الإطاحة بمرسي المطلب الوحيد الذي "أسعد" المؤسسة العسكرية... والمصريون لن يرحبوا بها لاعبًا سياسيًا المطالبة بحياة قائمة على العدل والحرية في مصر والكرامة في أوكرانيا هي السبب الحقيقي للثورة في البلدين وليس الإفلاس
قال ستيفن كوك الباحث في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، إن مقارنة الوضع في أوكرانيا بالثورة المصرية يتسم "بالسطحية"؛ لاختلاف الديناميات السياسية في كلا البلدين؛ إلاَّ أنَّه أكد على مواجهتهما نفس التحديات، وعلى رأسها معاناة "الإفلاس" الذي قد يُصعد من حدة حالة عدم الاستقرار السياسي؛ على الرغم من أنَّ المشاكل الاقتصادية لم تكن وحدها سبب اندلاع الثورة الأوكرانية، والمصرية على نحو جلي. وأوضح الباحث المتخصص في شئون الشرق الأوسط، "أنَّه على مدى الثلاث سنوات الماضية، التي اجتاحت الثورات والاحتجاجات جميع أنحاء العالم، عمد الصحفيون، والخبراء، وغيرهم من المحللين على عقد مقارنة بين تلك الأحداث. فلقد تساءلت بعض وكالات الأنباء حينما اندلعت التظاهرات في اسطنبول الربيع الماضي، عما إذا كان ميدان "تقسيم" هو ميدان "التحرير" التركي، الميدان المصري الذي أصبح رمزًا للتظاهرات التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك في فبراير 2011". واستدرك: "مؤخرًا قام عدد من الصحفيين ممن قاموا بتغطية التظاهرات الأوكرانية ضد الرئيس فيكتور يانكوفيتش بمقارنتها بالثورة المصرية؛ فبالرغم من أنَّ تلك المقارنات تشد الانتباه؛ إلاَّ أنَّها تتسم بالسطحية إلى حدٍ كبير". وتابع "بالفعل تحمل الثورتين الأوكرانية والمصرية أسماء الميادين التي شهدتهما؛ إلاَّ أنَّ إمعان النظر يكشف عن أنَّ "الديناميات السياسية" لكلتا الدولتين تكاد تكون متماثلة. بيد أنَّ هناك نقطة مشتركة؛ ألا وهي مواجهة البلدين لنفس التحدي اللافت للنظر: فكلتاهما تعاني من" الإفلاس"، مما قد يصعد من احتمالات حدة عدم الاستقرار السياسي". وأكد أنَّه "بالرغم من ذلك، فلم تكن المطالب الاقتصادية هي السبب الرئيسي للتظاهرات الأوكرانية، والمصرية، فلقد خرج المصريون إلى الشوارع للمطالبة بحياة قائمة علي "العدل"، و"الحرية"، بينما خرجت التظاهرات الأوكرانية احتجاجًا على رفض يانكوفيتش الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي لصالح الحصول على حزمة من المساعدات المالية السخية من موسكو". وأضاف أنَّه "بالرغم من أنَّ الشرارة الأولى التي أشعلت التظاهرات في أوكرانيا ربما تكون متعلقة بصورة مباشرة بالتجارة، والتمويل، والإنعاش الاقتصادي للبلاد؛ إلاَّ أنَّ التظاهرات من وجهة نظر معظم الأوكرانيين متعلقة "بكرامة بلادهم". وأشار الباحث إلى أنَّ هناك "نقاشًا مُثار على نطاق أسع داخل الأروقة الأكاديمية والسياسية بشأن ما يعرف باسم "التسلسل الزمني": أي هل ينبغي علي الدول التي تمر بمرحلة التحول الديموقراطي أن تجعل الأولوية للنهوض بالوضع الاقتصادي أم الحال الديموقراطية؟ وتابع: "الجهود للرد على هذا السؤال استغرقت صفحات، إلاَّ أنَّها توصلت إلى خيار "خاطئ". البلاد بحاجة إلى الاثنين معًا، ففي مصر على سبيل المثال، بمجرد سقوط مبارك أصبح من الفور واضحًا للعيان تأثير الاقتصاد المتهاوي علي استقرار وسياسات البلاد". وأضاف: "بالرغم من التفاخر المصري منتصف العقد الماضي بارتفاع مؤشرات "الاقتصاد الكلي"؛ إلاَّ أنَّ الثورة كشفت حقيقة الديون الباهظة، وارتفاع معدلات الفقر، والبطالة خاصة بين الشباب، كما ساهمت حالة عدم اليقين السياسي، والاضطرابات التي صاحبت سقوط مبارك في تدهور صناعة السياحة والتي تعد المصدر الرئيسي للعملة الأجنبية ، وكذلك تراجع الاستثمار الأجنبي". وعبَّر الباحث عن صدمة المصريين من الوضع الحالي لبلادهم، "فعقب الإطاحة بمرسي، شعر المصريون وكأنَّهم قد امتلكوا الازدهار والديموقراطية في أيديهم"، بيد أنَّ "المجلس الأعلى للقوات المسلحة"، والذي تولي إدارة شئون البلاد بعد مبارك لم يفعل شيئًا يُذكر للنهوض بالاقتصاد أو حتى بنفس عبارات قادته "تمهيد الطريق للديموقراطية"، كما أنَّه حينما تولى الرئيس المعزول محمد مرسي السلطة كانت الأزمة الاقتصادية من مسئولياته؛ إلاَّ أنَّه انشغل عنها بمحاولته "أخونة" مؤسسات الدولة، الأمر الذي دفع المصريين للخروج بعد عام من انتخابه؛ للمطالبة بإسقاطه، ذلك المطلب الذي بدا وكأنه "أسعد" المؤسسة العسكرية لتسرع بتلبيته لهم". وقال الباحث في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي: "المصريين أوضحوا عبر مواقع "التواصل الاجتماعي" أنَّهم اعتبروا تجربتهم ما هي إلا" قصة تحذيرية" ليعتبِر منها الأوكرانيين، فالمشهد السياسي الحالي غير مؤكد، وربما منعت حالة عدم الاستقرار وتصاعد أعمال العنف قادة البلاد –إن كانوا كذلك – ( المجلس العسكري في البداية، وفيما بعد الرئيس المعزول محمد مرسي) من إتاحة الفرصة للمصريين للتعبير عن مطالبهم عبر المؤسسات الديموقراطية. وأشار إلى أنه "لم يكن الاقتصاد المتردي هو العامل الوحدي لاشعال الثورة؛ إلاِّ أنَّ التظاهرات الحاشدة التي خرجت في يونيه الماضي هي على الأقل ولو بصورة جزئية ردًا على الحالة الاقتصادية المتردية من نقص للوقود، والانقطاع المستمر للتيار الكهربائي، والتضخم، والتدهور السريع للبنية التحتية بالغة الأهمية ونزعات الديكتاتورية التي عاني منها مرسي". وتساءل كوك: "هل أدرك المصريون أنَّهم قادرون بالفعل على مُسائلة القادة؟، هم بالفعل من المحتمل ألا يدعموا عودة المؤسسة العسكرية إلى العمل بالسياسية، بيد أنَّهم يعتقدون أن مرسي سعى ليجعل من المستحيل تحميله مسئولية الاقتصادي الذي أوشك على الانهيار".