أكد المستشار حاتم بجاتو، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا ومقرر لجنة التعديلات الدستورية، أن الدستور المصري يحتاج إلى تغيير وليس مجرد تعديل، لأنه كان معبرا عن المرحلة التي تم وضعه فيها، مشيرا إلى أن إرهاصات دستور عام 1971 بدأت عام 1964. وأوضح بجاتو في ندوة بمكتبة الإسكندرية حول التعديلات المقترحة للدستور والتي سيتم التصويت عليها يوم 19 مارس الجاري، أنه تم تعديل الدستور في الوقت الحالي وليس تغييره لسببين؛ أولهما شكلي ويتعلق بقرار تشكيل لجنة التعديلات الدستورية الذي أصدره المجلس الأعلى للقوات المسلحة، والذي يقضي بتعديل عدد من مواد الدستور بما يكفل إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية نزيهة. ولفت إلى أنه تم تشكيل اللجنة من خبراء قانونيين كي تكون انعكاسا لطموحات الشعب، مؤكدا أنه لا يمكن استيراد دساتير جاهزة، مشبها الدساتير بالأجنة التي تنمو في أحضان الوطن، أما السبب الموضوعي لتعديل الدستور فهو عدم تبلور واكتمال القوى السياسية المختلفة . وقال بجاتو إن تغيير الدستور يقتضي تشكيل جمعية تأسيسية تمثل كافة القوى الوطنية؛ وهو التمثيل الذي لم يكن كاملا في لجنة التعديلات الدستورية، وبالتالي لم يكن يمكن إجراء تغيير أو حتى تعديلات بنيوية في الدستور كتحويل نظام الجمهورية من رئاسي أو شبه رئاسي إلى برلماني . وشدد على أن التعديلات التي تم اقتراحها تستهدف تقديم أفضل مناخ ممكن لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية بنزاهة، وفتح المجال للأشخاص المناسبين للترشح للرئاسة، وتحديد مدد ولاية الرؤساء بحيث يحق لهم الترشح لدورتين متتاليتين فقط كل منها لأربع سنوات، ووضع الإجراءات الكفيلة بإنهاء حالة الطوارئ، وضمان إنشاء جمعية تأسيسية تضم مختلف القوى الوطنية لتغيير الدستور عقب إجراء الانتخابات المقبلة بشقيها الرئاسي والبرلماني. وأوضح أن لجنة التعديلات الدستورية عدلت المادة 75 من الدستور ليشترط فيمن ينتخب رئيسا للجمهورية أن يكون مصريا من أبوين مصريين وألا يكون قد حمل أو أي من والديه جنسية أخرى وألا يكون متزوجا من أجنبية وألا يقل عمره عن 40 عاما. وأشار إلى أن هذا التعديل يتوافق مع محورية الدور الذي تقوم به مصر في المنطقة والأخطار التي تحدق بها من كافة الجبهات، خاصة الشرقية، وبالتالي فإن اللجنة استهدفت تحصين المنصب. ونوّه إلى أن الدكتور محمد البرادعي يصلح للترشح للانتخابات وفقا للتعديلات المقترحة، كما أنه يمكن للمرأة الترشح أيضا لذات المنصب؛ فهي شاركت في الثورة ولا يمكن لأحد إقصاؤها، مضيفا أن الديانة ليست شرطا فيمن يترشح للرئاسة، وهو ما يتيح مجال الترشح لأي مصري أو مصرية بغض النظر عن معتقداتهم. وألمح مقرر لجنة التعديلات الدستورية إلى أن المادة 76، وفقا للتعديلات المقترحة، خففت إلى حد كبير من الإجراءات التعجيزية الخاصة بالترشح للرئاسة، كما أنها لم تلغ الشروط بالكامل لحساسية المنصب، مضيفا أن اللجنة رفضت عددا من الخيارات في هذا السياق مثل الإجراء الذي تتبعه روسيا