دعوة للتسامح والتصالح أوجهها لكل الأطياف والفئات لا سيما ونحن نشهد في بلدنا في الأيام الماضية حملة إعلامية شرسة تبث الذعر والخوف بل والفوضي بين أبناء هذا البلد الكريم الحبيب وكأن هناك من لا يريد أن تحيا مصر آمنة مستقر مطمئن.ويريد هؤلاء ألا يتنفس الناس عبير الحرية . فهم يستغلون هذه الحرية أسوأ استغلال.. إنها حرية الفوضي بلا التزام ولا ضوابط. الكل يشيع ما شاء ويقول ما شاء في أي وقت شاء وفي أي موقع علي الانترنت شاء وفي أي فضائية شاء وفي أي جريدة شاء ثم يمضي بعد قوله آمناً مطمئناً مُستريح البال مستقر الضميروتُصبح البلد وتُمسي وإذا أعراضها مجرحة وسمعتها ملوثة وإذا كل فرد فيها متهم أو مهدد بالاتهام. وهذه حالة من القلق والشك والريبة لا تُطاق بحال من الأحوال فضلاً عن أنها حالة لا يمكن أن يعلو فيها البناء وأن تُدفع فيها عجلة التنمية والاقتصاد. والشنيع الفظيع أن من هؤلاء من يريد الآن الوقيعة بين الشعب والجيش والمجلس الأعلي للقوات المسلحة فأنا أدعو بعد هذه الحملات الإعلامية الضخمة التي تبث الرعب ومازالت وتصور الإسلاميين علي اختلاف انتماءاتهم كالسلفيين وأنصار السنة والجمعية الشرعية وغيرهم كالإخوان والتبليغ. تصور هذه الحملة هؤلاء علي أنهم وحوشاً ضارية كاسرة مترصدة لحرق وجوه النساء اللائي يمشين بلا نقاب في الشوارع والطرقات أو لقطع الآذان لأنهم أقاموا دولة داخل دولة وتحركوا لإقامة الحدود بأنفسهم. وأخيراً بلغني أن منشورات توزع بأنهم مستعدون الآن لقتل كل سائح ينزل إلي مصر فضلاً عن تعديهم علي هدم الأضرحة ونبش القبور وإثارة الفزع والرعب بين الناس. نريد شيئاً من العدل ولا أقول أريد العدل المطلق بل أريد شيئاً من العدل ونريد شيئاً من الإنصاف. ونريد شيئاً من الحق وندعو الجميع إلي التسامح والتصافح والتصالح فمصر لا تحتمل هذه الفوضي. ولا تحتمل هذه الفتن قط.حاول من حاول أن يُشعل نار الفتنة الطائفية في بلدنا فوجدوا الناس علي مستوي المسئولية. وفشل هؤلاء في إشعال نار هذه الفتنة التي لو احترقت لدمرت الأخضر واليابس. وهم يحاولون الآن إشعال نار الفتنة بين السلفيين والمؤسسة الرسمية الدينية في الدولة الأزهر ووزارة الأوقاف وبين الصوفيين أو الصوفية لتسود حالة من الفوضي والقلق والفزع والرعب بين الناس يراد منها التشويه للإسلاميين بل والبعض أيضاً يريد أن يكون الإسلام متهماً في قفص اتهام علي طول الخط. وأنا منذ البداية أقول لقد بدأ تاريخ التسامح بالإسلام وأسألكم بالله تدبروا كل لفظة أقول لهم لقد بدأ التسامح بالإسلام فتاريخ التسامح هو بداية الإسلام أيها الأفاضل.. أيها المنصفون.. أيها العقلاء.. أيها الحكماء أنا أخاطب كل أطياف شعبنا وكل أطياف بلدنا أخاطب الصحفيين وأخاطب رجال النخبة وأخاطب المفكرين وخاطب المحللين بل وأخاطب السياسيين والرسميين بل وأخاطب أباءنا وإخواننا من الصوفيين أخاطب السلفيين وأنصار السنة والتبليغيين والإخوان والجمعية الشرعية وأخاطب آباءنا وأمهاتنا الفضليات وأخاطب شبابنا وأولادنا أخاطب كل مسلم في مصر وكل مواطن من الأقباط يعيش علي أرض مصر. وأقول للجميع: إقراءوا معي أول آية في القرءان الكريم كله أظنكم تحفظونها جميعاً إنها قول الله في سورة الفاتحة ¢الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ¢ لم يقل الحمد لله رب المسلمين. ولم يقل الحمد لله رب الموحدين وإنما قال ¢الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ¢ هذه نعلنها بأعلي الصوت للدنيا كلها أول آية في كتابنا ومازالت تتلي إلي قيام الساعة. فالتفضيل لبني آدم والتكريم لبني آدم وآدم عليه السلام أبو البشرية جمعاء فالله رب الكافرين ورب المسلمين هو الذي يُربيهم بنعمه هو الذي يُربيهم بفضله وهو الذي يري كفرهم به ويحلُمُ ويَصبِر عليهم فليس أحد أصبر علي أذي سمعه من الله يسبونه جل وعلا ويرزقهم ويُعافيهم ويكفرون به جل وعلا ويرزقهم ويعافيهم سبحانه وتعالي ¢الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ¢ فالله جل جلاله رب الخلق أجمعين وهذه هي اللبنة الأولي في صرح التسامح الذي أرسي لبناته كاملة بلا نقص دين محمد صلي الله عليه وآله وسلم. أيها الأحبة..