عندما كانت كاميرات بعض القنوات التليفزيونية تنقل مشاهد من اعتصام مئات من المواطنين الأقباط أمام مبنى التليفزيون وجدتني مشدودا إلى تفرس الوجوه والمعالم والهيئات ، ولاحظت أن جميعهم تقريبا من البسطاء والعامة والفقراء الذين يعانون مثل ملايين غيرهم من المسلمين أيضا التهميش وهموم الحياة وبؤسها الذي ورثهم إياها نظام مبارك ، ترصد ذلك في الملامح والهيئات والملابس والتصرفات ، وقتها أدركت مدى فداحة الجرم الذي يرتكبه بعض "مقاولي الأنفار" من داخل الكنيسة مع الأسف ومن المترفين الوافدين من المهجر يحاولون ركوب الموجة ، فداحة جرمهم في حق الوطن وحق هؤلاء البسطاء والكادحين . هؤلاء البسطاء ربما لا يعرف بعضهم بالضبط أين يقع مبنى التليفزيون ، وربما هذه هي أول مرة يشاهدون فيها مبنى التليفزيون أو يمرون بمنطقة ماسبيرو ، فمن الذي حشدهم هنا ، ومن الذي حرضهم على شركاء الوطن ومن الذي يريد أن يتخذ منهم وقودا رخيصا من أجل طموحات خاصة أو طموحات طائفية ، ومن الذي تحدث نيابة عن هؤلاء المهمشين والغلابة لكي يقول أن من مطالبهم تعديل الدستور لتحقيق "المواطنة"!! ، بدلا من أن يحتشدوا مع ثورة الوطن كله من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية والحق في الحياة الكريمة ، من الذي أراد أن يحول هؤلاء البسطاء إلى "فلاسفة" وفقهاء دستوريين ، وأراد أن يقنع العالم بذلك أن في مصر فتنة طائفية . مصر في حقيقة الأمر وجوهره ليست أمام تحدي فتنة طائفية ، ولكنها أمام تحدي انتهازيين يحاولون اصطناع فتنة وقودها دائما البسطاء الذين يحركونهم في المناطق الشعبية والمعدمة من أجل المطامع الشخصية والبحث عن وجاهة سياسية أو إعلامية ، ألم يلاحظ أحد أن مصر طوال أحداث الثورة وحتى الآن من الاسكندرية إلى أسوان ، تعيش أجواء من الهدوء والسلام الاجتماعي والاحترام الديني النبيل بين الجيران والأصدقاء وزملاء العمل ، فقط هم المهمشون والفقراء والمعدمون والزبالون في منشية ناصر ، أحد أفقر عشوائيات مصر الشعبية ، الذين حركهم البعض لقطع الطرق وتحطيم السيارات ومحاولة إثارة الفزع وتعمد الاشتباك مع المارة ومع كل من يقابلونه من أجل إحداث ضجيج إعلامي بأن هناك فتنة طائفية واشتباكات بين المسلمين والأقباط . لقد فشلت المسرحية حتى الآن ، وسوف ينتصر الوطن على هذه "المؤامرة الصغيرة" كما انتصر على الديكتاتور وعصابته ، وكما انتصر على منظومة الفساد ، وكما انتصر على منظومة القمع التي تمثلت في مؤسسة أمنية بأذرع عديدة رهيبة ، وكما انتصر على منظومة إعلامية إجرامية خاضت معركة شديدة الشراسة والخطورة ضد الثورة حتى آخر لحظة ، وكما انتصر الوطن على الإحباط والاختراق والتشظي السياسي . رسالة واجبة النشر : الأخ العزيز الأستاذ جمال سلطان يحفظه اللّه السلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته و بعد لن أطيل عليك و لكن أقول أنني أبدا صبحي كل يوم بمطالعة صحيفتكم الغراء دون سواها و أقرأ لكم و للكوكبة من رجال الفكر و الصحافة و الناشطين الذين يكتبون بها. كتب الكثيرون بصحيفتكم و صحف أخرى عن ضرورة الإفراج عن المعتقلين بدون مبرر على ذمة حادث كنيسة القديسين بالإسكندرية (الذي نشجبه و ندينه بشدة)، و قد أورد بعضهم أسماء بعض هؤلاء المعتقلين و لكن لم يشر أي منهم إلى أحمد لطفي إبراهيم الذي قدمه وزير الداخلية السابق ككبش فداء لينال رضا سيده المخلوع. و أحمد لطفي يقبع الآن في السجن مع آخرين ممن وردت أسماؤهم في المقالات التي أشرت إليها. أرجو التكرّم بالإشارة إلى ضرورة تضمين مناشدات الإفراج عن المعتقلين اسم أحمد لطفي إبراهيم الشاب السكندري المظلوم الذي لا ناقة له و لا جمل فيما نسب إليه إلا أنه الحلقة الأضعف حيث أنه يعاني من صمم منذ أكثر من عشرين عاماً. شكراً لكم و دمتم بخير والد أحمد لطفي إبراهيم انتهت رسالة الأب المكلوم . [email protected]