قضت محكمة القضاء الإداري الأربعاء بعدم اختصاصها نظر الدعاوى التي رفعها نحو 14 ناشطا سياسيا وحقوقيا، من بينهم الدكتور أيمن نور زعيم حزب "الغد"، للمطالبة بوقف تنفيذ قرار دعوة الناخبين لإجراء الاستفتاء على التعديلات الدستورية المقرر إجراؤه يوم السبت المقبل. وجاء في حيثيات الحكم الذي أصدره المستشار كمال اللمعي رئيس محاكم القضاء الإداري، إن قرار إلغاء الدعوة للاستفتاء من الأعمال السيادية، التي تنأى بطبيعتها عن الخضوع لرقابة القضاء، ولا يجوز الطعن عليها. وأضافت أن "المحكمة الإدارية العليا قد خلصت إلى أن إجراءات الدساتير أو تعديلها، وما انطوت عليه من أحكام هي من المسائل التي يجاوز نظرها والتعقيب عليها الاختصاص الولائي للقضاء الإداري، ولأن الأعمال التي تباشرها الحكومة باعتبارها سلطة حكم تعد من أعمال السيادة تمييزًا لها عن الأعمال التي تباشرها الحكومة باعتبارها سلطة إدارة تخضع للرقابة الإدارية، وأن معيار التفرقة بين الأعمال الإدارية والأعمال السيادية مردة إلى القضاء الذي ترك له المشرع سلطة تقدير الوصف القانوني للعمل المعروض عليه، وما إذا كان يعد عملاً إدارياً عادياً يختص بنظره، أو عملاً من أعمال السيادة يمتنع عليه النظر فيه. وأضافت المحكمة أن القرار الصادر من المجلس الأعلى للقوات المسلحة بدعوة الناخبين للاستفتاء على التعديلات الدستورية يوم السبت المقبل صدر منه باعتباره سلطة حكم، وليس سلطة إدارة، لحسبان أنه لا خلاف على أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة قد أصبح قائمًا بإدارة جميع شئون الحكم فى البلاد بإقرار وتأييد صريح من ثورة 25 يناير وجموع الشعب المصري، وذلك بعد أن انحازت القوات المسلحة إلى صفوف هذه الثورة، وأصبحت جزءًا منها، وبالتالي فإن هذا القرار يعد من المنازع من قبل أعمال السيادة التي تنأى بطبيعتها عن الخضوع لرقابة القضاء. وطعن النشطاء والمحامون الرافضين على التعديلات الدستورية على قرار المحكمة بعد دقائق من صدور الحكم، والذي يأتي قبل ثلاثة أيام فقط من طرح التعديلات الدستورية للاستفتاء الشعبي. ووصف محمود عبد الرحيم منسق حملة" كتابة دستور جديد " الحكم بأنه "مسيس، ويمثل انحيازًا ضد الثورة وشرعيتها التي اعترف بها الجميع، وعلى أساسها يتولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة البلاد، لتنفيذ مطالب الثورة التي يتقدمها كتابة دستور جديد، وليس العودة للدستور الذي سقط بسقوط الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك". وقال إن "الدستور باطل ومن ثم التعديلات باطلة والاستفتاء باطل، وفق القاعدة القانونية ما بنى على باطل فهو باطل"، معتبرا أن هذا الحكم وإجراءات عديدة وعودة ظهور رموز النظام المخلوع وحزبه تؤكد أن "النظام لم يسقط بعد، وأن هناك محاولات حثيثة لوأد الثورة عبر حيل قانونية ومؤسسات ما تزال على ولائها لنظام مبارك، الأمر الذي سيقابل بردة فعل جماهيرية غاضبة لحماية الثورة ومكتسباتها وإكمال مسيرتها". وكان عشرات من النشطاء الرافضين للتعديلات الدستورية نظموا وقفة احتجاجية رمزية عقب صدور الحكم مرددين هتافات بسقوط الدستور والتعديلات والاستفتاء، ومطالبين باستقلال القضاء. إلى ذلك، اعتبرت مذكرة الطعن على الحكم التي أقامها فريق من