لم أصدم لِكَمّ «الفجاجة» التي يتعامل بها الاعلام المصري مع قضية «ترشح المشير عبدالفتاح السيسي للرئاسة، فقد تعودنا منذ نعومة أظافر اسلافنا الفراعنة على «تقديس» وتمجيد الفرعون الإله، ويبدو أن الأمر اصبح مكوناً اساسياً في جيناتنا، لا فكاك منه مهما حاولنا، ولا جدوى من تكرار اسداء النصيحة لبعض الاعلاميين – الاصدقاء منهم وغير الاصدقاء – الذين اصيبوا ب«فوبيا» التطبيل والتزمير.. واحياناً «الرقص» على الاحبال، تأييداً ودعماً للمشير السيسي. وقبل ان يبتسم احد القراء «الإخوان»، أو تنبسط اسارير «متعاطف».. أؤكد أنني ضد حكم مرسي، وأؤيد أن يحكم بلدي حاكم قوي.. عادل.. لا يدين بالولاء سوى لمصر، لا لجماعة ولا لحزب، ورغم انني تمنيت ان يكون الرئيس المقبل مدنياً يفوز في انتخابات قوية مع «قرناء» له، الا ان زيادة العنف وخوفي على بلدي من مصير سورية والعراق – وربما ليبيا – يجعلني «أتفهم واحترم» ضرورة وجود «رجل» كالمشير في مقعد الرئاسة خلال السنوات العجاف القادمة. ما لا أطيقه هو هذا الكم الفج من «التدليس» الإعلامي الذي انفجر في وجوه القراء والمشاهدين، والذي يجافي أبسط قواعد الإعلام التي تعلمناها، ويخالف القاعدة الشهيرة «الشيء إذا زاد عن حده انقلب ضده»، كفانا الله شر «الإنقلاب»! أحمد الله أن الرجل يبدو متزناً واثقاً في نفسه، بما يجعله «عصي» على الإفساد ومضاداً للتحول إلى «فرعون»، على الرغم من ان «الزن ع الودان أمَرّ من السحر»، لكن على الأقل دعونا نواجه الرئيس القادم بحقيقة ما نأمله لمصر على يده، وما نتمناه للشعب المصري في عهده، ونضع نصب عينيه ما يجب أن يعرفه حتى لا «نختلف» في وسط الطريق الشاق والعسير الذي سنخوضه معاً، ونحدد معه أبعاد التحديات التي علينا أن نواجهها سوياً، بدلاً من أن نؤلف الأغاني والأشعار تمجيداً لشخصه، ونكرس البرامج إظهاراً لسماته، ونخصص المقالات إبرازاً لمحاسنه، حتى نضعه في مصاف الأنبياء والرسل - كما فعل أحد الدعاة - ثم نجد بعد ذلك الحرج كل الحرج في محاسبته، وهل يحاسب أحد «الأنبياء»؟ أدعو الله أن يهدي الاخوة الأصدقاء والزملاء في أجهزة اعلامنا الى قول الحق، وان يكونوا عين الناس ولسانهم أمام الحاكم، وألا يساهموا بقصد أو غير قصد في تأجيج «مولد» السيسي، الذي أقدره وأحترمه وأتمنى أن يجري الله الخير لمصر وشعبها على يديه. لكنني أبداً لن أهتف له «بالروح بالدم نفديك يا مشير».. وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. twitter@hossamfathy66