أثارت الحملات الإعلامية ضد الإسلاميين في مصر، والتي بدت واضحة بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، خاصة مع بروز المنتمين للتيار الإسلامي على الساحة السياسية في مصر عقب ثورة 25 يناير، وهي الهجمات التي شنتها منابر إعلامية تشتهر بعدائها للتيار الإسلامي، عبر توجيه اتهامات من قبيل رفع الشعارات الدينية، وتوظيف المساجد في الدعاية السياسية. وقال الدكتور محمد جمال حشمت، القيادي البارز بجماعة "الإخوان المسلمين" ل "المصريون"، إن ما كان يقوم به النظام البائد من حملات تستهدف "الإخوان" والتيار الإسلامي خشية سقوطه في حال إجراء انتخابات حرة تقوم به الآن فصائل سياسية تملك الآلة الإعلامية، مرددة نفس الحجج و"الفزاعة" التي كان يأخذ بها النظام السابق لعدم رضائه بصندوق الانتخاب كحكم، وبالتالي فكان الحل الوحيد لديهم هو تفزيع الناس، لكن الأمر جاء بنتائج عكسية. وطالب حشمت، تلك الفصائل بأن تعيد صياغة نفسها ومراجعة إستراتيجيتها في هذا الإطار، "فبدلا من قذف التيار الإسلامي بالباطل عبر منابرهم الإعلامية عليهم أن ينزلوا إلى الشارع ويواجهوا الناس ويقدموا لهم الخدمات، لأن الناس بحاجة لأن ترى أفعالاً من الجميع، لا أن تسمع أصوات تخوين وتفزيع، خاصة وأنهم حينما يتحدثون يقصون التيار الآخر، وهذا ما كان عين ما كان يقوم به النظام السابق". وأضاف إن هؤلاء ينفعلون من أجل قضاياهم الشخصية، الأمر الذي اعتبره يمثل انتكاسة لا يرضي بها الجميع، راجيًا أن تعود الأمور كما كان الجميع في ميدان التحرير خلال أيام الثورة وأن تعم الأخلاق التي كانت تسود الجميع دون إقصاء أو تغيير. في الوقت ذاته، حذر حشمت الإسلاميين من أي خروج عن المألوف، فلابد أن يعوا كيف يمكن أن يخاطبوا الشارع ووده، وأن يخاطبوا الفصائل السياسية الأخرى، وأن يتسم خطابهم يتسم بالوسطية دون تفريط أو إفراط. ودعا كافة التيارات إلى الالتفاف حول أرضية مشتركة، حتى لا يقعوا في المحظور، وهو شق صف الثورة في مرحلة حرجة في تاريخ مصر. فيما أبدى ممدوح إسماعيل محامي الجماعة الإسلامية استغرابه واستنكاره للهجمات على الإسلاميين، واتهام البعض لهم باستغلال المساجد في التعبئة السياسية من جانبهم، رغم أن نجاح ثورة 25 يناير كان بسبب ثورة المساجد التي خرجت في يوم "جمعة الغضب" يوم 28 يناير. وطالب بإطلاق ثورة 28 يناير على المساجد بدلاً من 25 يناير، حيث كانت المعركة الحقيقة يوم 28 يناير، وكانت انطلاقة الثورة في هذا اليوم من المساجد، حيث خرج المصلون من جميع المساجد للمشاركة فيها. وأشار إلى دور الإسلاميين في تصديهم للعدوان وبلطجية النظام والحزب "الوطني"، معتبرا أن شرارة الثورة انطلقت من مسجد الأربعين بالسويس بقيادة المناضل حافظ سلامة، والتي أعطت إشارة ضوء إلى أن الشعب المصري يستطيع المقاومة علي الطغيان، ولولا ذلك ما نجحت الثورة، وما استطاع الشباب مقاومة زحف البلطجة ورجال الأمن. وقال إنه لولا التيار الإسلامي في الثورة ما تماسكت الثورة واستمرت طوال 18 يومًا، فقد كان ما بين 60 إلى 70 % من الذين رابطوا بميدان التحرير من الإسلاميين سواء من "الإخوان" أو غيرهم وهذه يعلمه كل من كان في ميدان التحرير. وأضاف إنه بينما يتم استخدام البعض التيار الإسلامي ورموز الإسلام، سواء المادية أو المعنوية ك "فزاعه"، يطل العلمانيون عبر منابر إعلامية علمانية متمثلة في جريدتي "المصري اليوم" و"الشروق" وصحف أخرى، وفضائيات مثل "دريم" و"المحور" وغيرها، للدعوة لإقصاء الآخر، وهي وسائل أكثر تأثيرا وتصل إلي كل بيت، أما المساجد فهي مقصورة على من يذهب إلى الصلاة. وتوجه بالتساؤل للمهاجمين للتيار الإسلامي: ماذا تقولون عن إقصائكم لغيركم عبر تلك الفضائيات والصحف وتوجيه خطاب واحد لدعم فكرة واحدة من خلال هذه المنابر، وماذا تقولون عن الكنيسة التي أخرجت الناس في الاستفتاء بتعليمات الأنبا شنودة للتصويت ب "لا"، وخرج النساء العجائز والرجال المسنين علي كراسي متحركة لأول مرة في مظاهرة كنسية لرفض التعديلاتل، فأين قولكم؟. واعترف إسماعيل بأن الإسلاميين الذين حشدوا المصريين للتصويت ب "نعم" أطلقوا دعوات عبر المساجد، لكنه برر ذلك بأنها الآلية الوحيدة للتفاعل مع الشعب، بينما الآخرون يملكون كل الآليات، داعيًا إياهم إلى أن كانوا منصفين في كلامهم. واعتبر أن ما يحدث من هؤلاء نوع من أنواع الحرب الإعلامية والتي تستهدف التشويه والتضليل واستخدام كل إمكانيات الإعلام، لمحاولة إقصاء التيار الإسلامي في المشهد القادم بعد فشلهم في الاستفتاء. وأعرب عن اعتقاده بأن تلك الحملة الإعلامية من جانبهم ستكون أشد من ذلك في المرحلة المقبلة، مناشدا الإسلاميين أن يتسع صدرهم وأن يتحلوا بالصبر والهدوء والحكمة والذكاء وألا ينجروا إلي تلك الترهات، لأن الحرب سوف تكون أشد بعد ذلك، لأن هناك من أيقن أن الشعب ليس معهم.