والقاضي بدفع كل مرشح 2 مليون روبل كتأمين يتم دفعه في حال عدم حصوله على 2% من أصوات الناخبين، لأن هذا الشرط يمكن أن يأتي فقط برجال الأعمال إلى السلطة. وقال إن المادة 76 المعدلة تلزم لقبول الترشيح لرئاسة الجمهورية أن يؤيد المتقدم للترشح 30 عضو على الأقل من الأعضاء المنتخبين - وليس المعينين - بمجلس الشعب أو الشورى، أو أن يحصل المرشح على تأييد ما لا يقل عن 30 ألف مواطن ممن لهم حق الانتخاب في 15 محافظة على الأقل، بحيث لا يقل عدد المؤيدين في أي من تلك المحافظات عن ألف شخص . وأشار إلى أن التعديلات المقترحة تضمن لأول مرة في مصر الإشراف القضائي الكامل على العملية الانتخابية كاملة بدءا من قيد الناخبين في الكشوف الانتخابية وحتى إعلان النتائج، وهو ما أدى بأعضاء اللجنة إلى إلغاء شرط إجراء الانتخابات على مدار يوم واحد فقط. كما تم استبعاد الشخصيات العامة من اللجنة العليا للانتخابات لتكون ذات تشكيل قضائي خالص، وكذلك امتد الإشراف القضائي، وفقا للتعديلات، إلى الاستفتاءات. وأكد المستشار حاتم بجاتو أن التصويت في كافة الاستفتاءات والانتخابات المقبلة سيكون ببطاقة الرقم القومي، وأن الكشوف الانتخابية - اللازمة لإجراء الانتخابات البرلمانية - ستكون بناء على قاعدة بيانات الرقم القومي. وأضاف أن لجنة التعديلات الدستورية جعلت اختصاص الفصل في صحة عضوية أعضاء مجلس الشعب من سلطة المحكمة الدستورية العليا، وليس مجلس الشعب، بحيث تفصل في الطعن خلال تسعين يوما من تاريخ وروده إليها، وتعتبر العضوية باطلة من تاريخ إبلاغ مجلس الشعب بقرار المحكمة. كما ألغت اللجنة المادة 179 الخاصة بمكافحة الإرهاب؛ وهي المادة التي عطّلت مواد دستورية أخرى تتعلق بالحريات، كما أضافت فقرة إلى المادة 189 تتيح لرئيس الجمهورية، وبعد موافقة مجلس الوزراء، ولنصف أعضاء مجلسي الشعب والشورى طلب إصدار دستور جديد؛ حيث تتولى جمعية تأسيسية من مائة عضو ينتخبهم أغلبية أعضاء المجلسين "من غير المعينين" في اجتماع مشترك، إعداد مشروع الدستور في موعد غايته ستة أشهر من تاريخ تشكيلها. ويعرض رئيس الجمهورية المشروع، خلال 15 يوم من إعداده، على الشعب لاستفتائه في شأنه. ويتم العمل بالدستور من تاريخ إعلان موافقة الشعب عليه في الاستفتاء. وفيما يتعلق بحالة الطوارئ، لفت المستشار بجاتو إلى أن التعديلات المقترحة تضمن أن يكون إعلان حالة الطوارئ لمدة محددة لا تتجاوز ستة أشهر، وذلك عقب موافقة أغلبية أعضاء مجلس الشعب. كما أنه لا يجوز مد حالة الطوارئ إلا بعد استفتاء الشعب وموافقته على ذلك. كما شملت التعديلات المقترحة ضرورة تعيين رئيس الجمهورية، خلال 60 يوم على الأكثر من مباشرته مهام منصبه، نائبا له أو أكثر ويحدد اختصاصاته. وشدد المستشار بجاتو على أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يريد انتهاء الفترة الانتقالية في أسرع وقت مع ضمان اختيار الشعب لمن يحكمه بنزاهة وديمقراطية، وذلك للالتفات إلى مهامه الأصلية المتعلقة بحماية الأمن القومي لمصر في ظل ما يتهدده من أخطار .