ليس بين الله وبين أحد من خلقه نسب إلا بالتقوي والعمل الصالح قال تعالي : ¢يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَري وَأُنثَي وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّه أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّه عَلِيم خَبِير¢..عاب ربنا جل وعلا علي أولئك الذين زعموا أنهم أبناء الله وأحباؤه فقال سبحانه : ¢ وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَي نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرى مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ¢ أخاطب العقلاء في كل ملة أن يسمعوا إلي عدل الإسلام وإلي تسامح الإسلام وإلي معاملة الإسلام للآخر بل وإلي قبوله للآخر وإلي التعامل معه في غاية التقدير والاحترام ¢وَإِنْ أَحَدى مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّي يَسْمَعَ كَلَامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمى لاَ يَعْلَمُونَ¢..وقال سبحانه : ¢ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمي عَلَي أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَي وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرى بِمَا تَعْمَلُونَ. إن الإسلام دين التسامح ويدعو إلي التسامح والتصالح الإسلام دين التسامح مع المخالف فلما هذه الحرب المعلنة علي الفضائيات وعلي صفحات الجرائد والمجلات ومواقع الانترنت. ولما هذه الحرب الشرسة التي تملأ القلوب والبلاد بالذعر والفزع والرعب. ولما لا يتم الحوار بأدب. ولما لا يكون الخلاف مبنياً علي قبول الرأي والرأي الآخر. ولما لا يكون الخلاف مبنياً علي حسن الظن بالمخالف. ولما لا يكون الخلاف مبنياً علي عدم اتهام النيات. ولماذا ننطلق في خلافنا من مظنة ومظلة سوء الظن واتهام الآخرين. فالنخبة تتهم الإسلاميين علي اختلاف أطيافهم. والإسلاميون منهم من يتهم غيره أيضاً حتي أكون عادلاً منصفاً. ولماذا لا يكون الحوار والخلاف بيننا مبنياً بقواعد أدب الخلاف وأدب الحوار فطبيعة البشر تقتضي أيها الأفاضل أن كلها ستلتقي علي قلب رجل واحد هذا وهمُاً لا قدم له ولا ساق لا من الأدلة القرآنية ولا من الواقع ولو كان ذلك قابلاً للتحقيق في عصر من العصور لكان أولي العصور بتحقيق هذا عصر النبي صلي الله عليه وسلم. فلا يمكن أبداً أن تتصور أو أن تنتظر أن تلتقي القلوب كلها علي قلب رجل واحد أبداً. وسيبقي الخلاف بيننا لأن الخلاف مترتب علي اختلاف الخلق في طبائعهم وأشكالهم وألوانهم وصورهم بل وبصمات أصواتهم فضلا عن بصمات أيديهم. ولا تجد إنساناً علي وجه الأرض في هذه المليارات التي وصلت الآن إلي سبعة مليارات. ولا تجد إنسانا يُشبه إنسانا آخر في كل شيء. وهذه علامة علي عظمة الله وآية دالة علي قدرته جل علاه وسيبقي هذا الخلاف موجوداً في أشكالنا.. في كلماتنا..في عقولنا.. في قلوبنا.. في أجسادنا.. في طرق تفكيرنا.. في طرق تعبيرنا وسيبقي هذا الخلاف قائماً. ولذا يجب أن نؤصل الآن في ظل هذه المرحلة التي انطلقت فيها الحرية بسقف مرتفع. ويجب أن نؤصل لأدب الحوار لأدب الخلاف فالحوار أو الخلاف له فقه وله أدب فلتطرح كل مسائل الخلاف بتسامح في بوتقة الخلاف ولتظلل هذا البوتقة بأدب الخلاف وحينئذ لا خلاف فأنطلق وأنا أخالفك في عشرات بل في مئات المسائل من مسائل الفروع والأحكام ولتنطلق وأنت مخالف لي في عشرات مسائل الفروع والأحكام ويبقي الود بيننا ويبقي الحب والأدب فيما بيننا.