صدرت هذه الأيام دراسة جديدة للناقد المصري المعروف الدكتور حلمي القاعود بعنوان "الحكاية كلها معاصرة دراسات في الرواية" ، عن دار حضرموت للدراسات والنشر في المكلا باليمن ، ويقول المؤلف في تمهيده للدراسة تعريفا باتجاهها : إن مقوله الناقد الإيطالى الأشهر "بندتوكروتشة" حول التاريخ تبدو صحيحة إلى حد كبير, وهى تقرر أن "التاريخ كله تاريخ معاصر", إذ إن أحداث الماضى لا تنفصل عن الحاضر مهما بدت مغايرة فى الأحداث والوقائع.. فهذه المغايرة, لا تنفى طبيعة النفس البشرية والعاطفة الإنسانية, وهى تستقبل ما يجرى, خيراً أو شراً, أو وهى تصنع هذا الخير أو ذلك الشر.. إنها طبيعة التأثير والتأثر, القوة والضعف, الحلم والنوم, الأمل والألم, ولذا تكون أحداث التاريخ معاصرة على هذا القياس, إذ يكون التاريخ كله تاريخاً معاصراً, وفقاً لمقولة "بندتوكروتشة". ومن هنا, فإن قياس الرواية على التاريخ يصبح ممكناً, حيث تصير الرواية أو السرد أو الحكاية كلها معاصرة, انطلاقاً من كون الرواية, وهى تتناول الصراعات الإنسانية, على مستويات عدة, تصب فى هذا السياق الذى يتغالب فيه الإنسان القوى مع الإنسان الضعيف, وتتحدد مصائر, وتظهر نتائج, وتطرح أسئلة. والروايات التى يدرسها هذا الكتاب, تمثل التاريخ معاصراً فى أوضح صورة, مع أنها فى الغالب تستدعى التاريخ, وتعيد إنتاجه روائيا؛ إن صح التعبير, وتقدم شخصياته من خلال التاريخ الذى قرأه الناس أو عرفوه أو استوعبوه فى الذاكرة الشعبية. هناك ألوان متنوعة من التقنيات والوسائل التعبيرية التى تجسد مضامين الروايات وتصنع حبكتها وترسم شخصياتها, وتتفاوت الصياغة الأسلوبية بين الشاعرية واللغة اليومية البسيطة.. ولكنها فى مجموعها تنقل الواقع إلى التاريخ أو التاريخ إلى الواقع, وتحقق مقولة "بندتوكروتشة" "التاريخ كله تاريخ معاصر", وقياساً على مقولته, فإن "الرواية كلها معاصرة", ولو استدعت التاريخ أو أبحرت فيه, أو جعلت من الأحداث خيالاً خصباً, تتحرك فيه الشخصيات والأحلام. يتجاوز المؤلف الأفق المحلى إلى الأفق الخارجي ، فيقدم نماذج فريدة للرواية في العالم الاسلامي نادرا ما يتعرف عليها القارئ العربي ، فيقدم روايات من مصر والعراق وأفغانستان والقرم وإيران ، كما يقدم أسماء مصرية مثل فتحي غانم ومحمود عرفات تتجاور مع عماد الدين خليل ومرال معروف ومحسن مخملباف ، في منظومة تعبيرية تدافع عن الانسان المعاصر وتكتب تاريخه الراهن عبر التاريخ الغابر . هذا الكتاب يضاف إلى مجموعة الكتب التي أصدرها المؤلف حول الرواية ، فيشكل موسوعة لدراسة عدد ضخم من الروايات المؤثرة فنيا في العصر الحديث