قام الاف المحتجين في جنازة سوري قتل في احتجاجات معارضة للحكومة بحرق مبنى لحزب البعث الحاكم ومركز شرطة يوم السبت فيما أفرجت السلطات عن 260 سجينا في محاولة لاسترضاء الاصلاحيين. ويواجه الرئيس السوري بشار الاسد أشد ازمة في 11 عاما له في السلطة بعد أن أطلقت قوات الامن النار على المحتجين يوم الجمعة مما أدى الى ارتفاع عدد الاشخاص الذين قتلوا والذين قالت منظمات حقوقية ان عددهم يقدر الان بالعشرات. وأعلنت المساجد في أنحاء درعا أسماء "الشهداء" الذين ستقام الجنازات لهم في المدينة الجنوبية وتجمع المئات يوم السبت في الميدان الرئيسي وهم يرددون هتافات مطالبة بالحرية. وتسلق ثلاثة شبان حطام تمثال للرئيس الراحل حافظ الاسد الذي أسقطه محتجون يوم الجمعة في مشهد يذكر بخلع تمثال صدام حسين في العراق عام 2003 بأيدي القوات الامريكية. وقال شاهد ان المحتجين حملوا لافتات كتب عليها عبارة "الشعب يريد اسقاط النظام" التي ترددت في الانتفاضات التي شهدها العالم العربي من تونس الى مصر وحتى اليمن. وقال سكان إنه في بلدة طفس القريبة أشعل مشيعون -- يشاركون في موكب جنازة كمال باردان الذي قتل يوم الجمعة في درعا -- النار في مبنى حزب البعث ومركز شرطة. وقال محام يهتم بحقوق الانسان يوم السبت انه تم الافراج عن 260 سجينا معظمهم اسلاميون بعد ان أكملوا ثلاثة أرباع عقوبة السجن الصادرة ضدهم. وقال مسؤولون طبيون ان عشرات الاشخاص قتلوا خلال الاسبوع الماضي في أنحاء مدينة درعا الجنوبية. وتوجد تقارير عن سقوط أكثر من 20 قتيلا جديدا يوم الجمعة. ومثل هذه المظاهرات كان يتعذر التفكير في حدوثها منذ شهرين فقط في هذا البلد الذي يخضع لاشد القيود بين الدول العربية. لكن الاضطرابات وقعت عندما اعتقلت الشرطة أكثر من عشرة تلاميذ قاموا بكتابة عبارات بالهام من المظاهرات المؤيدة للديمقراطية في الخارج. وقدرت منظمة العفو الدولية عدد القتلى في درعا وحولها في الاسبوع الماضي بنحو 55 قتيلا على الاقل. واعادت المتاجر فتح ابوابها في درعا يوم السبت ولم تشاهد قوات الامن. وخرجت عاصفة من الادانات الدولية لاطلاق النار على المتظاهرين. لكن محللين قالوا ان سوريا التي تكون تحالفا وثيقا مع ايران ولها صلات بحركة حماس الفلسطينية وحزب الله اللبناني لن تواجه على الارجح نفس النوع من التدخل الاجنبي الذي يحدث حاليا في ليبيا. وجرت احتجاجات ايضا يوم الجمعة في دمشق وفي حماة وهي مدينة بشمال البلاد قامت قوات حافظ الاسد في عام 1982 بقتل الالاف وأحرقت معظم البلدة القديمة للقضاء على انتفاضة مسلحة قام بها الاخوان المسلمون. وقال نائب الرئيس السابق عبد الحليم خدام -- الذي استقال وانشق على حزب البعث الحاكم في عام 2005 -- اليوم السبت "ان دماء شهدائنا ستحرق هذا النظام وان شعبنا سيدفنه في مدافن التاريخ." وقالت منظمة مراقبة حقوق الانسان (هيومان رايتس ووتش) التي يقع مقرها في نيويورك يوم الجمعة انه يجب ان تتوقف قوات الامن في سوريا على الفور عن استخدام الذخيرة الحية ضد المحتجين في درعا التي تقع على الحدود مع الاردن. وقالت سارة لي ويتسون مدير شؤون الشرق الاوسط وشمال أفريقيا بمنظمة مراقبة حقوق الانسان "حديث الرئيس بشار الاسد عن الاصلاحات لا يعني أي شيء عندما تقوم قواته بقهر الشعب الذي يريد الحديث عنها." ويعتقد البعض ان الحملة الصارمة التي يعقبها حديث يمكن ان تؤدي الى اصلاحات لكن كثيرين يقولون انه تم بلوغ النقطة المرجحة في سوريا. وقال أبو جاسم وهو ساكن من درعا "الضغط علينا كان كثيرا. كنا تحت سلطة قمعية. الان تمر امام الامن ولا يقول لك الى اين انت ذاهب. لا يتجرأون التحدث مع الشعب.