عبر عن رأيك ودلل عليه بكتاب الله وسنة رسول الله وبفهمك لأقوال أهل العلم ودع الآخر يُعبر عن رأيه أيضاً وليتبني الرأي الآخر الذي يراه لعالمي آخر من علماء أهل السنة. ويبقي الخلاف المعتبر سائغاً مقبولاً فيما بيننا. ولا يفسد للحب ولا للألفة ولا للود بيننا قضية من القضايا إن استخدمنا الألفاظ المهذبة. يعني أقرأ مثلاً من يقول¢لا حوار مع السلفيين الهمج¢..هل هذا حوار يا أخي؟ وأنا مازلت احتفظ لك بالإخوة..هل هذا حوار أم إشعال للنار؟وهل هذا نصح أم سب وقذف؟ ولابد من التعامل مع هؤلاء تعاملاً أمنياً بحتاً لا حوار مع هؤلاء الهمج هذا ليس حواراً بل هذا قذف بل هذا سببل هذا تجاوز كبير إن لم يجد الإنسان من يُحاسبه عليه فربنا سُبحانه وتعالي يسمع ويري ¢مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلي إِلا لَدَيْهِ رَقِيبى عَتِيدى¢لا تستهن بالكلمة ولا تتكلم وأنت تتصور أنها مجرد كلمة ¢لا¢.. بل بكلمة تنال رضوان الله. وبكلمة تنال سخط الله. إن من أصول المنهج السلفي أن السلفية ليست حزباً وليست جماعةً وليس من حقي ولا من حق غيري أن يجعل من نفسه حارساً لبوابة المنهج السلفي ليدخل من هذه البوابة من شاء وليخرج منها من شاء بل هو منهج رباني ونبوي لفهم القرآن والسنة بفهم السلف الصالح بفهم الصحابة رضي الله عنهم والتابعين لهم بإحسان إلي يومنا بل وإلي يوم الدين لقول رب العالمين : ¢وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَي وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّي وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً ¢. أطمئن الجميع وأقول أتباع المنهج السلفي يؤمنون بوجود الأولياء بل ويؤمنون بكرامات الأولياء نعلن ذلك بأعلي أصواتنا أتباع المنهج السلفي يعتقدون أن كرامات الأولياء من معجزة النبي صلي الله عليه وسلم من معجزات الأنبياء¢أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفى عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَي فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ¢. فنحن نؤمن بوجود الأولياء لكننا نعتقد أن الولي هو المؤمن التقي ¢ الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ¢ومن ثم فعلي رأس الأولياء في الأمة أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وأصحاب النبي وآل بيت سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم وكل مؤمن تقي حقق أركان الإيمان بالرب العلي وحقق التقوي لله جل وعلا فهو ولي من أولياء الرحمن"أما من طار في الهواء ومشي علي الماء وهو غير متبع لشرع الله ورسوله فليس ولي من أولياء الرحمن وإنما هو ولي من أولياء الشيطان. وهذا متفق عليه بين كل الطوائف وبين كل النحل. الإسلام العظيم يُعلم أتباعه جميعاً ومنهم من ينتسب إلي هذا المنهج السلفي يعلمهم جميعاً أن تغيير المنكر له ضوابط وله شروط فنحن بُرءاء من هدم الأضرحة وحرق الأضرحة أعلنها للدنيا كلها وقد أثبتت التحقيقات الأولية للنيابة أن أتباع المنهج السلفي برءاء براءة الذئب من دم ابن يعقوب من هذه الدعاوي الخطيرة التي يُراد بها إثارة الفتنة في هذا البلد وإثارة حرب من نوع جديد بين السلفية والصوفية والسلفيين والصوفيين وما وقعت طيلة القرون الخيرية أو المباركة الماضية ولن تقع بإذن الله تعالي لأن أهلنا وشبابنا وإخواننا من أتباع المنهج السلفي ومن الصوفيين يدركون تماماً خطر هذه الفتنة ويعلمون حجم هذه المؤامرة. وأنا أطالب الجميع أن يتحركوا بعقل وحكمة بعد الدين والالتزام بالقرءان والسنة لتفويت هذه الفرصة علي أولئك الذين يُريدون لبلدنا أن تشتعل فيها حرباً أهلية من نوع خطير خبيث بين أبناء الأمة الواحدة وبين أبناء الدين الواحد وإن اختلفنا في بعض الرؤي وفي بعض الأطروحات فلا ينبغي أبداً أن يقول قائل لابد أن نُجيش وأن نحمل السلاح وأن نُسلح أبناءنا ثم يرد عليه الآخرون ونحن لسنا أقل قوة. ما هذه الفوضي؟ ليس من صالح أي أحد أن تسقط هيبة الدولة. وليس من صالح أي طائفة أن تسقُط هيبة الدولة وأن يختلْ أمن هذا البلد أبداً وإلا ستتحول بلدنا إلي فوضي.