الرئاسية فى أى دولة فى العالم، ولكن يبدو أن كل شيء يأتى إلى مصر وينقلب، ليطلع علينا المرشح الأقوى حظوظًا عبد الفتاح السيسي، بشيء من عدم الظهور وتفضيل الاختفاء، وكأنه يضمن أصوات الناس. الأمر هذا ترجم في بيان لحملة المشير الرسمية، قالت فيه إنه قرر عدم حضور المؤتمرات الجماهيرية ويكتفي بالظهور من خلال فيديو يسجل خلاله كلمة للمؤتمر الجماهيري يعرض من خلال "الداتا شو". فيما انحصرت أغلب لقاءات السيسي فى التسجيلات التليفزيونية المسجلة، على غرار الحوار الذى قام به لميس الحديدي وإبراهيم عيسى، علاوة على لقاءات متفرقة مع الأدباء والمثقفين وممثلين عن السيدات وجميعها تعقد فى اجتماعات مغلقة يخرج عنها بيان وكلام منمق ينقل عبر الشاشات. من جانبها، اعتبرت حملة تمرد أقوى التيارات الشبابية الداعمة للسيسي، أن عدم ظهور المشير كثيرًا مبرر، لأن لديه التزامات كثيرة بعد عقد الانتخابات وفوزه بها، وقال مسعد المصري، منسق الحركة لقطاع شمال القاهرة، إن السيسي قريبًا سيلجأ إلى تكثيف ظهوره مع قرب موعد الانتخابات، مشيرًا إلى أنه الآن يكتفي بالظهور فى لقاءات رسمية مع الأدباء والفنانين وباقى فصائل المجتمع. ولفت إلى أن المشير يعلم مدى اقتناع المواطنين به، لذا يركز مجهوده الآن على إجراء استعدادات ما بعد الانتخابات، إلى أن يقترب موعد الانتخابات المزمع إجراؤها 26 و27 من الشهر الجاري. ويحلل بعض الخبراء الأمنيين لجوء السيسي لعدم الظهور كثيرًا وفى أماكن مفتوحة، إلى الاحتياطات الأمنية، وهو ما قاله اللواء محمود جوهر، مساعد وزير الداخلية الأسبق، حيث قال إن المشير موقفه ليس موقف مرشح رئاسي عادى، ولكنه مرشح رئاسي قوى لا يفرق عن وصوله للكرسي سوى شهور. وتابع أن الأمن يرصد محاولات للتعرض له من قبل أعضاء بالإخوان المسلمين والجماعات المندرجة تحتها، معربًا عن تخوفاته على حياة السيسي التى تعتبر مهددة، على حد قوله.