بدأت أزمة أنابيب البوتاجاز تطل برأسها من جديد وظهرت بوادرها بعدة محافظات من بينها الشرقية والغربية والمنيا، وسوهاج وعدة أحياء بالقاهرة مثل بولاق الدكرور والسيدة زينب، حيث أصبح المواطنون يعانون للحصول على أنبوبة البوتاجاز التى وصل سعرها فى السوق السوداء إلى 25 جنيها فى المحافظات القريبة من القاهرة بينما وصل سعرها فى بعض قرى الصعيد إلى 40 جنيها مما اضطر المواطنين إلى افتراش الأرض أمام المستودعات التى بدت خالية من اسطوانات البوتاجاز انتظارا لقدوم السيارات التى تحمل الأنابيب إلى المستودع. كانت أزمة أنابيب البوتجاز التى وصلت إلى الذروة عام 2010 قد بدأت فى الاختفاء لكن سرعان ما عاد مشهد الطوابير مرة أخرى أمام محطات التوزيع ورغم أن حكومة نظيف كانت تشكو من زيادة دعم البوتاجاز الذى قدرت قيمته بنحو 13 مليار جنيه حيث يصل مستخدمو الأنابيب إلى 14 مليون مواطن وكان الحديث الدائم أن الدعم يحمّل الموازنة أموالا طائلة إلا أن خبراء يعملون فى قطاع البترول يؤكدون أن المشكلة ليست فى قيمة دعم بوتجاز المنازل ولكن فى ابتلاع فئة من رجال الأعمال والوسطاء هذا الدعم الذى لا يستفيد به المستهلك والذى يضطره إلى شراء الأنبوبة بخمسة عشر جنيها ووقت الأزمة بعشرين جنيها. 5 جنيهات ل«السريحة» المشكلة الأساسية تكمن فى محطات تعبئة البوتاجاز التى يمتلكها بعض المستثمرين فى مقدمتهم مجدى راسخ صهر علاء مبارك صاحب شركة كايرو جاس وشركة سو جاز التى يمتلكها محرم هلال وغيرهم الذين حصلوا على موافقات من الهيئة العامة للبترول بممارسة هذا النشاط الذى كان يقتصر على شركة بتروجاس مقابل عمولة تعبئة زادت من 56 جنيها للطن إلى 66 ثم 77 إلى 80 جنيها مع نهاية 2010 بحسب المهندس أبوالعز كمال المدير العام المساعد ورئيس اللجنة النقابية بشركة بتروجاس موضحا ان الاتفاق على تحديد العمولة كان يشترط أن توفر الشركة خدمة توصيل الأنبوبة إلى المنازل مقابل خمسة جنيهات بينما كانت كايرو جاز تحصل عليها من بتروجاس ب140 قرشا ليذهب الفارق إلى جيوب المستثمرين ولا يستفيد به المستهلك الذى كانت الشركة الحكومية توفر له الأنبوبة فى مراكز التعبئة الخاصة بها ب2.5 جنيه فقط ويضيف أبوالعز أنه رغم ذلك لم تطبق الشركات الخاصة شرط التوصيل للمنازل وكانت تبيع الأسطوانة ل«السريحة» بخمسة جنيهات لتصل للمستهلك بسعر يتراوح ما بين 10 15 جنيها، ويشير كمال إلى أن هذه الشركات تمتلك محطات تعبئة ومراكز توزيع وتعمل أيضا فى مجال الغاز الطبيعى مثل شركة ناشيونال غاز التى يمتلكها راسخ، مشكلة منظومة متكاملة للتحكم فى هذا القطاع وهو ما خلق منافسة أضرت بمصالح الشركة الحكومية، وقال إن محطات التعبئة الخاصة تستحوذ حاليا على نسبة 70% من حجم السوق مضيفا أنه قد تم توحيد السعر بالنسبة لكل الشركات مما حمل بتروجاس أعباء إضافية قدرت ب14 مليون جنيه سنويا محسوبة على أساس مسحوبات المحطات ومصانع التعبئة لعام 2009/2010 من أجل خدمة مصالح رجال الأعمال الكبار وقال إن النقابة حذرت من تحمل الشركة لأعباء مالية ضخمة نتيجة الزيادات المتكررة فى عمولة التعبئة. يتساءل إبراهيم عبدالكريم أمين الخدمات ببتروجاس عن سبب منح الشركات الخاصة امتيازات لا تعود بالنفع على المستهلك؟ موضحا أن التعاقدات كانت تتم بالأمر المباشر دون إجراء مناقصة أو مزايدة وتم ذلك على حساب شركات التوزيع الحكومية الثلاث وهى بتروجاس والجمعية العامة للبترول، ومصر للبترول وهى شركات تم تدميرها بعد فتح الباب امام القطاع الخاص للاستثمار فى هذا المجال ومنحهم كميات كبيرة من البوتاجاز بالإضافة إلى الاسطوانات وقال إن الطن الواحد من البوتاجاز يملأ 83 أسطوانة وهو ما يجعلنا نتخيل كم الأرباح التى تدخل جيوب الشركات التى تحصل فى المتوسط على 1200 اسطوانة يوميا ورغم ذلك لا تقوم محطات التوزيع بخدمة التوصيل للمنازل بل تنقل الأسطوانات على عربات كارو تجوب الشوارع دون التفات إلى خطورة النقل غير الآمن، ويشير عبدالكريم إلى تضليل وخداع المستهلك من قبل محطات التعبئة موضحا أن الوزن المتفق عليه للأنبوبة مع هيئة البترول أن تحتوى على 12 كيلو غاز إلا أن ما يتم تعبئته لايزيد على 10 كيلو فقط وباقى الوزن هواء منتهزين فرصة غياب الرقابة ويضيف لذلك فإن الدعم المفترض أن يستفيد به المستهلك يذهب إلى مصانع الطوب والمسابك نتيجة بيع الأنابيب فى السوق السوداء. غياب الرقابة أحد أسباب تجدد مشكلة أنابيب الغاز هو غياب الرقابة على المستودعات وعدم التزام المفتشين بالمرور على منافذ التوزيع للتأكد من توافر الأنابيب وعد م تسريبها لأصحاب عربات الكارو وفقا لما أكده مصدر بوزارة التضامن، موضحا أن الدكتور جودة عبدالخالق وزير التضامن كلف رئيس الإدارة المركزية للتوزيع بالوزارة بتحديد المناطق التى تشهد عجزا فى المعروض من أنابيب الغاز فى جميع المحافظات لتزويدها بالاسطوانات لتفادى الأزمة الحالية وطالب بتشديد الرقابة على المستودعات ضمانا لوصول الأنبوبة المدعمة إلى مستحقيها.