حدثت فصول تلك الحكاية منذ أكثر من خمسين عامًا مع أحد جيراننا حينما كان طالبًا فى كلية الهندسة فى إحدى الجامعات المصرية، وبينما كان يمشى مع أحد أصدقائه فى منطقة محطة مصر بالإسكندرية وجدا رجلاً يقوم بقراءة الكف لمن يرغب من المارة فقال له صديقه: "هيا بنا نطلب من العرَّاف قراءة الكف فقال له جارنا: "إنه دجال"، ويبدو أن الرجل سمع ما قاله طالب الهندسة فالتفت إليه وقال له: "لن آخذ منك أية فلوس حيث إن قبرك مفتوح وسوف تموت بعد أسبوع، فلم يرد عليه جارنا ومشى مع صديقه وعلق على قول العراف بأنه دجال ومجرم، وعندما عاد لمنزله أخبر والديه بما حدث فأظهرا عدم الاكتراث بهذا الأمر، وتمر أيام الأسبوع بطيئة وكلما اقترب اليوم السابع أحس بتوعك فى صحته، وفى اليوم المحدد أصيب بنوبة إسهال حاد وآلام فى البطن وأرق شديد، وقضى ليلة بائسة جدًا ووالديه يجلسان بجواره يطمئنانه وهو فى انتظار قدوم ملك الموت عليه، شيء فظيع جدًا أن يعرف الإنسان موعد وفاته، وبدأ فى طلب السماح والرضا من والديه وكذلك وصيته لإخوانه وأختيه من طاعة الله وغيرها، وبعد شروق شمس اليوم الثامن بدأت صحته فى التحسن، وهو الآن قد تجاوز السبعين من عمره، لقد أراد العراف النصاب أن يقوم بتأديبه وتربيته عندما سمعه يصفه بأنه دجال، وأنا الآن لا أقص عليك أيها القارئ الكريم هذا الموضوع للتسلية ولكن للعبرة حتى تعرف أن الإيحاء له دور مهم جدًا، وأن هذا الشاب كاد يموت من الخوف والهلع، وصدق الله العظيم حيث قال فى القرآن الكريم: "إنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِى الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ بِأَى أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ" (سورة لقمان – الآية 34)، كما قال عز وجل فى محكم التنزيل "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ" (سورة الحجرات – الآية 6).