طالب عدد من الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني كالمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية ومؤسسة حرية الفكر والتعبير ومؤسسة المرأة الجديدة وغيرها من المنظمات الحكومة الانتقالية، بنشر مشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالي 2014 _ 2015 على وجه السرعة، وذلك بعد أن تخلفت وزارة المالية عن الوفاء بالتزاماتها القانونية مع مرور الأول من إبريل لهذا العام دون نشر المشروع. وأوضحت المنظمات خلال بيانها الذي أصدرته أن كل الشواهد تؤكد على عدم اهتمام الحكومة الحالية بتدارك هذا الوضع، مشيرة إلى أن ذلك يعني تمرير الموازنة العامة للدولة للمرة الثالثة على التوالي دون مرورها بمرحلة المناقشة التي كان يفترض أن يقوم بها أعضاء مجلس النواب كممثلين للشعب، أو أن يتم حوار مجتمعي حقيقي حولها كبديل عن ذلك. وشددت المنظمات على أنه وفقًا للقانون ومواد الدستور، فإن الحكومة ممثلة في وزارة المالية ملزمة بنشر عدد من المستندات الأساسية يتم من خلالها عرض مشروع الموازنة العامة للدولة بصورة تفصيلية، وهي مشروع الموازنة العامة للدولة، و مشروع موازنات الهيئات الاقتصادية، ومشروع موازنات شركات القطاع العام والشركات القابضة لقطاع الأعمال العام. وأكملت المنظمات خلال بيانها: "إضافة إلى ذلك تلتزم الحكومة بنشر كل من موازنة المواطن، وتتضمن عرضا لتفاصيل الموازنة بصورة مبسطة لغير المتخصصين، وموازنة البرامج، والتي تستعرض استخدامات وموارد الدولة على أساس المشروعات والبرامج الاقتصادية والاجتماعية"، مؤكدة ضرورة أن تكون هذه المستندات جميعها متاحة للرأي العام في موعد أقصاه الأول من إبريل من كل عام، وهو الموعد الذي يفترض أن يبدأ فيه البرلمان مناقشة الموازنة العامة للدولة قبل الموافقة عليها واعتمادها في صورة قانون يصدره رئيس الجمهورية في موعد أقصاه نهاية شهر يونيه، تمهيدا لأن تدخل الموازنة العامة حيز التنفيذ مع بداية العام المالي في الأول من يوليو. وطالبت المنظمات، الحكومة، بالعمل على تنظيم حوار مجتمعي شامل وممثل لفئات الشعب المختلفة لمشروع الموازنة، وطالبت رئيس الجمهورية المؤقت بمراعاة ما يتمخض عن هذا الحوار المجتمعي في اعتماده لمشروع الموازنة. وتؤكد المنظمات الموقعة أن هذه الإجراءات ضرورية بصفة خاصة في غياب مجلس النواب وفي مرحلة انتقالية تشهد العديد من الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وأشارت المنظمات إلى أن تلك القوانين المنظمة لتلك العملية تستهدف تحقيق الفصل اللازم بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، بحيث يناقش ممثلو الشعب الموازنة العامة للدولة قبل أن تبدأ الحكومة في تنفيذها. وبينما لم ينظم القانون بديلاً عن هذا المسار في حالة عدم وجود مجلس نيابي في وقت مناقشة الموازنة، فإن عدم مبادرة الحكومات المتتالية في أعقاب الثورة إلى إقامة حوار مجتمعي حقيقي يكون بديلاً عن دور المجلس النيابي، يحيط الموازنات العامة المنفذة خلال هذه الأعوام بشبهة تعارض المصالح مع انفراد السلطة التنفيذية بإعدادها وصياغتها ثم تنفيذها. ومع تخلف وزارة المالية عن نشر مشروعات هذه الموازنات قبل اعتمادها من رأس السلطة التنفيذية في حينه تنتفي تمامًا أي فرصة لدور شعبي في مراجعتها حتى من خلال الإعلام ووسائل التواصل المختلفة. وهو وضع يتكرر هذا العام للمرة الثالثة مع مرور الأول من إبريل دون أن تنشر وزارة المالية أيًا من المستندات التي يلزمها القانون بنشرها قبل هذا التوقيت. وأضافت المنظمات أن الموازنة العامة وكيفية ترجمتها على أرض الواقع تعد المرآة الحقيقية للسياسات الاقتصادية للدولة وانحيازاتها. وفي حين كانت آثار السياسات الاقتصادية في عهد الرئيس المخلوع العامل الأكثر أهمية وراء اندلاع ثورة 25 يناير التي أطاحت به، فإن الموازنات العامة التي تم العمل بها خلال الأعوام التالية للثورة ظهر منها بوضوح غياب أي نية لإحداث أي تعديل جوهري بهذه السياسات. في المقابل فإن عملية إعداد وصياغة ومراجعة الموازنة العامة قد شهدت تراجعا حادا في قدر تحقيقها لاشتراطات الشفافية وإمكانية المحاسبة في سنوات ما بعد الثورة.