«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ندوة مجلة التبيان .. التفاؤل في المرحلة القادمة يظل رهن الجهاد واليقظة لتحقيق مقاصد الثورة
نشر في المصريون يوم 28 - 02 - 2011

أكد المشاركون في ندوة مجلة التبيان لسان حال الجمعية الشرعية أن الإصلاح السياسي الذي تحققت بوادره في مصر بإسقاط النظام السابق ليس نهاية المطاف بالنسبة لثورة الشعب المصري وإنما هو بداية لثورات إصلاحية تشمل مختلف نواحي الحياة الأخلاقية والاجتماعية والسلوكية والعالمية. كما أكد المشاركون أن التفاف الشعب المصري بمختلف فئاته وطوائفه حول مبادئ واحدة تجمعهم وتوحدهم كان القوة الدافعة لتثبيت الله لهم ونصرتهم.
كما حذروا من المساس بالمادة الثانية من الدستور التي تؤكد أن الإسلام هو دين الدولة، منبهين أن ذلك يفتح الباب واسعًا أمام فتنة تهدد البلاد، وأشاروا إلي أن بعض العلمانيين وغيرهم يستغلون الظروف الاستثنائية التي تمر بها مصر للترويج لأفكارهم الهدامة التي لا تراعي ثوابت المجتمع وقيمه وثقافته. وأوضحوا في الوقت ذاته ضرورة إرساء قاعدة «التخلية قبل التحلية» وذلك من خلال محاربة الفساد والمفسدين وملاحقة المنافقين لإزالة بقايا النظام السابق.. ثم يتبع ذلك التمسك بأحكام الله وإرساء قواعد العدل والشوري في الحكم. جاء ذلك خلال ندوة «الإسلام ومعالم الإصلاح في مصر الآن» والتي نظمتها مجلة «التبيان» وحاضر فيها فضيلة الأستاذ الدكتور محمد المختار المهدي الرئيس العام للجمعية الشرعية- عضو مجمع البحوث الإسلامية، والأستاذ الدكتور محمد عمارة المفكر الإسلامي- عضو مجمع البحوث الإسلامية، وأدار الندوة الأستاذ الدكتور محمد مختار جمعة الوكيل العلمي للجمعية الشرعية- الأستاذ بجامعة الأزهر.
- ثورة 25 يناير وفي إطلالة سريعة علي تاريخ الثورات المصرية أكد الدكتور محمد عمارة أنه لم ير ثورة مصرية بهذا العمق والانتشار كالثورة التي فجرها الشباب في الخامس والعشرين من يناير 2011، كما أنه لم ير رحيل حاكم مصري أصيب بهذا الهوان والازدراء منذ رحيل الملك فؤاد كما حدث للرئيس السابق حسني مبارك، الذي عومل علي نحو ليس له سابق ولا مثيل في تاريخ الحكام الذين يحكموا مصر. ويصف الدكتور عمارة الثورة المصرية في 25 يناير بأنها ثورة أعادت لمصر روحها وحياتها وحيرتها فمصر هي البلد الذي ذكر في القرآن 25 مرة صريحًا وإشارة، وأوصي النبي [ بأهل مصر خيراً لأن لهم ذمة وصهراً وقال [: «اتخذوا من أهلها جنداً كثيفًا فلما سأله أبو بكر الصديق: لماذا يا رسول الله؟ قال: «هم ونساؤهم في رباط إلي يوم القيامة». كما وصف د. عمارة هؤلاء الشباب الذين قاموا بالثورة بأنهم سبقوا آباءهم وأجدادهم بل واجتذبوا الآباء والأجداد إلي هذه الثورة المباركة فكانت ثورة بهذا العمق والاتساع اشترك فيها عشرات الملايين من المصريين من مختلف بقاع مصر بشكل لم يحدث له مثيل في تاريخ الثورات والانتفاضات التي شهدتها مصر. أخطاء النظام السابق وعن السبب وراء هذه الثورة وهذا العمق والاتساع والرحيل المؤسف والمهين للرئيس السابق يؤكد الدكتور عمارة أن النظام السابق ارتكب أخطاء جسيمة علي مدي العقود الثلاثة الماضية فقبل أسابيع قليلة من تفجر الثورة وصف مسئول صهيوني في إسرائيل حسني مبارك بأنه: «كنز استرتيجي للأمن الإسرائيلي» وهذا الوصف