الكلمةُ في الإسلام أمانةٌ وتكليف ،ولها حكمُها الشرعي بحسب نيةِ قائلِها وطبيعة لفظها، وما تؤدي إليه! في الإسلام قد يدخل الإنسان دائرة الدين بكلمة وقد يخرُجُ منه كذلك بكلمة! في الإسلام تُستحلُ المحارمُ بالنكاحِ بكلمة وينقطعُ هذا الميثاق الغليظ بكلمة! من هنا: تأتي خطورة الكلمة، ومن هنا تأتي خطورة الإعلام بوسائله وقنواته . الإعلامُ موجّه ،الإعلامُ إما يفرق أو يجمع ، وإما يصلُ بين أو أفراد مجتمعهِ أو يقطع! وما يُبثُ في الإعلام وما يُتبنى فيه من برامج وأفكار لا يخرج عن دائرة المسؤولية الشرعية ، فهو دائر بين الأجر أو الوزر ! والأعمال بالنيات والله يبتلي السرائر ويعلمُ ما في الضمائر ! وما يشهده الناس اليوم من بعض البرامج التي تعتمدُ على الطرح الذي يحملُ نوعاً من الإثارة أو الغرابة ،ويُعرضُ بكثيرٍ من السطحيةِ وبأسلوبٍ بعيدٍ عن المنهجيةِ العلمية، يمثل مصدر خطر وقلق وإرباك لأفكار الناس لاسيما العوام منهم ! عندما: تتبنى بعضُ هذه الوسائل بثَّ برامج تقوم على التشهير بالآخرين مثلاً أو إذكاء نوازع الفُرقةِ والشقاق والبحث عن مناطق الاختلاف بين أبناء الوطن الواحد ممّن لهم بشكل عام مكانة وتقدير ،وممّن من المنتظر منهم أن يكونوا قدُوُاتٍ لغيرهم في توحيد الصف وتعليم أدبِ الحوار والخلاف،عندما تتعمد بعضُ هذه البرامج إظهار واستفزاز شريحة مهمة في نسيج المجتمع حتى يظهروا جميعاً مُصيبهم ومُخطئهم في صورةٍ غير لائقة ! أو يساهموا هم في إرباكِ الناس وبلبلةِ أفكارِهم بطرحٍ مُتشنج مُتشخصِن! وبطرحٍ يقومُ كذلك على تصنيفِ الآخرين ووصفهِم بصفاتٍ أو تصنيفات ظالمة ،أو لعلها غير ذلك، ولكن: هل مثل هذا يُعرضُ على الهواءِ مباشرةً !! عندما يحصل ذلك نقول: أين أمانة الكلمة وشرف الكلمة ؟! من الخطأِ شرعاً وعقلاً وواقعاً أن تُطرح قضايا مُعقدة فكريةٍ أو شرعيةٍ في قنواتٍ إعلاميةٍ وعلى الهواء مباشرة! ويكون غرضُها الرئيس: الإثارة ،وغرضُ ضيوفِها:المُغالبةُ والانتصار للنفس أو التوجه! صاحب الرسالة والمقصد الشريف والذي يحمل هم الدين والكلمة والوطن لابد أن يتقي الله أولاً فيما يطرح ويقول ويبثهُ في عقول الناس! والناس فيهم العالم والجاهل وجيد الفهم ومنهم منْ لا يفهم المقصود فيقع في الإشكال والبلبة! ومن الآفات العظيمة والتي تصادم وتتعارض مع المهنية الإعلامية بل ومع المسؤولية الأخلاقية أن يتبنى برنامج ما فكرةً أو رأياً معيناً فيأتي إعداد برنامجه على هذا الأساس لحمل الناس عليه وتسفيه منْ يخالفه!! إن الله تعالى أمرنا بالصدق وإصلاح النية والمقصد والعدل في الخصومة والقول ومع كلّ أحد ،حتى مع غير المسلم ( ولايَجرمنّكم شنآن قومٍ على أن لاتعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى ) إن طرح القضايا المعقدة التركيب أو العلمية الدقيقة أو غرائب المسائل أو التي لا مصلحة شرعية أو فكرية في طرحها مما ينبغي بل ويجب التوقف كثيراً والتفكير ملياً قبل تبنيه وبثه!! وإلا أوقعنا الناسَ في الحرج والقلق والبلبلة!