أوردت المصريون 19/4 مقالاً رائعًا للكاتب الجزائري (بوزيدي يحيى) تحت عنوان: (المطلوب من السلفيين تجاه السلفيين) وبرغم ساعدتي بما جاء في المقال إلا أنه لامس جرحًا عميقًا وهاجسًا كبيرًا كنت أتخوف من حدوثه، فقد حذَّرت في مقال سابق أنَّ أهم ما أخشاه هو أن يحدث انقلاب داخلي للدعوة السلفيَّة، ينتج على أثره شقاق وفرقة وعدم ثقة بين المشايخ والعلماء من جهة وبين طلبة العلم وأبناء الدعوة من جهة أخرى. ومع الأسف الشديد حدث بعضٌ مما نخشاه، فقد آلمني كثيرًا مقولات ومقالات بدأت تنتشر بين أبناء الدعوة السلفيَّة أنفسهم، هذه المقولات تتهم السلفيين بأنهم أخطأوا وأنَّهم يجب عليهم عمل مراجعات شاملة لمناهجهم وأفكارهم ووسائلهم إلى غير ذلك من الأقوال المثبطة والطاعنة- وإن كنا نتفق مع بعضها – إلا أن أكثرها مع الأسف الشديد طرح بسوء أدب وقلة ذوق ورعونة وتعميم. ونحن مع واحد هذه النماذج وهذه الأطروحات من شخص ينتمي للدعوة السلفيَّة وله مقالات تملأ الآفاق والمنتديات، وهو الأخ خالد الشافعي فيكتب بكل فظاظة مقالاً تحت عنوان: (سلفية التحرير...هل بدأت المراجعات ؟؟) وأخذ يكيل الاتهامات للدعوة ومشايخها وعلمائها وطلابها واقفًا مع المنافقين والمرجفين في خندق واحد، وإن ادعى أنه ناصح أمين وأنه من الغيورين. ومما قاله سامحه الله: • ( لا أجد حرجًا - وأنا السلفي - أن أقول أنه ومن وجهة نظري فإن الجماعة الوحيدة - لا أقول في مصر بل في العالم - التي كانت مستعدة لهذه المفاجأة هي جماعة الإخوان المسلمين، وحين تقارن الأداء السلفي بأداء الإخوان المسلمين فإنك تموت من الخجل والمرارة، ولا تملك إلا أن تقف مشدوهًا أمام أداء معجز يكاد يشبه في دقته وترتيبه وكماله أداء الجيش المصري في إنجاز العبور وتحقيق نصر أكتوبر ). • ثم يقارن بين خطاب الإخوان وخطاب السلفيين فيقول: (كان خطاب وأداء الإخوان مشرفًا واحترافيًا بامتياز وشتان بينه وبين خطاب الهواة، ثم ومع التواضع البالغ للخطاب السلفي والذي سبب حرجًا بالغًا للسلفيين، فقد كان شديد التأخر، والتخبط، والميوعة، والإرتجال ). • ثم انظر كيف يرى الأداء السلفي حين يقول: ( الأداء السلفي كان كارثيًا في تواضعه وتخبطه ومستواه، وهم بين صامت وخابط ومائع إلا من رحم الله حتى كاد الشباب أن يفتن في دينه، وكادت السلفية أن تكون منقصة) . • ثم يقول في استدلال غريبٍ عجيب: ( أثبتت الأحداث أن السلفيين لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين، وأنهم شربوا المر ورضوا بالذل والهوان من نظام بالغ الضعف والوهن، وأنهم فقط لو كانوا دخلوا عليه الباب لكانوا هم الغالبين). • ثم يقول مرددًا الاتهامات القديمة لأعداء الدعوة: ( أسوأ ما أثبتته الأحداث هو أننا قاتلنا على قضايا كان هناك ما هو أهم منها وأولى، وكان الخلاف فيها جائزًا ومعتبرًا ، وأننا من أضيق الناس صدورًا بالمخالف، بل ومن أجهل الناس معرفة بطبيعة من يخالفنا، وحقيقة ما نختلف معه فيه ، وأننا من أسوأ الناس ظنًا بمخالفينًا، واحتقارًا لهم، وأجرئهم على الوقوع في مخالفيهم، وأنجحهم في صناعة الخصوم). • وأخيرًا يتهم العلماء اتهامات صريحة فيقول: ( أقول وللأسف - وهذا من جملة المآخذ - بعضهم لا يمكن الوصول إليه – يقصد العلماء-، وبعضهم إن وصلت إليه لا يرد، وإن رد لا يتفاعل ). ولا شك أن هذه العبارات وأمثالها باطنها فيه العذاب وظاهرها من قبلها العذاب وإن ادعى صاحبها الإصلاح، ونحن لسنا بصدد الرد بالتفصيل على هذا الكلام بقدر ما نحن بصدد توجيه رسالة إلى هذا الأخ الذي تربى كما يقول في أحضان تلك الدعوة ويدَّعي أنه ما زال على نهجها، فأقول له: أيا صاحبنا: لسنا نلومك أن يكون لك رأيك، ولسنا نحجر عليك واسعًا، ولا نسلبك ما هو حق لك، وحقك أن تقول فنسمع لك، ولكن نأبى عليك أن تجلب علينا بخيلك ورجلك، وتتهم أئمتنا وعلمائنا بما هم أبعد الناس عنه. أيا صاحبنا: لقد نثرت كنانتك ولم تعجم عيدانها، ووضعت سهامك في كبد قوسك، وطفقت تهجو أصحابك بلسانٍ حادٍ شحيح على الخير، فصرت كالمرجف، وما كانت سهامك تلك إلا غربًا في غرب، وأبيت إلا أن تكون للفتنة المنتنة رأسًا. أيا صاحبنا: لقد قلت قولاً سبقك إليه أئمة الفسق والضلالة، فانظر يرحمك الله لنفسك أي المواضع تضعها إذ وافقت دعواك – عن غير قصد منك – دعواهم قبحهم الله . أيا صاحبنا: قد تكون صادقًا في دعواك، وهي دعوى نقوم معك في بعضها، لكن ما نأباه منك أن تتهجم علينا وعلى علمائنا ومشايخنا بهذا الأسلوب العنيف. أيا صاحبنا: رب قول أضر على أمة من ألف ألف سيف، ورب قولٌ حسنٌ قَصْدُ صاحبه، لكن الجهل بتنزيله أودى بصوابه، وبدلاً من أن تلعن الظلام أوقد شمعة. [email protected]