الصهيوني للرئيس السابق عار غير مسبوق في تاريخ مصر وتاريخ الحكام المصريين. من جانب أخر كما يشير الدكتور عمارة فإن النظام السابق أيد وحرض علي الغزو الأمريكي الصليبي للعراق سنة 2003م وكان من نتائج هذا الغزو تدمير العراق البلد العربي الذي كان يمتلك قوة كبري في المشرق العربي وكانت تحسب له إسرائيل حسابًا كبيرًا، فتم تمزيق العراق، وأصبح ما يقرب من عشرة ملايين عراقي - أي ثلث الشعب العراقي - ما بين يتيم وشهيد وأرملة ولاجئ! كما حرَّض النظام السابق - كما يذكر الدكتور عمارة - علي الغزو الصليبي لأفغانستان حيث لا تزال الدماء تسيل والتنصير يتم علي هذه الأرض الإسلامية نتيجة هذه الحملة الصليبية التي أعلنها بوش حملة صليبية بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، وحرض علي الغزو الصليبي الأثيوبي للصومال وأيد غزو "زيناوي" الذي يهدد الآن مياه النيل ويهدد بالحرب ضد مصر وحرض الأثيوبيين علي قتل المسلمين في الصومال وجاء علي لسان النظام السابق «نحن نتفهم التدخل الأثيوبي في الصومال».. هذا الغزو الصليبي الذي أسقط نظام المحاكم الشرعية في الصومال وأدخل الصومال في دوامة العنف والدمار والقتال.
-حراسة أمن إسرائيل! ومن الأخطاء الجسيمة الذي ارتكبها النظام السابق كما يعبر عن ذلك الدكتور عمارة أنه كان بمثابة شرطي الشرق لمحاربة الإسلام وحراسة أمن إسرائيل، وتواطأ مع الصهيونية في غزو لبنان وغزو غزة وقام بحصار مليون ونصف المليون من المسلمين في غزة، ورغم أن النبي [ يقول: «أيما أهل (عرصة) بات فيه امرؤ جائع فقد برئت منهم ذمة الله وذمة رسوله»، فإن النظام السابق حاصر المسلمين كراهية في الإسلام وعداء للمقاومة الإسلامية للصهيونية، كما صمت هذا النظام صمت الرضا والمشاركة علي تهويد القدس وعلي ابتلاع الصهيونية لفلسطين وتاجر هذا النظام - ومن فيه من الفاسدين والغاصبين لأرض الدولة وأموال الشعب - مع الصهيونية ليس فقط ببيع الغاز بثلث ثمنه العالمي، ولكن تاجر معهم في الأسمنت والحديد الذي بنيت وتبني به المستوطنات الصهيونية وجدار الفصل العنصري الذي يبتلع الأرض المقدسة. من ناحية أخري وعلي حد قول الدكتور عمارة فإن النظام السابق فكك مفاصل الشعب المصري ومسخ الأحزاب ودمر النقابات المهنية والعمالية حتي يصبح هذا الشعب لقمة سائغة وليس له عمود فقري يجاهد به ويناضل ويقاوم الاحتلال والاستعمار والغزو الأجنبي كما حاول إفساد القضاء بالترغيب والترهيب وبالانتداب والإعارات. - الكوارث الداخلية وتحدث الدكتور عمارة عن الكوارث والأخطاء التي حدثت لمصر في عهد النظام السابق، فأكد أن مصر عانت من تلوث مياه النيل ومن مشكلة العطش في بلد بها أكبر وأطول أنهار العالم، وأصبح أكثر من 40% من الشعب يعيش تحت خط الفقر في الوقت الذي تملك كوادر النظام الثروات الطائلة والمليارات التي تتحدث عنها الصحف كما قاتل الناس بعضهم البعض للحصول علي رغيف الخبز، وبيعت مصانع مصر للمستثمرين بأرخص من سعر الأرض المقام عليها هذه المصانع! وأفسد الصهاينة سماسرة العالم الزراعة المصرية بالمبيدات المغشوشة والأسمدة والبذور المغشوشة في الوقت الذي تلاشت زراعة القطن المصري الذي كان يعد حياة الفلاح وكانت لقمة عيشه في هذه الزراعة، وأصبحت إسرائيل تزرع القطن المصري في أفريقيا وتصدره للعالم بدلاً