اتسع نطاق الاحتجاجات المطالبة بالاصلاح في سوريا وامتد ليشمل العاصمة دمشق وبلدات داعل والتل وحماه وحمص واللاذقية والصنمين إلي جانب درعا التي شهدت أعنف المواجهات وسط تحرك رسمي لفرض قيود علي تغطية وسائل الإعلام. ونقلت رويترز عن شاهد عيان ان قوات الأمن السورية قتلت عشرين محتجاً علي الأقل في الصنمين قرب درعا وقال ان قوات الأمن أطلقت النار عشوائياً علي المصابين وقال شاهد عيان من منطقة الصنمين ان عشرات القتلي سقطوا بعد تدخل قوات الأمن في مناطق أخري مثل درعا وحمص واللاذقية. كما نقلت الوكالة عن شهود آخرين ان قوات الأمن فضت مظاهرة في وسط العاصمة دمشق نظمت لتأييد المحتجين في مدينة درعا الجنوبية واعتقلت عشرات الأشخاص وكانت هناك في الوقت نفسه مظاهرة مضادة من جانب مؤيدين للرئيس بشار الأسد الذي يواجه تحدياً غير مسبوق لحكمه المستمر منذ 11 عاماً. وقد شيع آلاف السوريين في محافظة درعا الواقعة جنوبي البلاد عدداً من القتلي الذين قضوا في مظاهرات شهدتها المدينة يوم الأربعاء الماضي واحتشد الآلاف من مواطني درعا في المسجد العمري ومسجد أبوبكر الصديق لحضور مراسم التشييع. كما سمع اطلاق نار كثيف من ميدان في درعا الذي يحتشد فيه آلاف المحتجين السوريين في حين شوهد أناس يفرون من المكان طبقاً لرويترز تحدثوا عن سقوط قتلي وقالوا ان المحتجين أحرقوا تمثالاً للرئيس الراحل حافظ الأسد وردد المحتشدون الشعارات المطالبة بالحرية مثل "حرية.. حرية" و"يا بثينة يا شعبان شعب درعا مش جوعان" في اشارة إلي تصريحات مستشارة الرئيس السوري بشأن زيادة الرواتب ووعود بالاصلاح. كما انطلقت مواكب جنازة في بعض بلدات المحافظة ومنها بلدة عتمان حيث شيع اثنان من أبنائها واثنان في خربة غزالة وطالب خطيب الجامع العمري بالقصاص ممن أطلق الرصاص علي أبناء المدينة. في غضون ذلك انضم نحو ألف شخص في بلدة التل شمال العاصمة السورية إلي المظاهرات التي تتضامن مع مدينة درعا ونددوا باثنين من أقارب الرئيس بشار الأسد كما انضم مئات من سكان بلدة داعل أيضاً للاحتجاجات ونظموا مسيرة إلي مدينة درعا تأييداً للمحتجين هناك وأخذوا يرددون هتافات تطلب الحريات العامة. يأتي ذلك رغم تعهد غير مسبوق من الرئيس بشار الأسد بتوسيع الحريات وتحسين مستوي معيشة السوريين وذكرت رويترز نقلاً عن شخصيات المعارضة السورية ان وعود الأسد لا تلبي مطامح الشعب ومماثلة لتلك الوعود التي تكررت في مؤتمرات حزب البعث حيث يتم تشكيل لجان لدراسة اصلاحات لا تري النور أبداً. وقالت بثينة شعبان مستشارة الرئيس في مؤتمر صحفي ان الأسد لم يأمر قوات الأمن باطلاق النار علي المحتجين. وذكرت ان الأسد سيقدم مشروعات قوانين تمنح حريات لوسائل الإعلام وتسمح بتشكيل حركات سياسية غير حزب البعث. وقالت ان الأسد أصدر مرسوماً يقضي بإعداد مشروع لقانون الأحزاب في سوريا وتقديمه للحوار السياسي والجماهيري وأضافت: الرئيس سيكافح للنهوض بمستوي معيشة المواطنين في سوريا قبل كل شيء. في هذه الأثناء قال وزير الدفاع الأمريكي روبرت جيتس إنه يتعين علي سوريا ان تحتذي بالنموذج المصري حيث امتنع الجيش عن اطلاق النار وساعد الشعب في الاطاحة بحكم الرئيس السابق حسني مبارك وقال جيتس الذي يزور اسرائيل ما تواجهه الحكومة السورية هو في الحقيقة نفس التحديات التي تواجه العديد من الحكومات في أنحاء المنطقة وهي مظالم شعوبها السياسية والاقتصادية التي لم تتم تلبيتها. وفي باريس دعت الحكومة الفرنسية سوريا إلي اصلاحات حقيقية وسريعة وأشار المتحدث باسم الخارجية الفرنسية إلي ضرورة رفع حالة الطوارئ موضحاً ان فرنسا أخذت علماً بوعود الاصلاح التي أعلنت أمس الخميس. علي صعيد آخر منعت قوات الأمن وسائل الإعلام من دخول مدينة درعا وطلبت منهم العودة إلي العاصمة دمشق وعدم الرجوع إلي درعا وأرفقت موكبهم بسيارتين أمنيتين إحداهما بمقدمة الموكب والثانية بمؤخرته وأوضحت مصادر ان السلطات احتجت بأن سبب المنع هو للحفاظ علي سلامة الصحفيين وطلبت منهم احضار موافقة خطية من وزارة الإعلام كي يسمح لهم بدخول المدينة رغم ان يوم الجمعة يعتبر عطلة رسمية لكافة الدوائر الحكومية. بدوره قال وزير الإعلام السوري محسن بلال ان الوضع هادئ تماماً في جميع أرجاء سوريا بعد أسبوع من التظاهرات الدموية التي شهدتها جنوب البلاد. وصرح بلال لاذاعة كادينا سير الاسبانية السلام التام يسود المدن السورية وقد تم اعتقال الارهابيين. وأضاف بلال الذي عمل سفيراً في اسبانيا ان الأحداث التي وقعت الأربعاء في مدينة درعا جنوب سوريا كان وراءها ارهابيون وقريباً سنكشف عن هويتهم للعالم بأكمله.