المحامين يمثلهم عصام الاسلامبولي وعلى الغتيت وثروت الخرباوي أن الحكم استند بعدم الاختصاص، لأن القرار الخاص بالدعوة للاستفتاء الصادر من المجلس الأعلى للقوات المسلحة هو قرار سيادي، وبالتالي يخرج عن نطاق اختصاص القضاء ورقابته، وهو ما يتناقض في فهمه لطبيعة القرار إذ ذهب إلى أن القرار قرار إداري وان المجلس الأعلى للقوات المسلحة مكلف بإدارة البلاد وليس بحكم البلاد، في حين أنه ذهب في جانب آخر إلى أن القرار يعتبر من قرارات الحكم وليس من قرارات السيادة، وهذا التناقض كما قال الطاعنون يترتب عليه بطلان الحكم. وقد لطاعنون في طعنهم إلى أن القرار قرار إداري، لأن "الجيش استمد سلطته من الشعب ولا يجوز له أن يكون سلطة علي الشعب وإنما سلطة للشعب، وبالتالي يجب أن يرضخ لرقابة الشعب على قراراته". ورأى الطعن أن الحكم "وقع في أخطاء إجرائية يترتب عليه انعدامه"، إذ أشار الطاعنون إلى ان هناك عددا من قضاة مجلس الدولة اشتركوا في المداولة مع الدائرة التي أصدرت الحكم رغم ان هذا يخالف إجراءات قانون المرافعات، فضلا عن خطأ إجرائي آخر من المحكمة إذ لم تقم بالنطق بالحكم علانية أمام رافعي الدعوة ما يجعل الحكم منعدما. وكان 15 ناشطا سياسيا في مقدمتهم أيمن نور مؤسس حزب "الغد" أقاموا دعاوى قضائية عاجلة أمام محكمة القضاء الإداري لإلغاء الاستفتاء وهى الدعاوى التي أحالتها المحكمة للدائرة الأولى برئاسة المستشار كمال لمعي رئيس محكمة القضاء الإداري. واستندت الدعاوى إلى أن معظم القرارات الصادرة عن المجلس العسكري حتى الآن قرارات "مطعون فى قانونيتها لعدم نشرها فى الجريدة الرسمية، وبالتالي فإنها قرارات شفهية ولا تستوجب التنفيذ"، على حد قولهم. وأوضحت أن "المجلس العسكري ليس له صفة فى تحديد يوم معين لإجراء الاستفتاء حول التعديلات الدستورية، وبالتالي فإن اللجنة القائمة بإجراء التعديلات غير قانونية وإشراف المجلس العسكري على أي استفتاء غير قانوني". واعتبرت أن "القرار الصادر عن المجلس العسكري للقوات المسلحة بإجراء عملية الاستفتاء على خمس مواد من الدستور أمرا مجحفا بحقوق كافة طبقات وأفراد الشعب المصري نظرا لطرح الاستفتاء على المواد الخمس جملة وليس تفصيلا مما يؤدى لضياع وحرمان المواطن المصري من مباشرة حقوقه السياسية، حيث أصبح المواطن مجبرا على الموافقة أو الرفض للخمس مواد جملة بالرغم من موافقته أو رفضه لبعض تلك المواد المدرجة ضمن المواد المعدلة". وتابعت "إن الشعب المصري وبنسبة كبيرة منه لا يستطيع إدراك هذه المواد فى ظل تلك الظروف المريرة التي تمر بها البلاد فالمواطن المصري أصبح أمام العديد من ملفات الفساد التي كان يعيش فيها ما يجعله مؤهلا للتصويت ضد أي قرار مضاد للنظام السابق دون تفكير أو وعى لما سيترتب على هذا التغيير من إصابة لحقوق أمور مصرية سواء بالداخل أو الخارج من حرمان للمصريين المغتربين من مباشرة حقوقهم الشرعية". ورأى الدعوى أن حالة الانفلات الأمني الذي تعيشه البلاد تجعل من المستحيل إجراء الاستفتاء فأين جهاز الشرطة الذي يحمى صناديق الاقتراع ويهيئ أجواء مناسبة للاستفتاء. ووصفت الاستفتاء بأنه استفتاء لتهدئة الرأي العام وضياع الحقوق السياسية لكافة الشعب المصري وليس استفتاء لمصلحة البلاد أو مواطني مصر، على حد قول رافعيها.