راهن الكثيرون من مؤيدى الشرعية ومعارضي الانقلاب فى الداخل والخارج على قدرة التحالف الوطنى لدعم الشرعية على دحر الانقلاب وإسقاطه ، بل علق البعض امالا عريضة فى استطاعة التحالف تحقيق تلك الاهداف وحسم المعركة فى ايام معدودة . هذه الآمال سرعان ما تبخرت وتحولت لدى البعض مع الوقت الى نقمة وسخط على التحالف نفسه بدعوى عجزه وفشله وعدم قدرته على الحسم بعد مرور اكثر من ثمانية اشهرعلى الانقلاب بل بالغ البعض وطالب بضرورة حل التحالف وتنحيه عن المشهد وإعطاء الفرصة للآخرين لتحقيق الاهداف المرجوة وقيادة الثورة الشعبية .
ومع إيمانى العميق بضرورة واهمية اجراء الحركات والجماعات الاسلامية والسياسية لفريضة النقد الذاتى الا اننى ارى فى الوقت ذاته لاسباب عديدة ( موضوعية وشكلية ) انه من الضرورى تحرى الموضوعية والانصاف فى نقد " التحالف الوطني لدعم الشرعية " فالواقع يشهد ان هذا التحالف واجه وما يزال العديد من التحديات والمؤامرات منها :
- حداثة نشاة وتاسيس التحالف الوطنى نسبيا ( ثمانية اشهر تقريبا ) حيث تشكل مع البدايات الاولى للانقلاب بطريقة تلقائية دون تخطيط او دراسات مسبقة .
- تعدد الكيانات والقوى والجماعات المكونة للتحالف وتباين أفكار وسياسات وتوجهات كل فصيل عن الاخر فى الكثير من التفصيلات والفرعيات .
- ضخامة وبشاعة المؤامرات التى يواجههاالتحالف الوطنى حيث تقف قوى دولية وإقليمية كثيرة ( فضلا عن مؤسسات الدولة العميقة ) داعمة ومؤيدة للنظام الانقلابى .
- التخطيط والعمل فى ظل ظروف غاية فى الصعوبة تتسم بضعف الإمكانات وقلة الموارد وعدم القدرة على التواصل الجيد بين مكونات الجماعة الواحدة فضلا عن مكونات التحالف .
- تعدد مراكز صنع القرار ومؤسسات التخطيط والمتابعة مع اختلاف اماكن تواجدها ( الداخل - الخارج ) فضلا عن تعدد مؤسسات الخارج .
- الاختلاف فى تقييم وتقدير وقراءة الموقف ومفردات الواقع وتباين الرؤى فى كيفية الخروج من الأزمة داخل الجماعة او الحزب الواحد المنتمى للتحالف ناهيك عن التحالف ذاته .
- ظهور بعض الجماعات التى تتبنى الصدام المسلح مع مؤسسات النظام مما يؤدى الى إرباك المشهد والتاثير فى قرارات وفعاليات التحالف .
- انفصال مجموعات شبابية كثيرة عن التحالف وتبنيها بقوة ما يسمى " السلمية الإيجابية او سلمية ما دون الرصاص " مما يضعف فعاليات التحالف السلمية وتواجدها فى الشارع .
- المحاولات المتكررة للأجهزة الأمنية التابعة للانقلاب لاختراق مكونات التحالف والاستماتة فى استمالة واستقطاب وبث الخلاف والفرقة بين احزاب التحالف ومكوناته .
- استخدام النظام الانقلابى للآلة الإعلامية الضخمة والممولة من الخارج فى صناعة الأكاذيب ونشر الافتراءات والتلفيقات الممنهجة ضد مكونات التحالف لتشويه صورته وأهدافه لدى الرأى العام .
- استخدام وتوظيف السلطات الانقلابية لبعض الإسلاميين المنشقين عن جماعات واحزاب التحالف لخلق واصطناع جماعات وكيانات وهمية للضغط والشوشرة على التحالف .
هذه التحديات الضخمة والمؤامرات الجسيمة التى يواجهها التحالف تجعلنا لا نتسرع فى الحكم على التحالف بالعجز والفشل وعدم قدرته على الاستمرار فى قيادة الثورة حيث استطاع التحالف فى ظل تلك التحديات تحقيق العديد من النجاحات والإنجازات فقد قاد بنجاح كبير طوال هذه الفترة فعاليات شعبية وطلابية اربكت سلطات الانقلاب وأنهكتها وفضحت ممارساتها القمعية ، كما نجح التحالف فى محاصرة الانقلاب خارجيا ودوليا بفضل فعالياته وتواصله مع الهيئات والمنظمات الدولية حتى اصبح قادة الانقلاب ملاحقين دوليا ، كما انتزع التحالف اعتراف العديد من الدول بسلميته وسلمية فعالياته وتحركاته بحيث اصبح الممثل الوحيد للثورة الشعبية المصرية فى تلك الدول بل اصبح للتحالف هيئاته ومؤسساته ومكاتبه وتنظيماته الشرعية فى العديد من دول العالم .
هذه التحديات الضخمة وتلك النجاحات الكبيرة تجعلنا نتمسك بقوة " بالتحالف الوطني لدعم الشرعية " ونرى ان دعمه وتقويته واعادة هيكلته ومؤسسته وحسم خياراته واستراتيجاته وتجديد تكتيكاته وشورية قراراته اصبح فريضة وضرورة شرعية ووطنية وسياسية .
كل ذلك مع اهمية ان ياخذ التحالف فى اعتباره ضرورة الاستعانة والتنسيق والتشاور مع أى كيانات سياسية او شبابية او ثورية جديدة فى اطار من التكامل والتعاون المشروع وتفعيل قاعدة " مركزية السياسات والاستراتيجيات ولا مركزية التحركات والفعاليات " وذلك بهدف تحقيق اهداف الثورة ودحر الانقلاب الغاشم .. فهل سيستجيب التحالف فتضيق الفجوة بين المطروح والمطموح .. اتمنى !!