من الواضح، كما ذكرت صحيفة "الغارديان" بريطانية اليوم، أن الإسرائيليين أقنعوا أنفسهم بأن هذه الانتخابات ستكون ثقيلة الظل ومشوبة بعدم الاكتراث وبإحجام قياسي من جانب الناخبين عن الإدلاء بأصواتهم. وأضافت أن الإسرائيليين صوتوا أمس لرفض قاطع ونهائي لفكر هيمن على الدولة العبرية لفترة تزيد عن ثلاثة عقود، وهو الاعتقاد بأن جميع الأراضي التي احتلت في عام 1967 يمكن أن تصبح جزءا من إسرائيل الكبرى. وأن هذه الانتخابات أصبحت استفتاء على خطة زعيم كاديما ونائب رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت لفرض حدود جديدة بين إسرائيل والفلسطينيين. وتعتبر الصحيفة "أن هذه النسخة المتشددة من الصهيونية لا تزال تتعرض للهجوم منذ بدايات عام 2004 عندما أعلن أرييل شارون عن خططه للانسحاب من غزة، لكن عامة الإسرائيليين لم يعربوا عن وجهة نظرهم بشكل رسمي أبدا، لكنهم أعلنوها أمس". ونقلت الصحيفة عن زعيم حزب العمل، بنيامين نتنياهو، الذي أعلن نفسه "حاميا لشعلة إسرائيل الكبرى" قوله إن هذه الانتخابات تعد استفتاء على مستقبل تلك الأراضي المحتلة. وفي هذه الحالة، اتخذ الإسرائيليون حكمهم بصوت واضح: "لقد حان وقت ترك أغلبها". والعامل الأساسي، حسب الصحيفة ذاتها، في هذا التحول هو "الأحادية"، التي تقضي بأنه يتعين على إسرائيل التخلص من أغلب الأراضي المحتلة لأسبابها الخاصة ووفقا لشروطها الخاصة. كما تهدف هذه السياسة إلى ترسيم حدود دائمة لإسرائيل دون انتظار التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين. لكن تواجه هذه السياسة ثلاث مشاكل رئيسية: الأولى: أنها تسعى إلى تجاهل الفلسطينيين كلية، فهي تهدف إلى إبعادهم عن الأنظار وراء سور عال، حيث لا يضطر الإسرائيليون لرؤيتهم أو حتى مجرد التفكير فيهم. الثانية: الانسحاب الذي يعد به أولمرت يعني ترك بعض الأراضي، لكنه يعني أيضا احتفاظ إسرائيل بالأراضي الباقية إن لم يكن ضمها. الثالثة: أن الحدود التي أعلنها أولمرت، وكما وضع الخطوط العريضة لها في الآونة الأخيرة، سخيفة. ونظرة سريعة على الخريطة تظهر أنه إذا كان أولمرت يعتزم حقا الاحتفاظ بمستوطنة "أرييل"، فإن "الحدود الدائمة" الجديدة لإسرائيل ستشمل شريطا ضيقا من الأرض يتغلغل شرقا داخل الأراضي الفلسطينية. وإذا مضى أولمرت قدما في بناء ما يسمى "ممر ئي 1" الرابط بين القدس ومستوطنة "معاليه أدوميم"، وهو بذلك سيقسم الضفة الغربية إلى قسمين، شمالي وجنوبي، مما يجعل إقامة دولة فلسطينية أمرا يتعذر تحقيقه. وتصف الصحيفة خطة أولمرت بأنها "تنذر بنهاية" المشروع الصهيوني بإقامة وطن لليهود على كل شبر من أراضي إسرائيل التوراتية. وبدلا من ذلك، فإن الكيان العبري سيقتصر على المناطق التي يمكن ضمان أن يشكل اليهود فيها أغلبية. وسيشمل ذلك نقل نحو 80 ألف مستوطن يهودي من الأراضي المحتلة إلى الجانب الإسرائيلي من الجدار الفاصل الذي سيضم فعليا عشر أراضي الضفة الغربية إلى إسرائيل. ومن جانب آخر، فرغم أن استطلاعات الرأي أظهرت أن كاديما مرشح لأن يكون أكبر حزب، فإن ضعف الإقبال على التصويت يهدد بتعقيد مهمة تشكيل ائتلاف إذا قل عدد المقاعد التي فاز بها أولمرت عما كان يصبو إليه بخمسة وثلاثين مقعدا. المصدر : مجلة العصر