الشعب لا يريد فصل الإسلام عن السياسية، هذه هي الحقيقة التي كشفت عنها فعاليات الاستفتاء، وهي الحقيقة التي تجهلها أو تتجاهلها النخبة العلمانية المصابة بمس الفصل. الشعب المصري يكره العلمانية ويريد دولته مدنية بمرجعية إسلامية . يتعرض الشعب المصري لحملة توبيخ وتأديب من النخبة العلمانية لأنه تجرأ وخرج عن الحدود العلمانية غير المعتبرة وغير المحترمة لديه في الاستفتاء الأخير وقال « نعم » وجرح كبريائها ولم يرض غرورها؛ ومن ثم أفشل الخطة العلمانية لالتهام الهوية ، و التي تولي كبرها أرباب : « العلماني اليوم » بدءا بالاستطلاعات المشبوهة حول الدستور والمادة الثانية ، وانتهاءا بالتصويت الفاضح في قعر «جراند حياة » وبتمويل أمريكي يوم 7 مارس وتحت عنوان :« مصر بكرة ..دستور بلدنا »!. يتعرض الشعب لحملة تسفيه وتشكيك في اختياره من قبل النخبة العلمانية ؛ لأنه فكّّر وقدّر؛ ومن ثم استحسن قبول التعديلات أو رفضها وفق تصوراته وتوجهاته الدينية ؛ فذهبت الأغلبية لقول« نعم »حفظا لحق الشعب في انتخاب برلمان يتم من خلاله اختيار لجنة تأسيسية لوضع دستور جديد يحترم هويتها ومن ثم هوية الدولة ، دون أن ينتقص ذلك من نية أو مقصد أقلية « لا » التي رأت الذهاب إلى لجنة تأسيسية بالتوافق بين قوي سياسية إعلامية بدلا من الاحتكام لقوي الشعب الانتخابية ومن ثم الذهاب إلى انتخابات رئاسية قبل البرلمانية ! . وبدلا من احترام توجه كتلة الأغلبية وتصورها ونزوعها إلى رؤية الحياة بعين ما انعقد عليها قلبها وتشربه وجدانها، ومن ثم العمل على توفير بيئة سياسية متصالحة مع الوعي الجمعي الشعبي والوجدان الجمعي الشعبي الذي ينزع إلى إصلاح دنياه بدينه. بدلا من ذلك نصبت النخبة العلمانية المصرية محكمة للشعب تريد مصادرة وعيه والحجر على ضميره ووجدانه بأسلوب ، يتسم بالحماقة و« الجليطة» و «السوقية »، واسترسلت تأمر الشعب وتنهاه عن العودة إلى هذا السلوك «المتدين» مرة أخري! . وتزعم كذبا وزورا وبهتانا أن الدين يفسد السياسة في خلط مقصود ومعيب ومدخول بين كل من تجربة و رسالة وخصائص الإسلام الشاملة التي تكفلت بالإصلاح كافة مجالات الحياة ، وتجربة ورسالة وخصائص المسيحية التي تعني أكثر ما تعني بالجانب الروحي فقط على نحو ما أشرت إليه في مقال: « المسيحية هي الحل » على الرابط التالي «. http://www.almesryoon.com/news.aspx?id=44365 » . اصطدمت النخبة العلمانية بوعي جمعي شعبي شديد الذكاء والانتباه لمؤامراتها التي تهدف إلي سلخ دولته من مرجعيتها وهويتها الإسلامية ومن ثم صبغ الدولة بالصبغة العلمانية التي تنفرمنها وينفر منها الشعب نفورا لا تكلف فيه . ومن ثم راحت تتبني نهج تحليلي مضلل يقلل من الدلائل المتعلقة بالكتلة الاستفتائية التي قالت «نعم »والتشكيك في نسبتها إلى الثورة للنيل من شرعيتها الثورية ، في حين أخذت على عاتقها تعظيم الدلائل التحليلية المتعلقة بالكتلة الاستفتائية التي قالت« لا» ومن ثم التعاطي معها باعتبارها الكتلة الثورية الأكثر نسبا وحرصا علي الثورة ، ويلاحظ أنها أكثرت من ذكر دم الشهداء للتدليل على هذا التوجه ، والحقيقة التي تعلمها النخبة العلمانية علم اليقين ولكنها تنكرها أن الأغلبية الثورية هي التي قالت : «نعم » في حين قالت الأقلية « لا » مما يعني بالمنطق الديمقراطي المدني ! أن الثورة هي التي قالت : « نعم » . لقد بلغ متوسط عدد أعضاء الكتلة الثورية وفق معظم التقديرات (15) مليونا ، في حين بلغت كتلة« لا» الاستفتائية( 4 ) ملايين , ,وإذا علمنا أن أغلب أصوات شعب الكنيسة ذهبت لقول« لا» استجابة للكنيسة ، في حين لم تذهب للثورة استجابة لتوجيهات البابا ؛ نعلم أن الجزء