نجح المجلس الأعلى للقوات المسلحة في احتواء القلق الذي انتاب القوى الوطنية المصرية من الاحتكاك الذي حدث أول أمس بين بعض رجال الشرطة العسكرية وعدد من المتظاهرين الذين قرروا الاعتصام ليلا في ميدان التحرير بعد انتهاء اليوم الاحتجاجي . وكان المجلس قد أصدر بيان اعتذار عن الاعتداء على المتظاهرين مخاطبا شباب ثورة 25 يناير بأن رصيده لديهم يسمح بذلك، مؤكدا حرصه على تحقيق الأهداف النبيلة للثورة. وأوضح أن "ما حدث خلال مظاهرات الجمعة نتيجة احتكاكات وأنه لم ولن تصدر أوامر بالتعدي علي أبناء هذا الشعب العظيم وأنه سيتم اتخاذ كافة الاحتياطات التي من شأنها أن تراعي عدم تكرار ذلك مستقبلا". وأشار إلى أن تعامل القوات المسلحة مع الثورة منذ بدايتها قائم علي عدة ثوابت، وهي انحيازها إلي جانب الثورة والثوار، وأنها لن بأي صورة من صور العنف من أبناء هذا الشعب العظيم، وقيامها بحماية الشعب والوطن العزيز وتوفير الأمن والأمان الذي يتيح للثوار التعبير عن مطالبهم المشروعة. لكنه عبر عن مخاوف من "قيام عناصر مدسوسة تحاول إفساد الثورة وإثنائها عن أهدافها وإحداث الوقيعة بينها وبين القوات المسلحة، ممثلا في قيام هذه العناصر بالتعدي علي أفراد الجيش بالحجارة والزجاجات". وأوضح أنه على يقين أن هذا ليس سلوك شباب الثورة الذي يتمتع بالوعي والوطنية والتي أيدت مطالبة المشرعة منذ اللحظة الأولى، داعيا شباب الثورة إلى العمل سويا علي إفشال مخططات المندسين علي الثورة، مؤكدا أن القوات المسلحة ستظل هي الحامية والضامنة لأهداف ومطالب هذه الثورة العظيمة. من جانبه، استنكر "الائتلاف الوطني للتغيير" في اجتماعه أمس بمقر حزب "الوفد" بحضور رؤساء وممثلي الأحزاب والقوى السياسية المختلفة وبعض ممثلي شباب 25 يناير، الاعتداء على المتظاهرين بميدان التحرير، إثر قيام قوات الشرطة العسكرية بفض اعتصامهم بالقوة ومطاردتهم بالشوراع. وقال رؤساء وممثلو الأحزاب إن الاعتذار الرسمي الصادر عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة إنما "يدل على تأكيدهم على الثورة وعلى الوطن وعلى تأييدهم لمبادئ ثورة 25 يناير"، وطالبوا بإطلاق سراح جميع الذين تم اعتقالهم ليل الجمعة وكذا المعتقلين خلال الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك. وصرح الدكتور السيد البدوي رئيس حزب "الوفد" أنه تم خلال الاجتماع الاتفاق على تشكيل أمانة دائمة ل "الائتلاف الوطني للتغيير" تتكون من سبعة أعضاء يمثلون كافة الأحزاب والتيارات السياسية المختلفة. وأضاف إنه تم الاتفاق على أن يكون حزب "الوفد" مقرًا لشباب 25 يناير وللأحزاب التي خرجت من رحمها كي يجتمعوا فيه، مشيرا إلى أنه سيتم تخصيص حجرة في كل من مقرات الحزب البالغ عددها 188 مقرا بمختلف المحافظات لشباب 25 يناير. كما أعلن تخصيص صفحة يومية لشباب الثورة بجريدة "الوفد" يحرروها بأنفسهم دون أي رقابة من رئاسة التحرير، بالإضافة إلي تخصيص صفحة لشباب 25 يناير في الصحف الإقليمية المطبوعة والالكترونية الصادرة عن الحزب. بدورها، أعربت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان عن قلقها البالغ إزاء قيام بعض عناصر من الشرطة العسكرية باستخدام العصي المكهربة لتفريق المتظاهرين بميدان التحرير أمس الأول الجمعة، مطالبة بالتحقيق الفوري في تلك الواقعة، ومحاسبة