من مصر! ومن ناحية أخري ألقي آلاف من الشباب بنفسه في البحر بحثاً عن لقمة العيش كما يشير الدكتور عمارة في ظل هذا النظام. والتحق آلاف من الشباب المصري للعمل في الجيش الصهيوني بحثاً عن لقمة العيش، في الوقت الذي ينهب فيه هذا النظام ثروات البلاد والشباب.. وأصبحت أجهزة أمن الدولة والأمن المركزي ومباحث أمن الدولة لا عمل لها إلا قهر الشعب وإقامة السلخانات وتعذيب المواطنين في السجون والمعتقلات وتزوير إرادة الأمة في الانتخابات، وأصبح تعداد جهاز الأمن في الداخل أكبر من تعداد الجيش المصري حفاظاً لأمن النظام لا لأمن المواطن والوطن والأمن الجنائي، وأغلقت المساجد لأول مرة وعلي امتداد 14 قرنًا في مصر عقب الصلوات في عهد هذا النظام وهو ما لم يحدث في تاريخ مصر الإسلامية، كما أن خطباء المساجد يتم تعيينهم من أمن الدولة. وكذلك مجمع البحوث الإسلامية أعلي هيئة علمية في مصر لا تتم الموافقة علي العضوية به إلا بموافقة الأمن أولاً فأصبح الأمن هو الذي يتحكم في شئون الدنيا والدين! وفي عهد هذا النظام أيضاً ولأول مرة في تاريخ مصر يتم تعيين رؤساء الجامعات وعمداء الكليات بالتعيين وبموافقة الأمن لقطع الطريق علي الأصوات التي تشهد أن «لا إله إلا الله محمد رسول الله». ولم يكتف الأمن باستخدام القوة التي لديه كما يوضح الدكتور عمارة ولكنه استعان بالبلطجية في الانتخابات في الجامعات وفي انتخابات البرلمان وفي المظاهرات كما حدث في ثورة 25 يناير. وفيما يتعلق بالإعلام في عهد هذا النظام فقد وصل إلي مستوي هابط ومنفر يمسخ هوية الأمة حيث غابت الفنون والآداب التي كانت تنعش ذاكرة الأمة وترقق الأفئدة بالفن الراقي الذي يشعر الفرد بالانتماء لأرضه ووطنه وحلت محلها الأغاني الهابطة التي تريد إفساد الشعب المصري وإفساد الشباب كي لا تكون هناك كلمة حق أو مقاومة، وسيطر الشواذ علي الثقافة في مصر، كما أن جوائز الدولة طوال هذا العهد ذهب أغلبها للزنادقة وأشباه الزنادقة، والعلمانيين الذين حماهم النظام السابق وأغدق عليهم الأموال في الوقت الذي يتعالي هؤلاء علي «الذات الإلهية» وينكرون ما جاء في القرآن والسنة. -التخلية مقدمة علي التحلية وبعد أن أشار الدكتور محمد عمارة لأخطاء النظام السابق وما ترتب علي ذلك من ثورة شعبية أسقطت هذا النظام، حذر من أن النظام السابق مازال موجوداً وجراثيمه ممتدة في مختلف أنحاء الجمهورية وأن الذي سقط هو رأس النظام فقط مشدداً علي خطورة المرحلة الحالية التي يحاول فيها أعوان النظام السابق الالتفاف علي الثورة والقيام بثورة مضادة. وفي هذا الإطار أكد د. عمارة ضرورة تطبيق شعار الثورة والمطلب الأول للشعب وهو إسقاط النظام لا رأسه فقط ويتم هذا من خلال أول خطوة من خطوات الإصلاح وهي تفعيل القاعدة الشرعية «التخلية مقدمة علي التحلية» أي إزالة النفايات التي مثلها النظام السابق قبل البناء الجديد وهذه القاعدة الشرعية تحدث عنها القرآن الكريم في قوله تعالي: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَبَينَ الرُّشْدُ مِنْ الغَي فَمَن يكْفُر بِالطَّاغُوتِ وَيؤْمِن بِاللَّهِ فَقَد اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَي لا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (البقرة: 256)، فالكفر بالطاغوت تخلية يتبعها تحلية