احتفل العالم العربي والاسلامي باليوم العالمي للغة العربية الذي حددته الأممالمتحدة باعتبار أن اللغة العربية أصبحت اللغة الرسمية المعتمدة اعتبارا من 23/اكتوبر/ 1973 من كل عام وكل لغة عالمية لها يوم عالمي. كما أن منظمة اليونسكو العالمية حددت يوم 21 فبراير من كل عام يوم اللغة الأم وكل لغات العالم تحتفل في هذا اليوم ايضا.فتنظم المؤتمرات وتعقد الندوات ويتم وضع البرامج للنهوض باللغة العربية وابراز جمالها وأهميتها باعتبارها لغة القرآن الكريم. عندما سمعت عن هذه الاحتفالات وهذه الايام الدراسية وعقد الندوات والمؤتمرات المتعددة للحفاظ على لغتنا العربية ،حرصت أن أحضر بعضها حيث انني سعدت كثيرا وتألمت أكثر. سعدت لأنها فرصة لعرض قضيتي على أسماعهم وأن نجد فرصة مناسبة لنضعها بين أيديهم واعتقادي اليقيني أنها أياد أمينة وعقول متفتحة وقلوب نقية وعلماء مخلصون.لكنني حزنت أيضا لأن هذه القضية غائبة تماما عن الواقع العربي المؤلم غائبة عن المحافل السياسية والثقافية والاجتماعية وكل المحافل الناطقة باللغة العربية..القضية هي قضية الاحتلال الاسرائيلي للسان العربي في فلسطين. ليست الارض فقط لكنها تواصل احتلالها للسان العربي. فاذا كان هذا الاحتلال الاسرائيلي أصابنا بمحنة وسلب ارضنا ومقدساتنا فلايجوز أن يسلبنا لغتنا ونحن جميعا متفرجون. إن أطفالنا الأبرياء ونساءنا ورجالنا بل ومثقفينا للاسف لايظنون أنهم يتكلمون العبرية -وهي لغة في عرف اللغويين ميتة- أو يتجاهلون لغة القرآن الكريم والدين الاسلامي ولكن سلطة الاحتلال استطاعت ان تغرس في السنتهم مفردات عبرية حياتية يمارسونها في حياتهم اليومية فتجد الطفل او الشاب يقول عن اشارة المرور مثلا ( رمزون ) وهي كلمة عبرية ولانعرف في فلسطين الا رمزون وكذلك موقف الحافلة نسميها ( تحناه) ومكيف السيارة اوتكييف البيت نقول عليه ( مزجان ) وسخان الماء نقول عليه (حموم) وفي قطاع الزراعه فالدفيئات الزراعية نسميها (حمامات) وهناك كلمات كثيرة جدا عبرية دخلت للغة العربية الفلسطينية والبعض لايعرف مقابلها العربي حتى الحيوانات أكرمكم الله لاتفهم الا اشارة اللغة العبرية فالكلب مثلا اذا اشرت له بالجلوس لايجلس ولكن لو قلت له (شيف) وهي كلمة عبرية سيسمع الكلام. والحمار لو قلت له ( أخوره) سيرجع الى الخلف حتى الحيوانات دخلت الى مسامعها اللغة العبرية.أما الذين يعيشون تحت السيطرة المباشرة للاحتلال الاسرائيلي وهم عرب 48 كمايسمونهم فهؤلاء للاسف وللألم الشديد صاروا هم وأولادهم يعرفون العبرية ربما أكثر مايعرفون العربية.وهذا كله ليس غريبا على الاحتلال ولا يمكن ان نتوقع غير ذلك. الموقف العربي: ما موقف الامة العربية والاسلامية؟ وكل ما يحز في أنفسنا ويصيبنا بقدر كبير من اليأس والإحباط والقنوط هو موقف الأمة العربية والإسلامية من هذا الاحتلال اللغوي ؟ وموقف الغيورين على العربية من هذا الموقف المذري وهذا الاحتلال المتصاعد.لكنني مع كل ذلك لست يائسا لأنني أؤمن بأنه لن نقنط من رحمة الله.فأنا أخاطبكم في لحظة تاريخية حاسمة لاننا أمام تحد كبير إما أن تأخذ اللغة العربية حقها ووضعها ومكانتها اللائقة بها وموقعها الحضاري ومستقبلها الذي نعول كثيرا على ان يكون أفضل من ماضيها أو ان تهزم اللغة العربية أمام الاحتلال وتعيش في خنوع وانحطاط وانقراض كما الهزائم العربية.