كم يتذمر الإنسان من بعض المخلوقات التى يظن أن ليس لها نفع ، وطالما تأذى الإنسان من مخلوقات أخرى كالعقرب و الأفعى وحتى الذباب، لكن سرعان ما انتفع الإنسان من الفئران و العقارب و الآفاعى حيث استخدم بعضها فى التجارب العلمية لعلاج بعض الأمراض واستخرج من بعضها الأمصال الواقية . أما عن الكائنات الدقيقة فهى عالم منفرد و متفرد فيكفى أن مجرد لمسة رقيقة جدا لا تكاد ترى بالعين تحمل فى طياتها أعدادا لا نهائية من مخلوقات . و أى كانت هذه المخلوقات متجانسة أو متباينة فقد تكون ضارة إلى حد الموت أو تكون نافعة الى حد إنتاج ما يستطاب من أطعمة . أما تلك الكائنات المسببة للأمراض القاتلة فقد أصبحت ذات أهمية قصوى فى إنتاج الأمصال و اللقاحات التى قد توهب الصحة والشفاء و لن نبالغ فى قولنا أن البكتيريا المسئولة عن تحليل جثث الموتى تساهم بالنصيب الأكبر فى التوازن على سطح الأرض من حيث فناء الموتى و إعادة العناصر المكونة لجسم الإنسان إلى التربة مرة أخرى أما عن خلق الله للأرض من حيث أنها كرة معلقة فى الفضاء، تدور حول نفسها مرة كل يوم، فينتج الليل و النهار و تدور حول الشمس مرة كل عام فينتج عن ذلك الفصول الأربعة مما يترتب عليه زيادة الجزء الصالح للسكن ، كما يزيد من تنوع النباتات على سطحها. و لو سكنت الأرض لأنقرضت الحياة على أجزاء كثيرة منها و ربما انقرضت الحياة بكاملها . كما أنه يحيط بالأرض غلاف غازى يشتمل على الغازات اللازمة للحياة بنسب ثابتة لو عدا بعضها على بعض لأدى ذلك إلى اضطراب الحياة، و على سبيل المثال لو زاد مقدار الأكسجين عن نسبته لأنتشرت الحرائق .أيضا" تحتوى التربة الأرضية على العناصر التى يمتصها النبات ويحولها إلى أنواع مختلفة من الطعام ، و أيضا فيها كثير من المعادن ، مما هيئ لقيام الحضارات عليها . وأما حجم الأرض فإنه صغير إذا قيس بحجم الفضاء حولها ، لكنها لو صغرت بحجم القمر لعجزت عن الإحتفاظ بالغلاف الجوى و المائى الذين يحيطان بها ،ولضعفت جاذبيتها، و لصارت درجة الحرارة فيها بالغة البرودة إلى حد الموت.أما لو تضاعف قطرها الحالى ، لزادت جاذبيتها للأجسام إلى الضعف مما هى عليه الآن .ولأدى ذلك لانكماش الغلاف الغازى الذى يحيط بها و يحفظها من الشهب و لزاد الضغط الجوى ،مما يترتب عليه تضاؤل حجم جسم الإنسان حتى يصير فى حجم السنجاب و لتعذرت حياته الفكرية. و من حيث بعد المسافة بين الأرض و الشمس ،فإنه لو بعدت الأرض عن الشمس ضعف بعدها الحالى لنقصت كمية الحرارة التى تتلقاها إلى ربع كميتها، ولطالت دورتها حول الشمس ، و لنتج عن ذلك طول فصل الشتاء على سطحها و لتجمدت الكائنات الحية اما لو نقصت المسافة إلى نصف ما هى عليه الآن لكان الأمر على العكس، إذ يقصر زمن الشتاء و تزداد الحرارة لدرجة تستحيل معها الحياة. وأما عن القشرة الأرضية ،فلو كانت أكثر سمكا لما وجد الأكسجين ،إذ أن القشرة الأرضية سوف تمتصه و بدونه لا تدوم الحياة و لو زاد عمق االمحيطات و البحار بضعة أقدام لأنجذب ثانى أكسيد الكربون و الأكسجين حتى يمتصهما الماء و لأستحال وجود النبات فضلا عن وجود حياة حيث أن استمرار الحياة مرتبط إرتباطا وثيقا" بأعظم عملية توازن على سطح الكرة الأرضية ألا و هى عملية التمثيل الضوئى ، تلك التى يقوم بها النبات حيث يستهلك ثانى أكسيد الكربون و ينتج الأكسجين فى نفس الوقت الذى يستنشق الإنسان و الحيوان ذلك الأكسجين ويخرج ثانى اكسيد الكربون و هكذا يمكن للحياة أن تستمر إلى ما شاء الله سبحانه الحكيم القدير.