القلب والعقل بالإيمان بالله. أما الخطوة الثانية في هذا الإصلاح كما يوضحها الدكتور عمارة فتتمثل في الحرية إذ إنه لم تقم دولة إسلامية ولا شرعية إسلامية إلا إذا كان هناك حرية لهذه الأمة والنبي [ جاء ليضع عن الناس إصرهم والأغلال التي كانت عليهم ليحطم القيود حيث لن يستطيع الإنسان أن يبني أو يقيم البناء الإسلامي المتين في ظل القيود. والشوري هي الخطوة الثالثة للإصلاح في المجتمع كما يؤكد الدكتور عمارة، والشوري ليست مجرد استشارة بل هي مشاركة ملزمة في صناعة القرار ونقل القرطبي عن المفسر العظيم «ابن عطية» في كتابه «أحكام القرآن» قوله: «ومن لا يستشير أهل العلم والدين فعزله واجب، وهذا مما لا خلاف فيه» وقال أبو بكر الصديق: «أطيعوني ما أطعت الله ورسوله فإن عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم». ومن ناحية أخري أرسي النبي [ - وهو المؤيد بالوحي - مبادئ هذه الشوري في دولته وجعلها ملزمة له فيقول لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما: «لو اجتمعتما في مشورة ما خالفتكما» ولم يكن يستطيع النبي [ وهو رئيس الدولة أن يعين رئيساً للجيش إلا بالشوري فيقول في الحديث: «لو كنت مؤمراً أحداً دون مشورة المؤمنين لأمرت عبد الله بن مسعود»، وفي غزوة بدر ترك النبي [ رأيه ونزل علي رأي الحباب بن المنذر، وفي غزوة الأحزاب حين أراد النبي [ أن يعقد معاهدة مع «غطفان» استشار سعد بن عبادة وسعد بن معاذ فقالا له: «أهذا وحي أم رأي رأيته» فقال النبي [: «هذا رأي» فقالوا: «لم يكونوا يأكلون ثمرة من ثمار المدينة إلا ضيفا أو تجارة فهل بعد أن أعزنا الله بالإسلام نعطيهم» فترك النبي مشروع المعاهدة ونزل علي أمر شوري المؤمنين. في هذا الإطار نفي الدكتور عمارة وبشدة ما أثاره البعض من أن ثورة الشباب خروج علي ولي الأمر ، ومؤكداً أن كلمة «ولي الأمر» لم تذكر في القرآن الكريم ولا مرة واحدة وإنما جاء ذكرها علي صيغة الجمع في موضعين علي هذا النحو «وأولي الأمر منكم» وهذا يؤكد مبدأ الشوري في الحكم وليس الفردية المطلقة. ومن جانب آخر فإن ولي الأمر الشرعي كما يوضح الدكتور عمارة هو الولي المختار بالشوري أما هذه النظم القائمة فهي نظم تغلب، والمتغلب يكون سواء بالعسكر أو الدبابات أو تزوير إرادة الأمة.. ولا شرعية له ولا يعد وليا للأمر. وعن مدي تفاؤله أو تخوفه من المرحلة القادمة وإمكانية حدوث فوضي قد تعصف بالبلاد، شدد الدكتور عمارة علي ضرورة التفاؤل الحذر واليقظة الدائمة في المرحلة القادمة خاصة مع الانتشار الأخطبوطي لبقايا النظام السابق وجراثيمه، ومع وجود محاولات من الداخل والخارج للالتفاف علي الثورة وإجهاضها وإحلال ثورة مضادة لها. واعتبر الدكتور عمارة أن انتشار شرارة الثورة المصرية في البلاد العربية حمي مصر من أخطار كثيرة، مشيراً إلي أن هذه النظم العربية المستبدة كانت هي أول من تآمر لإجهاض الثورة في مصر حتي لا تنتقل تأثيراتها إلي هذه البلاد. ويؤكد الدكتور عمارة أن التفاؤل من المرحلة القادمة يظل رهين الجهاد مطالبا الشباب بالحذر واليقظة لمتابعة تنفيذ طلباتهم وتحقيق مقاصد الثورة محذراً في الوقت ذاته من خطورة المرحلة الانتقالية ومطالبًا بضرورة الالتفاف حول مطلب الثورة الأول وهو إسقاط النظام بكل ذيوله حتي تبدأ عمليه الإصلاح الشامل.
