قرر الشيخ على جمعة مفتي الديار المصرية أن "يجيب " من الآخر ليضرب السلفيين الضربة القاضية ، فاتجه بخطابه مباشرة إلى أمريكا والأمريكيين يستغيث بهم ويستعديهم على التيار السلفي الذي يؤكد المراقبون أنه بات الأكثر انتشارًا بين فئات المجتمع المصري، وهو ما دللت عليه نتيجة الاستفتاء على التعديلات الدستورية الأخيرة . الشيخ على جمعة معروف بميله الشديد للصوفية، ويكره السلفية والسلفيين ، وله مواقف معلنة يهاجم فيها التيار السلفي بشدة، فهو يصدر في مقاله عن رؤية تنتصر للصوفية، وتخاصم السلفية، مما يعني أن المفتي ليس متحررا من عصبية الانتماءات الضيقة، بل هي المحركة له في تصريحاته ومواقفه حينما يستعدي الأمريكيين ضد سلفيي مصر!! ماذا قال لهم ؟ كتب الأستاذ بسام ناصر أنه ورد في خبر نشرته عدة مواقع الكترونية من بينها مفكرة الإسلام أن المفتي بعث مقالا إلى صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، شن فيه حملة شديدة على أصحاب التوجه السلفي في مصر، متهما إياهم بأنهم يشكلون خطرا حقيقيا، لأنهم من يقفون وراء استهداف الكنائس والأضرحة في مصر بحسب ما جاء في مقاله. أنظر فيما قاله تفصيلا وتعليقات الكتّاب : http://www.google.com.eg/search?hl=ar http://www.jazan.org/vb/showthread.php?p=1785669وأنظرأيضا: وقال جمعة في مقاله المشار إليه إن الأسابيع القليلة الماضية شهدت صعودا مقلقًا للعنف من قبل أوساط متشددة استهدفت أماكن تحتل أهمية دينية، فقد تعرضت كنائس قبطية وأضرحة لشخصيات إسلامية هامة لهجمات. وهذه تطورات مقلقة للغاية، وخاصة في ضوء الوضع الهش لبلدنا في هذا المنعطف الخطير. كما تضمن المقال بحسب ما هو منشور على مفكرة الإسلام تحذيرًا للأمريكان من هؤلاء السلفيين الذين يسببون مزيدا من التطرف على حد وصفه ، معتبرًا أنه يجب عليهم تركيز الانتباه على هؤلاء السلفيين وإيقافهم للحفاظ على سلامة البلد الدينية والاجتماعية والسياسية وفق ما جاء في مقاله.( هكذا ؟) إن كان ذلك الخبر دقيقا في مضمونه، فإنه يؤشر على طبيعة العلاقة المستترة بين الاتجاهات الدينية (الإسلامية) المختلفة، ويكشف النقاب عن مدى تحكم الانتماءات الدينية، في تحديد مواقف أتباع كل اتجاه من الاتجاهات الإسلامية الأخرى و ظهرت بوادر أزمة بين الطرق الصوفية والجماعات السلفية في مصر على إثر انتشار تقارير في وسائل الإعلام تتحدث عن دعوات سلفية لإزالة الأضرحة من جميع مصر، الأمر الذي نفته رموز الدعوة السلفية بشدة؛ مؤكدة أن ما قيل يعد جزءا من سلسلة الشائعات التي تستهدف زعزعة ثقة المصريين في الدعوة، ومعتبرة أيضا أن ما حدث من تصرفات فردية في هذا الشأن لا يُنسب إليها. وقد دأب مفتي مصر علي جمعة على مهاجمة التيار . كما اعتاد في المقابل على الإشادة بالتيار الصوفي الذي ينتمي إليه. ومن أعجب تصريحات المفتي في هذا الشأن أنه اعتبر في تصريح له إبان عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، التيار السلفي، "أقرب ما يكون إلى العلمانية منه إلى الإسلام". ويندرج مقال مفتي مصر، وهو صوفي ينتمي للطريقة الجعفرية،ضمن حملة شرسة تتعرض لها التيارات السلفية في مصر في أعقاب استفتاء التعديلات الدستورية الذي أظهر زخمًا وانتشارًا واسعًا وتأثيرًا كبيرًا للسلفيين ومشايخهم لدى جموع الشعب المصري. كان واضحا أن