وهنا أستعير قول الزعيم العربي الفلسطيني ياسر عرفات رحمه الله أمام العالم كله في الأممالمتحدة ( لاتدعو غصن الزيتون الأخضر يسقط من يدي) وأنا بدوري أقول (لاتدعو الكلمات العربية تتسرب من ألسنتنا).الا تعرفون ان فلسطين قد انبتت عمالقة في الادب والشعر تفخر بهم الامة العربية كلها امثال محمود درويش وغسان كنفاني وسميح القاسم وغيرهم من العمالقة. قد يتساءل البعض ويقول اذن ما الحل ؟؟وكيف يمكننا المساعدة للحفاظ على لغة القرآن الكريم في بلاد المسجد الاقصى الشريف والمقدسات الاسلامية والمسيحية. كيف لنا ان نمنع مستقبلا اولادنا واحفادنا -لاسمح الله- ان يرفعوا الاذان على مآذن الاقصى باللغة العبرية. أقول أننا في فلسطين وبمجهودات محلية ذاتية نحاول السيطرة على عدم تسريب كلمات ومصطلحات اللغة العبرية الميتة اصلا لمسامع الاجيال الناشئة والعمل على تعليمهم كيف يفرقوا بين اللغة الام لغة دينهم العربية ولغة الاحتلال الذي يحاول جاهدا فرضها وتعميمها على كل المسميات الحياتية كاسماء الشوارع والبلدات والمدن العربية. وذلك بان قام اللغويون بانشاء مجمع فلسطيني للغة العربية ينبثق عنه مجمعات صغيرة في كل محافظة ويتشكل من علماء اللغة العربية والغيورين عليها وكذلك تم اقرار تدريس اللغة العبرية في المرحلة الاعدادية حتى يستطيع أن يفرق الطلبة بين الكلمة العبرية و الكلمة العربية ولايخلط بينهما ومن باب "من عرف لغة قوم أمن شرهم " دون الخلط في الكلمات بين اللغة العبرية الميتة التي يحاول اصحابها احيائها على حساب العربية.. وعقد دورات واختبارات لمدرسي اللغة العربية وانتقاء خطباء مساجد من خريجي كليات اللغة العربية.كمان ان المحاكم الشرعية درجت في معاملاتها ان تسجل اسم الشخص وبلدته الاصلية في الاراضي المحتلة داخل الخط الاخضر فتقول مثلا فلان بن فلان من غزة وسكان المجدل والذي يسميها الاحتلال " اشكلون" فالقانون يفرض على القاضي الشرعي ان يذكر اسم البلدة الاصلية بالعربية واسمها العربي غير المعبرن للحفاظ على المسميات العربية لهذه المدن المحتلة . ولكن أين دور التربويون العرب ؟؟أين دور المجامع اللغوية في الدول العربية المتعددة؟ أين دور الادارة الثقافية في جامعة الدول العربية ؟ أين دور مؤسسة الأيسسكو الخاصة بالتربية والعلوم والثقافة ؟ أين دور منظمة اليونسكو التي تحافظ على التراث أليس اللغة العربية ممن ينبغي ان نحافظ عليها؟ أين دور لجنة النهوض باللغة العربية في رابطة الجامعات الاسلامية؟ اين الاعلام العربي ودوره في ابراز هذه الظاهرة ؟ هذه المؤسسات بكل أسف لاتمد أبصارها الا لموقع أقدامها وأسقطت هذا الامر العزيز من اهتماماتها ولم نسمع رغم المؤتمرات العديدة في العواصم شتى وفي مختلف الجامعات حتى الاسلامية منها أن مؤتمرا عقد أو لجنة نظمت في أي عاصمة من عواصم العروبة عن هذه الظاهرة المؤسفة المجحفة ( الاحتلال الصهيوني للغة العربية في فلسطين) وهنا أنا اناشد الضمائر الحية والقلوب النقية أن يضعوا هذه القضية حقها من اهتماماتهم وان تدعوا الجهات المسؤولة الى تبنيها والوقوف امامها باعتبارها تحديا صارخا لضمير الانسان العربي وأنا على يقين من ان العربية ستبقى شاء الاحتلال ام أبى لان للعربية قرآنا يحفظها وربا يحميها. وفي النهاية لااريد ان اقول لكم كما يسمعنا الاحتلال ( ليتراؤوت ) اي مع السلامة بالعربية. ولكنني لازلت محافظا على لغتي فأقول لكم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.