حينما اندلعت أحداث 11سبتمبر في 2001، بالولايات المتحدة، كانت النتيجة الأمريكية "المُسيسة" هي استعداء الغرب كله – بحكوماته وشعوبه – ضد الإسلام الذي وصفته إدارة "بوش" الابن تارةً بالراديكالية وتارةً بالأصولية وتارةً بالفاشية. وفي عام 2004، أطلقت إدارة "بوش" الابن مبادرات "الشرق الأوسط الجديد" التي كانت تتلخص في وأد مقاومة الشعوب العربية ضد استبداد حكامها الذين يمثلون حلفاء إستراتيجيين للإدارة الأمريكية؛ وكذلك في وأد مقاومة الشعوب العربية ضد الاحتلال الصهيو-أمريكي. واطمأنت الإدارة الأمريكية إلى "نجاح" سياساتها وخططها بعد أحداث سبتمبر؛ وأيقنت أن المنطقة أضحت تحت السيطرة الأمريكية الإسرائيلية، لاسيما بعد احتلال العراق في عام 2003، وبعد "وفاة" ياسر عرفات ووصول أبو مازن إلى رئاسة السلطة الفلسطينية في عام 2005، وبعد الإبقاء على الأنظمة العربية المستبدة الحليفة و"إعفائها من الديمقراطية"، خوفاً من فُزاعة الإسلاميين التي استخدمتها تلك الأنظمة. وفي 25 يناير 2011 اندلعت الثورة الشعبية المصرية لتعلن تحديها لجميع تلك السياسات والخطط الاستبدادية، معلنةً رؤيتها "هي" للمنطقة العربية، ضاربةً برؤية "الشرق الأوسط الجديد" عرض الحائط. لقد أتت الثورة الشعبية المصرية لتنشر شرارتها في سائر الشعوب العربية المجاورة؛ لكي تستعديها على الاستبداد الداخلي والخارجي معاً؛ لكي تستعدي الشعوب العربية كلها ضد الذين "حاكوا" و"فبركوا" أحداث سبتمبر. هكذا جاء القدر في 25 يناير 2011 رداً حاسماً على أحداث سبتمبر 2001؛ جاء بعد تسع سنوات ونصف ليصنع تاريخاً جديداً – تاريخاً مقاوماً عربياً - غير الذي خططت له أيادي الاستبداد العربية والأمريكية والإسرائيلية. أتى القدر بتلك الثورة لتنسف جميع الأطروحات والافتراضات المغرضة التي أفرزتها أحداث سبتمبر؛ تلك الافتراضات التي كانت تقول بأن الشعوب العربية شعوب إرهابية، وأن التشدد متأصل فيها. فإذا بهذه الثورة تؤكد للعالم بأسره بأن ثوار الشعب المصري ثوار مسالمون ومتحضرون؛ وأن ثورتهم أبدت تحضراً ورقياً ما زالت الوسائل الغربية تتحدث عنهما حتى هذه اللحظة. وهكذا أبدى ثوار اليمن وليبيا وتونس. ما أغبى تلك الأنظمة الاستبدادية – الداخلية والخارجية – التي تظن دوماً أن كل الخيوط بيديها؛ وفي لحظة تأكدها وتيقنها بأن كل شيء "تمام التمام" تكتشف فجأة أن تلك الخيوط كانت دائبة بل أضحت هباءً منثورا... تلك الأنظمة التي لا تضع الخيوط القدرية في الاعتبار...ما أغباها! سبحانك يا الله تُمهل ولا تُهمل