التيار السلفي، بعد تأييده ووقوفه إلى جانب التصويت على التعديلات الدستورية في مصر، أنه تعرض لحملة واسعة من التشويه والتشهير والإساءة، وأُلصقت به تهم القيام بحوادث هدم الأضرحة والمزارات والكنائس، الأمر الذي تنبه له علماء ومشايخ ودعاة ذلك التيار، وقاموا بالرد على كل تلك المزاعم والافتراءات، وأعلنوا عدم مسؤوليتهم عن تلك الأعمال، كما هو معلن في البيانات الصادرة عن جمعية أنصار السنة المحمدية، والدعوة السلفية في الإسكندرية، وكافة المجامع والمشيخات السلفية في مصر. وعل الرغم أن جهات التحقيق الرسمية المختصة بمتابعة ملف هدم الأضرحة، نفت بشكل قاطع أية صلة للسلفيين بهدم الأضرحة، وأشارت أصابع الاتهام إلى ضلوع وزير الداخلية السابق حبيب العادلي بتفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية،إلا أن مفتى الديار قد نصّب نفسه نائبا عاما وألحق الاتهامات بالسلفيين واتجه مباشرة ببلاغه إلى الأمريكيين . لكن ما هو مثير للدهشة والاستغراب، ما قام به "جمعة" من توجيه تحذيره للأمريكيين، من أن السلفيين يشكلون خطرا حقيقيا، ويتسببون بوجود التطرف والغلو، وأنهم يهددون سلامة البلد الدينية والاجتماعية والسياسية(!!!). لا يمكن فهم كلام المفتي في هذا السياق، إلا أنه تحريض منه على السلفيين في مصر، واستعداء للأمريكيين ضدهم، فهل يعي خطورة ما يفعله؟ وهل يليق بعالم من علماء المسلمين اللجوء إلى عدو خارجي، يستقوي به على إخوانه المسلمين، ويستعديه عليهم؟. يتعجب الأستاذ بسام ناصر من أمر الشيخ المفتي، فتسائل :هل يغيب عن باله وفكره ووعيه، أن ما يقوم به من تحريض الأمريكيين على إخوانه السلفيين ما هو إلا لعب بالنار، وهو في الوقت نفسه عين ما كان يقوم رجالات النظام السابق، حينما كانوا يخوفون الغرب من الإسلاميين، وخصوصا من تصنفهم تلك المؤسسات والدوائر، في دائرة جماعات الإسلام السياسي، لكن مؤسسات ورجالات النظام السابق، لم يكن للبعد الإيماني الديني في قاموسها مكان، فهم اعتادوا على الوصول إلى غاياتهم بكل الوسائل التي يقدرون على فعلها، مهما كانت دنيئة وخسيسة، أما الشيخ المفتي فهو من هو فكيف يُقدم على سلوكيات دنيئة امتهنها أولئك الأشرار؟. إن إثارة الفتن الداخلية بين أبناء المجتمع المصري، واللعب بورقة الخلافات والتناقضات المجتمعية المختلفة، ورقة طالما استخدمتها أجهزة الدولة في عقود النظام السابق، وهي ورقة مكشوفة ومفضوحة، لكل من يحسن فهم الأمور، الأمر الذي يستوجب من العلماء والدعاة والمشايخ والناشطين السياسيين، التنبه لها ومعرفة أن من يحركها ويقف وراءها، هم بقايا وفلول النظام السابق، وينبغي التريث في توجيه أصابع الاتهامات لجهات بعينها، انطلاقا من رؤى ومواقف مسبقة. واقع مصر ما بعد الثورة، يختلف اختلافا كبيرا عما قبلها، ويحسن بكل الاتجاهات الإسلامية التعلم والإفادة من أجواء التغيير، فمصر لكل المصريين على اختلاف أديانهم وانتماءاتهم الدينية، ولا إكراه في الدين، فما ينبغي أن يكون سائدا، هو الإعلاء من قيم العدل والحريات والحقوق، بأن يكون المواطنون جميعا سواسية أمام القانون، بصرف النظر عن الدين والانتماء الديني، في أجواء تحترم فيه حقوق الإنسان، وعلى رأسها حريته في الاعتقاد والتعبير دون الإساءة إلى معتقدات الآخرين وحرياتهم. كاتب المقال مساعد وزير الداخلية سابقا .