لاتزال سياسات الجمهورية الاسلامية الايرانية الداخلية منها والخارجية تشكل مصدر قلق لدول الخليج وقد عقدت دول الخليج العربية عدة اجتماعات في كل من البحرين والرياض وأبوظبي لدراسة كيفية التعامل مع ايران بعد اكتشاف خلايا التجسس في الكويت وصدور الاحكام القضائية ضد المتورطين وبعد احداث البحرين والتصريحات التي اطلقها القادة الايرانيون ضد تدخل قوات درع الجزيرة في البحرين. الآن وبعد ان هدأت الامور نسبيا.. هناك مفارقات غريبة اليوم في المنطقة وهي ان القيادة الايرانية تردد وتعبر عن حرصها على قضية السلام والاستقرار في المنطقة ولكنها في نفس الوقت تتدخل بشكل مباشر وغير مباشر في السياسة الداخلية لدول الخليج. على الجانب الخليجي نرى القيادات السياسية الرسمية تدعو الى التهدئة.. الدكتور محمد الصباح وزير الخارجية الكويتي يؤكد ان قطع العلاقات مع ايران امر مرفوض جملة وتفصيلا وان الكويت لن تكون محل عبور لأي عمل عدواني ضد ايران وان المطلوب من طهران احترام سيادة دول المجلس وفي نفس الوقت نرى مساعي نيابية كويتية تدعو الى عقد جلسة خاصة حول الخطر الايراني وحث الحكومة على اتخاذ اجراءات فعالة لمواجهة الخطر الايراني ووضع خطة ناجعة لذلك. هذا التذبذب في السياسات والاطروحات بين الطرفين يعود سببه الى عدم تفهم كل طرف للطرف الاخر. ما يهمنا هنا هو تعامل دول الخليج مع ايران حيث يوجد منطلقان اساسيان يحددان العلاقة.. المنطلق الاول العلاقات الدولية حيث نتعامل مع ايران على اساس المصالح الوطنية لكل طرف والتركيز على العلاقات التجارية والاقتصادية والثقافية وغيرها.. أما المنهج الثاني في التعامل فيركز على الجانب الايديولوجي لايران.. وهنا يتم الاخذ في الاعتبار مفهوم ولاية الفقيه وتصدير الثورة وتخوف دول الخليج من تزايد النفوذ الايراني في المنطقة العربية. السؤال كيف لنا في الخليج التعامل مع ايران وأي ايران نتعامل معها؟ هل هي ايران الدولة أم ايران الثورة؟ تكمن مشكلتنا الخليجية في حقيقة عجزنا عن تحديد العناصر اللازمة لتدعيم أمن المنطقة.. لاننا لم ندرس كل الابعاد الخاصة بالعلاقة.. فنحن لا نملك وحدنا حرية التحرك ورسم السياسات لذلك اخذنا بالاعتبار نظرة الولاياتالمتحدة ومفهومها الحقيقي لامن المنطقة خصوصا بعد التغيرات الجذرية في العراق عام 2003.. بكلمة اخرى الخليج لا يستطيع مواجهة ايران لوحده الا اذا كان العراق معه، وبما اننا لم نحسم اثار التوتر الطائفي «العلاقة بين السنة والشيعة» في بلدان الخليج. هناك تطورات جديدة في ايران علينا اخذها في الاعتبار لانها تؤثر بشكل مباشر في علاقتنا بايران.. اول هذه التطورات هو وصول المحافظين الجدد للسلطة في ايران ووصول الرئيس محمودي احمدي نجاد على سدة الحكم.. حيث سعى المحافظون الجدد للاستيلاء على الاجهزة الامنية واجنحة الحرس الثوري على القرارات العسكرية والامنية والاقتصادية والسياسية.. اما التطور الثاني فهو تشديد الحصار الذي تفرضه الولاياتالمتحدة ومجلس الامن على ايران بمشاركة دولية وعربية وكرد فعل على ذلك اتخذت ايران الثورة عدة قرارات مهمة منها التدخل في الاضطرابات السياسية والامنية في المنطقة سواء في العراق ولبنان والبحرين واليمن ودعم النظام السوري ضد شعبه.. فدخول ايران على خط القضية الفلسطينية بعرقلة رحلة الرئيس عباس الى غزة ودعم ايران للاقليات الشيعية في المنطقة والتهديد بهز الاستقرار السياسي في المنطقة، ويبدو ان مستقبل العلاقة بين ايران والخليج غير واضح وتتطلب منا اتخاذ سياسات جادة لحماية جبهتنا الداخلية وتعزيز وحدتنا الوطنية اذا كنا ننشد الاستقرار. نقلا عن صحيفة الوطن الكويتية