الشعب لم يعد لديه خوف." واتهمت الحكومة مجموعات مسلحة بأنها وراء العنف وألقت عليهم باللوم في قتل المدنيين. ودخول الصحفيين مقيد وان كان مراسل لرويترز في درعا قال ان عشرات الاف الاشخاص الذين قاموا بمسيرة يوم الجمعة اثناء تشييع أشخاص قتلوا في الاسبوع الماضي كانوا غير مسلحين ورددوا عبارات تطالب بالحرية. وذكرت المجموعة الدولية لمعالجة لازمات ان الاسد البالغ من العمر 45 عاما والذي تلقى تعليمه في بريطانيا قد يستعين برصيد من حسن النية لدى الجماهير لتفادي المواجهة وتطبيق اصلاحات سياسية واقتصادية. وقالت يوم الجمعة ان"سوريا تواجه ما سيصبح سريعا لحظة حاسمة لقيادتها. "لا يوجد سوى خيارين. احدهما يتضمن مبادرة فورية ومحفوفة بالمخاطر بشكل حتمي ربما تقنع الشعب السوري بان النظام مستعد للقيام بتغيير كبير. "والاخر ينطوي على قمع متصاعد يتيح كل الفرص لان يؤدي الى نهاية دامية ومخزية." وفي الداخل حابي حكم الاسد الاقلية العلوية مما سبب احتقانا بين الاغلبية السنة. وقال ادوارد ووكر السفير الامريكي الاسبق في مصر ان هذا التوتر جعل كثيرين في المؤسسة الحاكمة يخشون من الرضوخ للمطالب الخاصة بالحريات السياسية والاصلاحات الاقتصادية. وقال "هم بشكل اساسي اقلية مكروهة...العلويون...واذا فقدوا السلطة واذا خضعوا للثورة الشعبية فسيعلقون على اعمدة الانارة." "ليس لديهم اي حافز على التراجع مطلقا." وقال خدام نائب الرئيس السابق يوم السبت "أتوجه الى القوات المسلحة مرة ثانية .. أدعوها لاتخاذ خيارها الوطني وتحديد مسارها .. ان تحدد اذا كانت مع الشعب ام مع الاسرة الحاكمة المستبدة. ان خيارها مع الشعب يضعها في حضن الوطن وخيارها مع الاستبداد يضعها في حضن المسؤولية وفي حضن المساءلة." وقال دبلوماسي غربي في الخدمة انه فوجئ بما حدث لكن ما فاجأه اكثر هو حجم المتظاهرين الذين خرجوا الى الشوارع للمطالبة بالتغيير. وقال الدبلوماسي "لقد اجتازوا خط الخوف وهو واضح في سوريا." وفي بلدة الصنمين التي تقع في نفس المنطقة الجنوبية لمدينة درعا قال سكان محليون ان 20 شخصا قتلوا عندما اطلق مسلحون النار على حشد خارج مبنى تستخدمه المخابرات العسكرية وهي جزء من جهاز امني ضخم يتولى حماية حكم حزب البعث منذ عام 1963. وقام الاف من مؤيدي الاسد الذين يلوحون بالاعلام بمسيرات وتحركوا في انحاء دمشق ومدن اخرى لاعلان ولائهم لحزب البعث وبشار الاسد الذي تولى والده السلطة في انقلاب عام 1970 . وتعهد الرئيس السوري يوم الخميس بدراسة توسيع الحريات في مواجهة المطالب بالحرية السياسية وانهاء الفساد. ووعد أيضا بالنظر في انهاء العمل بقانون الطواريء المطبق منذ 1963 وعرض زيادة كبيرة في رواتب موظفي القطاع العام. ولكن المتظاهرين قالوا انهم لا يصدقوا هذه الوعود.