هذا العنوان هو اسم برنامج "توك شو" ليلي يقدمه الزميل شريف عامر على فضائية "إم بي سي مصر"، وهو، وبرنامج "البرنامج" للساخر المميز باسم يوسف مكسبان لتلك القناة التي هي فرع من مجموعة "إم بي سي" السعودية، والمفارقة أنها أكثر شجاعة من الإعلام المصري الصميم الذي يمتلكه رجال أعمال مصريون، لكن الله أعلم بما وراء الستار من ضخ مالي غير مسبوق، وتوسّع في إطلاق القنوات، وتعاقدات بالملايين مع إعلاميين بعينهم. كيف لفضائية سعودية، حتى وإن كانت غير رسمية، إنما يمتلكها رجل أعمال سعودي ، أن يكون فيها قدر معقول من الحفاظ على المهنية، ومحاولة الموضوعية، والتوازن، وهو ما نلاحظه في برنامج شريف، ولو لم يكن المناخ معبأ بالاتهامات بالتخوين، والعمالة، والطابور الخامس من أطراف وصفها زميلنا الكاتب المحترم خالد محمود بأنها "حثالة 30 يونيو" لكان الأداء في برنامجه نموذج في المهنية، واحترام المشاهد، والبحث الجاد عن الحقيقة.
وبالنسبة لبرنامج باسم فيكفي منه ما يقوله أسبوعيًا، فهو الصوت المختلف في الإعلام المصري كله، الوحيد الذي يواجه جوقة إعلاميي الطبلة والصاجات بما يحاولون إخفاءه عن أنفسهم، وعن مشاهديهم من تدليس وتضليل، أما القول إنه لا يجرؤ أن ينتقد السيسي مثلا، أو مسؤولين آخرين معينين، فلا يهم طالما البرنامج مستمر، وطالما يتحفنا أسبوعيًا بكشف النفاق والمنافقين من الطبعة المصرية.
أما ما يحدث في مصر من زاوية أخرى، فهو توالي سقوط ضحايا من الصحفيين في العنف الذي يسيطر على المظاهرات، والتي درج الإعلام وأجهزة الأمن على تسميتها بمظاهرات الإخوان للحط من شأنها، والتحريض ضدها، فكل صوت معارض، أو مختلف مع السلطة، أو حتى محايد، صار يُطلق عليه إخوان لتسهيل اغتياله معنويًا ونفسيًا وسياسيًا واجتماعيًا وجسديًا أيضًا، ألم يُقل إن الفريق سامي عنان رئيس الأركان الأسبق هو مرشح الإخوان في الرئاسة حتى أُصيب بالذعر وتراجع، ألم يَقل إعلامي مهووس إن مندوبنا في الأممالمتحدة إخوان، وكتبت صحيفة شديدة الاصفرار أن سفيرنا في فرنسا إخوان، وكل من يُراد الخلاص منه يكفي أن تتهمه بالأخونة، وأتخيل أنه في ظل تلك المكارثية صار لزامًا على كل مصري قلق على نفسه أن يذهب لتوثيق اعترافه بأنه ليس "إخوان".
في حلقة الثلاثاء الماضي استضاف شريف ثلاثة زملاء صحفيين، ومساعد وزير الداخلية للأمن المركزي، في مواجهة بشأن أحدث زميلين يتعرّضان للإصابة في مظاهرات جامعة القاهرة الاثنين الماضي، ومجمل كلامهم أنه لا علاقة للرصاص الذي أصاب الصحفيين بالمظاهرة.
وفي ظل أجواء المكارثية كنت مندهشًا من تلك الشجاعة التي يتحدّث بها صحفيان شابان: كريم عبد العزيز، وخالد ، إذ أن كلامهما عواقبه يمكن أن تكون وخيمة عليهما خصوصًا وأنهما يبحران عكس التيار في ضرورة اتهام المتظاهرين بأنهم من يطلقون الخرطوش والرصاص الحي، أي أنهم متظاهرون، وقتلة في نفس الوقت.
كان على مستواهما من الشجاعة أيضًا الزميلان المصابان بالرصاص وبالخرطوش، فلم يتهما المتظاهرين مباشرة، وقد عرض البرنامج فيديو يؤكد كلام كريم بوجود آثار للرصاص الحي على سور الجامعة من الخارج، أي من الجهة المقابلة للقوات، فالطلاب كانوا بالداخل، وقد شاهدت فيديو على بوابة إحدى الصحف لفرد أمن يطلق خرطوشًا من فتحة في بوابة جامعة عين شمس المغلقة، ورفيقة الراحلة ميادة أشرف شهدت بأن الرصاصة القاتلة جاءت من الخلف، أي من المنطقة التي كان تتواجد فيها القوات، فهما كانتا تسيران خلف المتظاهرين.
زميلنا عضو مجلس النقابة هشام يونس كان على قدر المسؤولية، وهو يبدو ممتعضًا من بيانات وتصريحات الداخلية، وتساءل عمن يطلق الرصاص طالما هي تقول إنه ليس معها رصاص، وأورد واقعة مقتل الزميل محمد محمود على أيدي ضابط خلال ثورة يناير ولم يُحاسب حتى اليوم، وقد تمنى على الشرطة بأن تتصالح مع الشعب فعلا، وليس قولًا فقط ، فهناك ممارسات تعطي صورة للعالم بأن مصر دولة قمعية.
شماعة الإخوان زادت عن اللازم، فهذا خطر، لأنها يمكن أن تكون تغطية على ممارسات عديدة خاطئة، إذ لا يُعقل أن يظهر فجأة أن تكون كل مشاكل وأزمات مصر المتراكمة تاريخيًا صنّاعها هم الإخوان !.
كيف إذن تركتهم الأجهزة الأمنية والسيادية أن يصلوا للسلطة، بل وكثير من كبار المسؤولين اليوم كانوا جزءًا من منظومة العمل تحت قيادتهم ؟!.
هل تلك الجماعة المحلولة والمحظورة والإرهابية صارت أقوى من الدولة التي عمرها 7 آلاف سنة؟!.
المحاسبة ضرورية لمن يتجاوز القانون من المواطنين، ومن الشرطة الحارسة على تطبيق القانون لأن من لا يُحاسب اليوم سيتوحش ولن تتمكن من محاسبته غدًا.
رجال الشرطة هم أهلنا، ونحن منهم، ونريد المحافظة عليهم كما يحافظون على أمننا وأماننا، وأن ينفذوا القانون بنزاهة وإنصاف وعدالة، وأن تسود المحبة الكاملة، ويزول الشك والقلق، فهل هذا أمر صعب ؟!.
أخيرًا، لست مع تلك المظاهرات التي لا تتوقف لأنها لن تنتج شيئًا مُجديًا، والمعارضة السياسية السلمية أفضل كثيرًا، وأكثر جدوى، وفاعلية، والوصول لحلول عاجلة للأزمة سيجنّب مصر الخطر الذي تعيش فيه.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.