نفى الدكتور صفوت عبد الغني وعصام دربالة، القياديان ب "الجماعة الإسلامية" تراجعهما عن مبادرة وقف العنف التي تبنتها الجماعة عقب حادث الأقصر الشهير في عام 1997، وقالا إن ما نسب إليهما بهذا الخصوص "عار تمامًا عن الصحة"، وإنهما لا يزالان متمسكين بتلك المبادرة التي وضعت حدًا للصدام الدموي بين الجماعة والدولة في حقبة التسعينات. يأتي ذلك ردًا على البيان الذي أصدره مجلس شورى "الجماعة الإسلامية" في الأسبوع الماضي، وأعلن فيه قراره بفصل عبد الغني، الذي كان مسجونًا على ذمة قضية اغتيال الدكتور رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب الأسبق، بسبب "خروجه" على مبادرة "وقف العنف"، ووقف دربالة عضو مجلس شورى الجماعة لحين التحقيق معه. وقال عبد الغني ودربالة في تعقيب أرسلا إلى "المصريون" نسخة منه، إن "البيان عار تمامًا عن الصحة فيما نسبه لنا من الدعوة لفكر ما قبل المبادرة، وإن من سطر هذا البيان يعلم يقينا إننا دعونا ومازلنا ندعو لوقف العنف وانتهاج العمل السلمي وقمنا بدور بارز يشهد به جميع إخواننا لنشر قيم ومبادئ وقف العنف ومازلنا ندعو إلى انتهاج الجماعة الإسلامية طريق العمل السلمي بكافة مجالاته". ووصفا القرار الصادر بحقهما ب "الباطل"، وأنه يتسم ب "التضارب والتخبط، ويتستر على السبب الحقيقي لاتخاذه"، واعتبرا أن "السبب الحقيقي لصدوره هو قطع الطريق أمام دعوتنا مع أغلبية أعضاء الجماعة إلى إحداث التغيير الهيكلي للجماعة واختيارها مسئولي الجماعة بما فيه مجلس الشورى اختيارا حرا ونزيها وإدارتها بشكل مؤسسي تنظيمه وتحكمه لائحة داخلية تحدد فيها المسئوليات ولاختصاصات بشكل واضح وهذا ما رفضه بعض أعضاء مجلس الشورى وقاموا بهذه الضربة الاستباقية واتخاذ هذا القرار الخاطئ"، على حد قولهما. وكان مجلس شورى الجماعة – وهو أعلى هيئة داخل الجماعة ويضم قياداتها التاريخية- ألمح في سياق قراره إلى ما بدا أنها محاولة انشقاق والرجوع لفكر ما قبل المبادرة، في أول أزمة كبرى تطفو على السطح داخل الجماعة منذ أن قررت نبذ العنف ودخولها في مصالحة مع الدولة. لكن عبد الغني ودربالة طعنا في شرعية القرار، وقالا إنه "صدر فاقدا للمشروعية حيث تم توقيع عقوبات دون إجراء أي تحقيق قانوني، ولعدم اكتمال النصاب القانوني للمجلس الذي أصبح خصما وحكما في ذات الوقت". وكانت الجماعة قالت في حيثيات قرارها إنه "ثبت لدينا بالدليل القاطع سعي قلة من الجماعة للعودة إلى فكر ما قبل المبادرة ومحاولة تحويل فكر الآخرين إلى مرحلة ما قبل المبادرة عن طريق عقد لقاءات مع عدد من الإخوة وحثهم على ترك فكر المبادرة". ورد القياديان البارزان بنفي الاتهامات بتبنيهما خط العنف، وقالا إن "هذا البيان هو بيان تحريضي وتخويفي يهدف لعزلنا عن مجتمعانا وشعبنا وأبنائنا من أفراد الجماعة الإسلامية واستعداء الجهات الأمنية التي تعلم يقينا عدم صحة ما نسب إلينا من اتهامات وكنا نربأ بمتخذي القرار الباطل الوقوع فى هذا الخطأ الجسيم". ودعا عبد الغني ودربالة إلى عقد جمعية عمومية لأبناء "الجماعة الإسلامية" وقادتها بمن فيهم مجلس الشورى بما فيهم الذين اتحذوا القرار "الخاطئ" لعرض عليهم بكل ما يتعلق بمستقبل الجماعة وتأكيد خطبها السلمي وإعادة هيكلة الجماعة وانتخاب المسئولين على كافة المستويات بمن فيهم أعضاء مجلس الشورى اختيارًا حرًا. من جانبها، أعلنت لجنة الوفاق والإصلاح" التي تسعى لإنهاء الأزمة داخل "الجماعة الإسلامية"، أنها في حالة انعقاد دائم حتى تحقيق أهدافها، ودعت قيادات الجماعة إلى التوقف عن التراشق الإعلامي، وأن يعطوه الفرصة للقيام بدورها في إصلاح ذات البين وجمع الكلمة وألا يعطوا فرصة لكل متربص بالجماعة الإسلامية. وأكدت في بيان أصدرته أمس، أنه ليس في الجماعة من يدعو بالقول أو العمل إلى إعادة الجماعة إلى أفكار عنف أو مخالفة لما انطوت عليه مبادرة وقف العنف من مبادئ وعهود على مستوي القاعدة والقمة كما أنها على كافة مستوياتها أفراداً وقيادات تقر الإصلاح والتغيير في إطار الشرعية. وكانت الجماعة التي شاركت في عملية اغتيال الرئيس أنور السادات وأمضى العديد من قياداتها أكثر من عقدين بالسجون التزمت طوال السنوات الماضية بمبادرة وقف العنف، ووضعت لنفسها إطارًا فكريًا قائمًا على المراجعات التي أجرتها، وهو الأمر الذي جعلها في منأى عن الدخول في صدام مع الدولة، ودون العودة إلى المربع الأول.