المشكلة عندنا في مصر سواء قبل الثورة أو بعدها أن الكل يقول اى شيء في كل شيء ليس مهما أن يكون ملما بالموضوع أو حتى جمع عنه المعلومات فمنذ اندلاع احتجاجات أهلنا في قنا هب عدد لا باس به من أصحاب الأقلام ودججوا أقلامهم للحديث عن هيبة الدولة والقانون وكأن الهيبة والقانون لا يتحققان إلا على شعب قنا المسكين , قنا تلك المحافظة التي عانت مثل غيرها من محافظات الصعيد على مدار عشرات السنين من الإهمال الحكومي المتعمد أهلها الطيبون راضون بالعيش القليل لا يعرفون الخروج عن الحاكم لان طبيعة تربيتهم القبيلة تجبرهم على احترام السلطة اى سلطة الأب , الأم ,الأخ الكبير وكبير العائلة , والعمدة ويرضون بحكم الكبير حتى لو كان على غير رغبتهم حفاظا على تقاليد وقيم تربوا عليها , وللأسف فسر البعض ذلك على انه خنوع أو انكسار. اهالى قنا عانوا الفقر والجهل الذي عززته الحكومة وتلوث المياه وفوضى التعليم حتى موظفي الحكومة المغضوب عليهم كانت قنا هي بمثابة العقاب المناسب لهم لينقلوا إليها , وساهم الإعلام خاصة الدراما في تعمد تشويه صورة المواطن والمجتمع القنائى حتى انك تجد معظم المصريين ممن لم يحتكوا بأهل قنا يرسمون صورة ذهنية لأبناء تلك المنطقة وكأنهم قادمون من ادغال إفريقيا وهم يحتاجون إلى معرفة المزيد عن شعب قنا هذا ليس إحساسا بالاضطهاد وإنما واقع معايش ولا أقول ذلك من باب الانحياز إلى بلدي لذلك عندما جاء عادل لبيب رغم مساوئه الكثيرة إلا انه أراد عمل شيء على ارض الواقع تحولت قنا إلى مدينة طبيعية شوارع نظيفة وأشجار على جانبي الطريق وميادين راقية و أهلها لاينكرون الجميل فرغم غضب الكثيرين منهم من سياسية لبيب إلا أنهم ما زالوا يدينون له بالفضل وهو لواء شرطة و مشكلة أهل قنا في الأحداث الأخيرة إحساسهم أنهم لم يشاركوا بالقدر الكافي في أحداث الثورة وهم يرون أنفسهم أنهم ليسوا اقل من غيرهم من أبناء التحرير والإسكندرية والسويس بل على العكس يرون أنفسهم الأشجع لذلك عندما جاءت الفرصة والتي أتاحتها بلا شك الحكومة بهذا الاختيار لمحافظ رشحه رئيسه في العمل اللواء محسن حفظي مدير امن الجيزة السابق ومحافظ الدقهلية في تشكيل المحافظين الأخير رشحه لوزير الداخلية والذي رشحه بدوره لرئيس الحكومة أراد القناوية أن يقولوا لا و قد يكون اللواء ميخائيل كفء ومتميز في عمله لكن اختياره محافظا لقنا في هذا التوقيت غير مناسب بالمرة ويؤكد على العقلية الضيقة التي تحكم اختيارات القيادات حاليا ولا اعرف من بالضبط صاحب القرار أن ترشح له قنا ليكون محافظا لها ولماذا لا يكون في محافظة أخرى حتى ولو من باب التغيير . أهل قنا يحبون من يقدرهم ويحترمهم ويقول لهم الكلمة الطيبة لقد تطورت الاحتجاجات لأنهم شعروا بإهمال الحكومة لهم وتعاليها عليهم مما رسخ الفكر القديم السائد في النفوس بالتجاهل المتعمد من قبل الحكومة , واقسم وأنا صادق لو أن الحكومة سارعت منذ الوهلة الأولى واستمعت لمطالب المحتجين لكانت الأزمة انتهت دون هذا التصعيد فالقناوي طيبته تصل إلى حد التسامح المفرط في حقه طالما انك تحترمه وتقدره وتشعره بهذا التقدير والاحترام وهو في الوقت ذاته يمكن أن يصعد الموقف البسيط ليصبح مشكلة عاصية عن الحل , والمطلوب الآن أن تفهم الحكومة كيف تتعامل مع الأزمات وألا يكون الحل هو رد الفعل فالناس ليسوا جميعا متساون في الفكر والسلوك والتفكير اهالى قنا لم يلجاوا إلى قطع السكة الحديد إلا بعد أن شعروا انه السلوك الوحيد الذي يجعل الحكومة تتحرك وان كان هذا التصرف فيه بعض العناد والعصبية لان تعطيل مصالح الناس خاصة المسافرين ولا يسافر في هذا الزمن إلا صاحب حاجة لعمل أو دراسة أو علاج أمر لا يصح ولا يقره احد , ولكن يبقى القول أن الاستجابة لمطالب أهل قنا لا يمثل ادني اهانة للحكومة كما يحاول أن يقول نائب رئيس الوزراء .