من الكتلة الثورية « اللائية » الذي شارك في الثورة يقل عن( 4 )ملايين بقدر عدد من لم يشارك في الثورة من المسيحيين وغيرهم في حين شاركوا بقول « لا » . وعليه يمكننا تقدير العدد الذي يمثل الجزء من الكتلة الثورية الذي قال لا بنحو من ( 2 إلى 3 مليون ) صوت ، وإذا كان ذلك كذلك فأين ذهبت بقية أصوات الكتلة الثورية (من 10 إلى 12 ) مليون صوت؟! ، وليس من المتصور أن تكون قد امتنعت عن التصويت !. وإذا كانت كتلة الاستفتاء « النعمية » قد بلغت ( 14 )مليونا , فإن الكتلة الثورية« النعمية» تقل عن هذا العدد بمقدرا من لم يشارك منهم في الثورة من الكثير من أعضاء الجماعات الإسلامية باستثناء الإخوان المسلمين ، وعليه يمكننا تقدير عدد الجزء من الكتلة الثورية الذي قال نعم بنحو من ( 10 إلى 12 مليون ) وهو ما يتوافق مع العدد المتبقي من الكتلة الثورية الإجمالية بعد حسم كتلة « لا ». وعليه فإن نسبة الجزء من الكتلة الثورية الذي قال : «نعم »للتعديلات تقترب في المتوسط من (60 %) من كتلة الاستفتاء و من ( 75 %) من الكتلة الثورية، في حين تقترب نسبة الجزء من الكتلة الثورية الذي قال «لا» من ( 20 %) من كتلة الاستفتاء و(25% )من الكتلة الثورية . إذا فأغلبية الثائرين قالوا « نعم » في حين قالت الأقلية « لا »، وعليه تكون « نعم »ثورية بأكثر مما كانت «لا»ثورية ؛ وبالتالي تستند نعم إلى الشرعية الثورية بأكثر مما تستند «لا »إلي الشرعية ا لثورية ؛ وبالمنطق الديمقراطي المدني الذي يعظم الأغلبية التصويتية يمكننا القول أن نعم الثورية بنسبة( 75% ) هي اختيار الثورة ؛ وإذا كانت الشرعية الآن هي شرعية الثورة فالشرعية الآن في مصر هي شرعية «نعم ». وإذا كانت «لا» تستند إلى مرجعية علمانية مسيحية على الأغلب إلي جانب بعض الأصوات الإسلامية أرادت الانتصار إلى دستور جديد من خلال توافق علماني مسيحي يريد علمنة الدولة ،فإن نعم تستند إلى مرجعية إسلامية على الأغلب إلى جانب بعض أصوات علمانية مسيحية أرادت الانتصار إلى دستور جديد من خلال انتخاب شعبي غير مباشر وهو ما يؤدي بالضرورة إلى الحفاظ علي الهوية الإسلامية للدولة . وإذا كانت توجهات نعم الاستفتائية جائت في أغلبها بتغذية إسلامية ( ولا أقول دينية ) ، فهذا يعني أن الأغلبية الثورية تعظم الدولة المدنية لأنها أقبلت على الاستفتاء (الذي هو إجراء مدني )بتوجه إسلامي ، وهو مؤشر على احترامها أولا : لمدنية الدولة من حيث احترامها للاستفتاء وثانيا : للمرجعية الإسلامية من حيث التوجه نحو الاستفتاء ، وهو مايلزم الجميع باحترام مدنية الدولة ومرجعيتها الإسلامية والكف عن الدعوة الممجوجة بفصل الدين عن الدولة والتي هي من جنس فصل الروح عن الجسد بالنسبة للمصرييين عامة وللمسلمين خاصة . بمقتضي الشرعية الثورية إذا يجب على الجميع احترام حيثيات ومقتضيات نعم التي منها : . الحفاظ على هوية مصر الإسلامية . الالتزام بإقامة دولةمدنية ذات مرجعية إسلامية . رفض فصل الإسلام عن السياسية ( المسيحية بطبيعتها مفصولة عن السياسية ) . عدم المساس بالمادة الثانية للدستور .ر فض هيمنة النخبة العلمانية على الحالة الإعلامية وعلي مقدرات البلاد . الالتزام بإجراء الانتخابات البرلمانية ثم الجمعية التأسيسية ثم الانتخابات الرئاسية وبنفس الترتيب . إن ترمومتر الحالة الثورية في مصر حاليا مرهون ( إلى جانب عوامل أخري ) بمدي تعظيم و احترام الجميع لدلالات الاستفتاء على نحو ماسبق ، وليس على النحو« المستخفّ » الذي يروج له الكثير من أعضاء النخبة العلمانية التي أدمنت الرقص حول « الهوية الإسلامية » للدولة المصرية . الحرية هي الحل [email protected] Ashrafawzy.blogspot.com