نحن شعب ذو طبيعة خاصة، لنا نكهة مميزة، نضحك ونحن في أشد أوقات الحزن، ونبكي ونحن نضحك، نعالج قضايانا بالسخرية من أنفسنا أحيانًا، وبالسخرية من الآخرين أحيانًا أخرى، ولكننا في كل الحالات شعب طيب يغفر حتى لمن أساءوا إليه..، وقد كان الشعب المصري على استعداد لأن يتقبل استمرار حسني مبارك في الحكم حتى نهاية فترة رئاسته بعد خطابه العاطفي الذي أعلن فيه رغبته في الموت في مصر لولا أن موقعة الجمال في اليوم التالي من الخطاب أتت لتدمر مصداقيته تمامًا... والشعب المصري وهو يتابع بقلق مستقبل بلاده بعد ثورة 25 يناير التي أطاحت بنظام كامل في أيام قليلة انتابته نفس روح الدعابة وهو يعلق في عدة صفحات على الفيس بوك على شخصية الرجل الذي ظهر خلف السيد عمر سليمان عندما كان الأخير يلقى البيان القصير الذي أعلن فيه خبر تنحي مبارك.. وهو المقدم أركان حرب حسين شريف قائد إحدى المجموعات القتالية بالقوت الخاصة. والتعليقات وحتى الأغاني التي ترددت حول الرجل الذي وقف وراء عمر سليمان لم تكن في الحقيقة تنال منه أو من شخصه أو تتعرض له بالإساءة بقدر ما كانت تعبيرًا عن روح الدعابة لشعب مر بفترة قاسية من المحن والأزمات التي كان من الممكن أن تدمر أي شعب آخر وتقضي على روحه الوثابة إلا الشعب المصري الذي يستمد قوته وعزيمته بروح الفكاهة والتندر التي تمنحه أكسير الحياة والتي جعلته يصدر بيانًا هامًا وخطيرًا يتساءل فيه عن هوية "الراجل اللي واقف ورا عمر سليمان"..!! وحتمًا فإن كل التعليقات الساخرة والمضحكة الصادرة حول هذا الرجل لم تكن في واقعها تهدف إلى النيل من شخصه أو إهانة الرجل الذي يؤدي مهام عمله، وإنما كانت محاولة للدعابة زادت عن الحد كثيرًا وأثارت الضيق لدى أسرته ودفعت ابنه إلى إنشاء صفحة الكترونية يطالب فيها بالاعتذار لوالده ولأسرته جميعًا. وهو فعلا محق في ذلك، وكرامة أي مصري في أي موقع تهمنا تمامًا، فنحن ندخل عهدًا جديدًا نتحدث فيه عن كيان مختلف للمواطن المصري، كيان يعني أن هذا المواطن هو الثروة الحقيقة لهذا الوطن، وأن احترام الفرد في هذا المجتمع هو الطريق لبناء دولة حديثة تتمتع باحترام الآخرين، فقد عشنا عقودًا طويلة فقد فيها المواطن المصري احترامه ومكانته داخل بلاده فدفع لذلك الثمن غاليًا خارجها..! أيها المواطن المصري حسين شريف.. لك منا كل الاحترام والتقدير.. فأنت لم تكن خلف عمر سليمان فقط.. بل أنت خلف الشعب المصري كله تحميه بعملك وبأداء واجبك وبالإخلاص في أداء الواجب.. وهذه هي سمات المرحلة الجديدة. [email protected]