الزاوية الاهم في لقاء رؤساء الاحزاب المسيحية الاساسية بدعوة من البطريريك الماروني الجديد بشارة الراعي هي في ما عكسه هذا اللقاء من ان الحرب الاهلية وعلى رغم مرور عشرين عاما على انتهائها ما تزال ذيولها قائمة، وما تزال المصالحات التى تؤكد طي صفحتها غير متممة. موضوعات ذات صلةلبنان فاللقاء جمع سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية وسليمان فرنجية زعيم تيار المردة للمرة الاولى منذ انتهاء الحرب، كما جمع الى جانبهما ميشال عون رئيس تكتل الاصلاح والتغيير وامين الجميل رئيس حزب الكتائب. وجعجع وفرنجية يلتقيان للمرة الاولى منذ انتهاء الحرب الاهلية مطلع التسعينات بعد قتال بين حزبيهما ادى الى سقوط مئات القتلى من الطرفين. بدأ الصراع الدامي بين الطرفين عام 1978 بعد سنتين على انطلاق الحرب الاهلية على خلفية التباين في المواقف من سوريا التى تعتبر سليمان فرنجية رئيس الجمهورية السابق وجد رئيس تيار المردة الحالي من اقرب حلفائها، في حين رفعت القوات اللبنانية التى كان يترأسها يومها بشير الجميل شقيق رئيس حزب الكتائب الحالي امين الجميل، شعار "اعرف عدوك السوري" بعد دخول تلك القوات الى لبنان. وكان يجمع فرنجية الجد وحزب الكتائب الذي كانت القوات اللبنانية يومها جناحه العسكري، تكتل واحد يعرف بالجبهة اللبنانية التى كانت تضم الاحزاب والفعاليات المسيحية، في مواجهة ما كان يعرف بالحركة الوطنية التى كانت تعلن تأييدها لمنظمة التحرير الفلسطينية وقتالها ضد اسرائيل انطلاقا من الاراضي اللبنانية. وترجم الصراع والتوتر بين فرنجية الجد وحزب الكتائب على خلفية الموقف من سوريا، سريعا الى اشتباكات على الارض. فبعد مقتل احد قادة القوات ويدعى جو البايع في مناطق نفوذ المردة في الشمال اللبناني، امر بشير الجميل سمير جعجع احد المسؤولين العسكريين في القوات، بتنفيذ عملية عسكرية في المنطقة تستهدف معقل هؤلاء وزعيمهم النائب طوني فرنجية والد سليمان زعيم تيار المردة حاليا. فقتل طوني في الهجوم وقتلت زوجته وابنته ولم يكن سليمان في منزل والديه فنجا من موت محتم. وأدت العملية ايضا الى مقتل ثلاثين شخصا من انصار فرنجية وباتت تعرف بمجزرة اهدن نسبة الى المنطقة التى حصلت فيها في شمال لبنان. لكن المصالحات التى تلت انتهاء الحرب وشملت مجازر حصلت في الجبل ومناطق اخرى لم تشمل تلك الواقعة. وقد سبق ان جرت محاولة من قبل رئيس الجمهورية الراحل الياس الهرواي لجمع الرجلين من دون علمهما وفي مناسبة عامة، لكن ردة فعل فرنجية عند اكتشافه انه سيكون بمعية جعجع في مكان واحد كانت حادة باتجاه الهراوي وجعجع فغادر المكان سريعا. اليوم التقى الرجلان وتصافحا وهي صورة تاريخية لما لهذا اللقاء من معاني في سجل حرب لبنان، فجعجع ما زال حتى اليوم يحمل اعاقة في يده بعد اصابته في تلك المعركة وهو سبق ان حاول تبرءة نفسه بالقول انه اصيب في بداية المعركة وسحب الى المستشفى من ارض المعركة. كما قال إنه عندما توجه الى المنطقة لم يكن يعلم ان طوني فرنجية وعائلته في المنزل وان العملية لن تكن تستهدف قتل العائلة. لكن رواية جعجع هذه لا تقنع سليمان فرنجية، فهو يتهمه بقتل كامل افراد عائلته. وهو سبق ان رفض العفو شخصيا وان قبل به دستوريا عند صدوره بقانون عن مجلس النواب في محاولة لطي صفحة الماضي. اليوم يحاول البطريرك الجديد لم الشمل المسيحي وان اقر البيان الختامي للقاء بوجود تباينات، لكنه اعتبرها طبيعية في بلد "ديمقراطي" كما جاء في البيان. قد يكون ما حصل مجرد مصافحة وليس مصالحة، لكن الانقسام العامودي في الصف المسيحي كما بين غيره من الطوائف قائم على عناوين بلغت حدة السجال حولها مبلغ تهديد السلم الاهلي.. وهذه العناوين هي سلاح حزب الله والمحكمة الدولية في اغتيال رفيق الحريري ومقاربة العلاقة مع سوريا.