مقترفيها بغية ضمان عدم تكرارها مرة أخرى. وأعربت المنظمة عن تقديرها لاعتذار المجلس الأعلى للقوات المسلحة عن الاعتداءات التي رأت أنها "تتناقض مع مواقفه وثوابته المساندة للثورة الشعبية واحترامه الحقوق المشروعة للمتظاهرين سلميًا منذ بداية الثورة في 25 يناير وحتى الآن، بخلاف أن قواته تعتبر حامية وضامنة لأهداف ومطالب هذه الثورة العظيمة"، على حد تعبيره. وطالبت المنظمة المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالتحقيق في وقائع الاعتداء على المتظاهرين والمحاسبة الفورية لمرتكبيها، بغية ضمان عدم تكرارها مرة أخرى، وحرصًا على العلاقة الحسنة التي تربط بين الجيش والشعب المصري من ناحية، والجيش والمتظاهرين من ناحية ثانية، وحفاظًا على مكتسبات ثورة 25 يناير. من ناحيتها، اعتبرت جماعة "الإخوان المسلمين" أن إقالة حكومة أحمد شفيق التي عينها الرئيس السابق حسني مبارك قبل أيام من الإطاحة به وتعيين وزارة أخرى يرأسها ويشغل عضويتها شخصيات نظيفة ووجوه محبوبة ومرضى عنها من الشعب يعد "مطلبا عاجلا لا يحتاج لتسويف أو تأجيل". وأكدت في تعليقها على الاعتداء على المتظاهرين على حقهم في التظاهر السلمي باعتباره صورة من صور التعبير الجماعي، في سياق التعليق على "المظاهرات المتحضرة فى أيام الجمعة"، التي تقام في يوم العطلة الأسبوعية حتى "لا تتعطل مصالح الناس ومؤسسات الدولة، وكان آخرها المظاهرة التي أقيمت أمس الأول الجمعة. وطالبت الجماعة في بيان أصدرته السبت ب "إلغاء حالة الطوارئ التي لم يكن هناك أي مبرر لفرضها على الشعب طيلة الثلاثين سنة الماضية سوى إرهاب الناس وقمعهم وتعذيبهم لصالح النظام المستبد الفاسد"، ودعت إلى الإفراج الفورى عن المسجونين والمعتقلين السياسيين. ونادت بتحويل قيادات جهاز مباحث أمن الدولة الذي اتهمته بأنه "مارس الإرهاب وأذل المصريين وأثار الرعب فى نفوسهم وباشر القتل والتعذيب والاعتقال وتلفيق التهم" إلى محاكمة عادلة، و"إعادة هيكلته من أناس يخشون الله ويحترمون حقوق الإنسان ويلتزمون بنصوص الدستور والقانون وأحكام القضاء". وشدد على ضرورة الإسراع ب "محاكمة الذين اتخذوا قرارات إطلاق النار على المتظاهرين وعلى رأسهم الرئيس المخلوع (حسني مبارك) ووزير الداخلية السابق (اللواء حبيب العادلي) ورئيس جهاز مباحث أمن الدولة (اللواء حسن عبد الرحمن) والذين نفذوا هذا القرار وقتلوا المئات وجرحوا الآلاف من المصريين". وطالبت ب "فتح ملفات الفساد دون استثناء ومحاكمة أصحابها بداية من الرئيس المخلوع إلى أصغر الفاسدين" و"العمل الجاد والسريع لاسترداد أموال الشعب المنهوبة". من جانبه اعتبر المعارض البارز الدكتور محمد البرادعي على حسابه الخاص علي "تويتر" أن الاعتداء على التظاهرات السلمية مسئولية من بيده السلطة، ولا يمكن أن يقال إنه "خطأ غير مقصود"، وأن التعامل الأمني هو استمرار "لمصر القديمة" حسب قوله. وكان نحو 2500 شخص تظاهروا بميدان التحرير السبت للمطالبة بإسقاط حكومة أحمد شفيق وحل جهاز مباحث أمن الدولة. وطالب المتظاهرون بالافراج الفورى عن جميع المعتقلين السياسيين والجنائيين, مشيرين إلى انه لم يفرج حتى الان سوى عن عدد قليل منهم, وكذلك بإنهاء العمل بقانون الطوارىء. وهتف المتظاهرون "الشعب يريد إسقاط الحكومة", و"يا حرية فينك فينك أمن الدولة بينا وبينك".