- حكمة إلهية في الثورة المصرية في بداية كلمته تحدث د. المهدي عن عوامل نجاح الثورة التي قام بها الشباب في الخامس والعشرين من يناير فأكد أن إرادة الله وعنايته بمصر جعلت هذه الثورة تقوم علي أكتاف شباب لا ينتمون إلي حزب أو اتجاه معين، وأن الحكمة الإلهية اقتضت ذلك لأنه لو كانت الشعارات المنبثقة من هؤلاء الشباب إسلامية لتكتل الغرب والشرق وكل أعداء الإسلام لإجهاض هذه الثورة. وأوضح د. المهدي أن كل شيء له قدر وموعد إلهي وأن التغيير مبني علي أسس ثابتة وسنن إلهية {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً} (الأحزاب: 62)، {إِنَّ اللَّهَ لا يغَيرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّي يغَيرُوا مَا بِأَنفُسِهِم} (الرعد: 11). ونبه فضيلته إلي أن الإنسان عليه ألا يستعجل ولا ييأس من وعد الله سبحانه وتعالي ووعيده بالكفرة والظالمين فقد انتظر سيدنا نوح ألف سنة إلا خمسين حتي نزلت نقمة الله علي الكافرين، وقديماً استيأس الرسل من الإصلاح والهداية لكن الله تداركهم بعونه، قال تعالي: {حَتَّي إِذَا اسْتَيئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَد كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّي مَن نَشَاءُ وَلا يرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ} (يوسف: 110). وأشار فضيلته إلي أن وحدة الشباب كانت من أهم عوامل نجاح الثورة مؤكداً أن الصمود والثبات، واجتماع الشباب والتحام كل فئات الشعب كان في حد ذاته درسًا بأن الاجتماع قوة والوحدة هي أساس كل قوة. موقف الجمعية الشرعية وفي هذا الصدد أوضح د. المهدي أن الجمعية الشرعية سمحت لأبنائها الراغبين في المشاركة في الثورة بأن يشاركوا بأشخاصهم لا باعتبارهم ينتمون للجمعية الشرعية وكان الهدف من ذلك عدم استعداء العالم علي اعتبار أنها ثورة إسلامية، وكانت حكمة الله تعالي أن سارت في هذا المسار وكان ذلك من عوامل إنجاح الثورة. كما شدد فضيلته علي أن الثورة المصرية لم تقم لظلم اجتماعي فقط وإنما كانت لظلم أكبر وهو ظلم وقع علي دين الله عز وجل بسبب حملات التغريب المستمرة التي كانت تواجهها الأمة الإسلامية.. وكانت تونس في هذا المجال مثالاً يضربه الغرب لكل البلاد الإسلامية علي ما يسمونه: التحديث. حتي جاءت نقمة الله علي الظالمين والمفسدين «فالله يغار علي دينه»، ولهذا استمرت الجمعية الشرعية في تقديم النصح للأئمة والعامة من توجيهات نصوص القرآن الكريم وسنة نبينا [. معالم الإصلاح وتحدث د. المهدي عن الخطوط العريضة للإصلاح الحقيقي في المجتمع كما قدمته النصائح القرآنية فأكد أهمية تتبع المنافقين والمفسدين الذين يقبضون من الخارج ويتسللون إلي كل موقع من مواقع الأمة لإفساد أخلاق الناس وتحقيق ما يريده اليهود من تفسخ الأخلاق في المجتمع والتفريق بين أبنائه مشددًا علي ضرورة عدم استماع أبناء الأمة لمثل هؤلاء المنافقين وأعداء الإسلام وخاصة اليهود ومن يتبعهم كما أوصي الله تعالي في قوله: {يا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ} (آل عمران: 100). أما الأمر الثاني من معالم هذا الإصلاح وكما جاء في وصية القرآن الكريم فهو التقوي كما في قوله تعالي: {يا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُم مُّسْلِمُونَ} (آل عمران: 102) ويري د. المهدي أن التقوي ليست عبادة خالصة لله فحسب وإنما هي تفعيل لقاعدة "من أين لك هذا؟" وفقاً لإرشاد النبي [ الذي يبين مسئولية كل فرد يوم القيامة عن مصدر اكتسابه لماله وفيما أنفقه مؤكداً ضرورة متابعة المفسدين أينما وجدوا لأن المفسد لا يتأتي منه الإصلاح مطلقاً كما قال الله تعالي: {إِنَّ اللَّهَ لا يصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ} (يونس: 81). ويترتب علي التقوي وإصلاح الفساد وتتبع المنافقين والمفسدين: إقامة العدل وهذا هو الملمح الثالث لمعالم الإصلاح في المجتمع، كما يشير د. المهدي مبينا أن الله تعالي ما أرسل رسله إلا لإرساء العدل في الأرض {لَقَد أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَينَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُم الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيعْلَمَ اللَّهُ مَن ينْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِي عَزِيزٌ} (الحديد: 25)، فالرسل جاءت بالدعوة إلي القسط أي العدل قال تعالي: {وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (الحجرات: 9). ويشدد د. المهدي علي أن الاستمساك بشريعة الله وأحكامه أساس من أسس الإصلاح محذراً من أن الإعراض عن منهج الله ومسيرة النبي [ نذير بالهلاك والعذاب والفتنة قال تعالي: {فَلْيحْذَرِ الَّذِينَ يخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُم فِتْنَةٌ أَو يصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (النور: 63) وجاءت وصية القرآن الكريم {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} (آل عمران: 103)، وهذا الاعتصام يقتضي كذلك التمسك بدين الله وسنة نبيه [ {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِي إِلَيكَ إِنَّكَ عَلَي صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} (الزخرف: 43- 44). ويعد استشعار نعمة الأخوة من أهم معالم الإصلاح لأنها كما يوضح د. المهدي هي النعمة التي يمن الله بها علي عباده المؤمنين {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيكُمْ إِذ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَينَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً} (آل عمران: 103). ومن معالم الإصلاح أيضاً تشجيع الدعاة والمصلحين والمرشدين علي القيام بمهمتهم في نشر الدعوة إلي الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر {وَلْتَكُن مِنكُمْ أُمَّةٌ يدْعُونَ إِلَي الْخَيرِ وَيأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَينْهَوْنَ عَن الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (آل عمران: 104). ويؤكد فضيلته أن «الخيرية» التي جعلها الله لهذه الأمة جاءت معتمدة علي أن الأمة تأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر وتؤمن بالله {كُنْتُمْ خَيرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَت لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (آل عمران: 110) فجعل القرآن الكريم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة كفريضة الإيمان بالله، ودرجات النهي عن المنكر معروفة موضحة في الحديث الشريف: «من رأي منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وهذا أضعف الإيمان». - ليس خروجًا علي الحاكم في هذا الصدد يجب د. المهدي علي سؤال راود الملايين من الناس عن مشروعية المظاهرات، وهل تُعد ذلك خروجًا علي الحاكم كما ردد بعض العلماء؟ فنفي د. المهدي ذلك تماما وأكد أن الإسلام لا يمنع المظاهرات وأنها ليست خروجًا علي الحاكم مشيراً إلي ضرورة نصح الظالم فإن لم يستجب للنصيحة فالقرآن الكريم يطالب المسلمين برفع أصواتهم بمظلمتهم فقال تعالي: {لا يحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً} (النساء: 148). من ناحية أخري يشير فضيلته إلي أن الله تعالي رتب الطاعة علي العدل، وجعل التعاون بين الحاكم والمحكومين مرتبًا علي عدل الحاكم وبين أن من السبعة الذين يظلهم الله يوم لا ظل إلا ظله «إمام عادل». كما أن حديث النبي [: «أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر» بّين ثواب كلمة الحق والجهر بها؛ فلو قُتل من يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر يكون من أفضل شهداء الجنة، مشيراً في الوقت ذاته إلي غياب هذا الحاكم العادل عن مصر وأن مصر ظلت تحكم بقوانين فرنسية تخالف شرع الله وسنة نبيه [، وبالتالي فإن المظاهرات السلمية كانت الوسيلة الشرعية لإعلاء الصوت وإنكار المنكر. ويوضح فضيلته أن الصبر عنصر مهم للإصلاح، قال تعالي: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (الأنفال: 46)، مؤكداً أن الصبر المطلوب هو الصبر الإيجابي وليس الصبر السلبي.. والصبر الإيجابي يقتضي التدرج في أنواع الصبر الأربعة، وهي: أولاً: الصبر علي الطاعة. ثانياً: الصبر عن المعصية خاصة أن المعصية فيها إغراءات ومنها سلب أموال الناس بالباطل. ثالثاً: الصبر عند المصيبة والشدة. ورابعاً: الصبر والصمود أمام أعداء الله عز وجل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.