ظن بعضهم أن مصر قد ماتت وخرجت من تاريخ أمتها, ولكنهم كانوا خاطئين, فإنها لم تمت ولكنها كانت مريضة بمرض عضال, مرض أعجز أكبر الأطباء, لكنه كان في قدر الله أمر أخر, فالحمد لله أولا وأخرا, الحمد لله الذي وحد أغلب المصريين على التخلص من الظلم, فتناسوا فروق الجنس والعُمر الألوان والعقائد والانتماءات, وقف جميعهم ينشدون معاً أناشيد الثورة ثم أهازيج النصر, لم يكن هناك ثمة اقصاء من أحد لأحد, فقد كان شعار إزالة الظلم والطغيان شعاراً جامعاً للناس مانعاً للتفرق والتشرذم.. إن دروس الثورة يجب أن نتوقف معها طويلا طويلا بالتأمل والتفكر والتعلم لمن أراد أن يُجمَّع المصريين أو غيرهم من الشعوب نحو تحقيق أهدافهم.. نعم, مصركانت مريضة بمرض عضال, لكن الله جل في علاه أنعم عليها بالشفاء في وقت أنعدم فيه الرجاء إلا فيه سبحانه, فله الحمد والشكر والمن وعظيم الفضل, فهو الذي وحد الجهود وأخاف الظالمين وحقق النصر.. درس كبير أدعو كل أحبابي من أهل مصر, الرجل في بيته والعامل في مصنعه والشرطي في موقعه والمسئول حيث موقع مسئوليته والسياسي في حزبه أو تياره أو جماعته والإعلامي في منبره الى وقفة للمراجعة, لعلنا نخرج معا بدرس عظيم كبير يُعمّق معنى الانحياز الى الناس , انحياز حق وعدل وكرامة, فالمسئول عليه أن ينحاز لشعبه لا لشرق أو غرب, والشرطي يعلم أنه خادم للشعب لا سيدا عليه, والإعلامي ينحاز للحق أو يترك موقعه والسياسي ينحاز للناس في مطالبهم وتطلعاتهم لا لحزبه أو مصلحته .. المستقبل المستقبل أدعو كل المصريين الى النظر الى الغد لحمايته وحراسته, إياكم إياكم أن تُستنزف قواكم وجهودكم في النظر الى الماضي إلا للعبرة والعظة, كم رأينا من حكام جدد يستنزفون شعوبهم في أفلام ومسلسلات ونقاشات وكتب وبرامج وصحف ومجلات لسب الماضي بغرض إلهاء الناس عن صياغة حسنة لحاضرهم ومستقبلهم, فالماضي ذهب بكل ما فيه , ونحن لسنا أهل شماتة, والحاضر والمستقبل هو الذي يجب أن يكون محل النظر وموضع الجهد حتى لا يسرقه أو يلتفت عليه فاسد أو مُفسد.. أعلم أن الحديث عن الماضي قد يستهوي بعضنا, وأعلم أن النظر فيه للعظة والاعتبار مفيد ونافع, لكن الأجدى والأنفع والأهم والأجدر أن تتركز الجهود على الغد, غد يضمن لمصر حرية وكرامة وعدل ومساواة وعزة وكرامة وتقدم, وأعيدها ( سامحوني ) غد يضمن لمصر حرية وكرامة وعدل ومساواة وعزة وكرامة وتقدم.. وهذا يستدعي يقظة بالغة, ونور وبصيرة وتوحد للجهود, ربما يتسلل بعض الماكرين ليلهوننا بشقاق بين المعارضة والسياسيين, أو محاولة إثبات الذات, او إقصاء فصيل لحساب أخر, أو تلاوم وعتاب فيمن شارك وفيمن قصر, أو من حاور ومن رفض, أو حديث عن المتحولين من دعم الباطل الى إدعاء نصرة الحق, أومع بطولات لكرة القدم وأفلام عن الثورة, ومسلسلات عن جرائم الماضي وغير ذلك كثير.. فاليقظة اليقظة, والحراسة الحراسة, والحماية الحماية للثورة ومكتسباتها بلا انحراف عن الوجهة والغاية, فمصر كانت مريضة وكتب الله لها الشفاء بعملية جراحية علي يد أمهر وأنبل أبنائها, وهي الآن في مرحلة النقاهة, وهذه لها ضرورات وواجبات وأعمال ليكتمل الشفاء تفاديا ( لاقدر الله ) لانتكاسة أو معاودة المرض, حتى يعود جسد الوطن صحيحا قويا عصيَّا على الإفساد.. فلنجعل الكلام قليلا, والمقال قصيرا, حتى لا تتكاثر المعاني فتضيع الأماني, ونركز على حُسن صياغة الغد, ولنرفع هدفا لا يغيب ولا يتوارى عند أي حوار أو نقاش أو عمل يكون عنوانه المستقبل ووحسن صياغته, والله الموفق.. مصطفى كمشيش [email protected]