سقط النظام الفاسد المستبد ، وتنحى الرئيس مبارك ، وجرى توقيف حبيب العادلي وأحمد عز وجرانة،والبقية تأتي. وانقلبت مصر رأسا على عقب . ومع ذلك لم يسقط "عبد الله كمال"، ولم يتنح ! مازال في منصبه يكتب المقالات الصحفية، التي- بالطبع - تغيرت لهجتها لتواكب مصر الجديدة المتغيرة بالثورة البيضاء التي عمل عبد الله كمال ليل نهار – بصفته خادما في النظام البائد – على إطفائها وإخمادها وتشويهها إلى آخر لحظة سبقت تنحي مبارك وسقوط النظام. كيف لم يسقط هذا الرجل وأمثاله مع سقوط النظام الذي كانوا يلعقون أحذيته بألسنتهم ، ويبيعون شرف المهنة مقابل استرضائه ، ويقفون في وجه الحق والعدل من أجل مؤازرته وتقويته على قمع مَن يقفون في وجه ظلمه واستبداده من الأحرار المصلحين ، وفي وجه سرقاته وفساده من الشرفاء المعارضين. أتَعَجّبُ كيف سكتت الثورة عن هؤلاء ؟! كيف لم تطالب بإسقاطهم بعد إسقاط أسيادهم وأولياء نعمتهم ومسمني لحموهم ونافخي جيوبهم؟ ألم يكن عبد الله كمال هذا يسبح بحمد الرئيس المخلوع ويكتب عن عهده كأنه يكتب عن عهد الفاروق عمر بن الخطاب ؟! ألم يكن يعمل خادما للصوص الذين نهبوا المحروسة وجعلوها المسروقة ،وينافح عن سرقاتهم بالتدليس والتبرير ؟ ألم يسخر قلمه وجريدته لخدمة سفاحي الداخلية الذين استباحوا أعراض المصريين كما استباح لصوص النظام أموالهم. ألم يدافع عن الطوارئ والاعتقالات لاسيما إن كانت في صفوف الاسلاميين؟ ألم يكن نبّاحا لمافيا الحزب الوطني وأمن الدولة ، يطلقونه على من شاءوا من المعارضين الشرفاء فينهش لحومهم ويفري بقلمه الخسيس في لحومهم ؟ أما وصف الانتخابات المزورة بأنها ديمقراطية ، وأن الراسبين فيها فاشلون سياسيون ، وأن شكايتهم من التزوير هي حجة التلميذ البليد الفاشل؟ أما كان ينعت المتظاهرين في التحرير وغيره من ميادين مصر بأنهم قلة مندسة وأجراء وعملاء ومخربون ومتطرفون ...إلخ؟ ارجعوا إلى روز اليوسف أيام الثورة وكيف كانت تحاربها وتحاول الالتفاف عليها. مازلت هذه الكتابات إلى اليوم في الموقع الالكتروني للجريدة عند دخولك إليها. نسى عبد الله كمال وشركاؤه أن يحذفوها أو يخفوها في الأرشيف. كل ذلك وأضعاف أضعاف أضعافه فعله كمال ، ومع ذلك لا زال يكتب ولم يسقط، بل ركب الموجة كما ركبها جميع المنافقين الذين يتحدثون اليوم عن التغيير والحرية ومحاسبة اللصوص. لقد هتف ملايين المتظاهرين أيام اعتصامهم بأن "الحزب الوطني" باطل وأن " حبيب العادلي "باطل ، وأن " أمن الدولة " باطل ، وأن " صناع الفتنة" باطل ...إلى غير ذلك من البواطل التي هتفت الجماهير لإسقاطها. وسقطت كل هذه البواطل ، فلماذا لم يسقط عبد الله كمال بعدُ، وهو من سدنتها والمنافحين عنها والذابين عن أعراض أصحابها ؟! إن جرم "عبد الله كمال" وأشباهه أكبر بكثير من جرم مبارك وعز والعادلي وباقي اللصوص. إنّ جرم أولئك كان هو القتل والسرقة والنهب وتزييف إرادة الشعب....إلخ ، ومع هذا فلقد كانت هذه الجرائم ستبقى في وضعها الصحيح باعتبارها جريمة يكرهها الناس، ويكرهون فاعليها ،ويسعون لمحاسبتهم، أو على الأقل للوقوف في وجوههم . ولكن حملات التزوير، والتستر، والتضليل، وإضفاء الشرعية، وذر الرماد في العيون من قِبل عصابة " الكماليين " الفاسدة في وسائل الاعلام لا سيما الصحافة القومية هي التي جعلت اللصوص يظهرون بصورة الشرفاء ، والمزورين في صورة النزهاء ، والسفاحين في صورة الرحماء ، والخائنين في صورة الأمناء. إن أولئك الكماليين وما أكثرهم لعار في جبين مصر ، وسبة في تاريخها، وعائق أمام نجاح ثورتها وقيام نهضتها ، وإن لم تقم الثورة بعملية تطهير لوسائل الإعلام من براثنهم ، فلسوف يجعلون من النظام القادم صورة كربونية من النظام الفاسد البائد ، فهذه مهنتهم التي لا يحسنون غيرها ولا يعيشون إلا بها؛ لعق أحذية المستبدين ،وتلميع صورة اللصوص والسفاحين.